بدأت التحضيرات الأمنية على جانبي الطريق الدولي “أم-4” شرقي الفرات شمال شرقي سوريا تمهيداً لافتتاحه أمام حركة المدنيين، الاثنين، وذلك بحماية روسية-تركية.
ومن المفترض أن تنسحب قوات سوريا الديموقراطية “قسد” وقوات النظام نحو مناطق جنوبي الطريق بمسافة 2 كيلومتر على الأقل في منطقة التماس مع فصائل المعارضة السورية والتي ستفعل المثل، وتنسحب شمالاً بمسافة مشابهة.
وكالات فصائل المعارضة المدعومة من تركيا قد سيطرت في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2019 على أجزاء من الطريق “أم-4” في منطقة تل تمر شمال محافظة الحسكة، ومنطقة عين عيسى شمالي محافظة الرقة في إطار عملية “نبع السلام” التي أطلقها الجيشان، التركي و”الوطني السوري” ضد “قسد”.
يمثل الطريق “أم-4” شمال شرقي سوريا بالنسبة للمعارضة هدفاً استراتيجياً منذ أن أطلقت مع الجيش التركي عملية “نبع السلام”. وتبدو أهمية الطريق في كونه يؤمن لها الإشراف على أهم طرق المواصلات التي تصل الحواضر الكردية في الشمال السوري وبالتالي تقطيع أوصالها، والسيطرة على الطريق أو أجزاء منه تحرم النظام السوري من شريان حيوي يصل مناطق الجزيرة بحلب، كما أن السيطرة عليه تسهم في خلق فرصة للتفاوض على ملفات أخرى، ومنها إدلب.
خريطة السيطرة على “أم-4″ بين الفصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام و”قسد” من جهة ثانية لم تتغير منذ بداية 2019 على الرغم من وقوع مواجهات وقصف متبادل في محاور متفرقة في خطوط التماس جنوبي منطقة “نبع السلام”.
مسؤولون في “الإدارة الذاتية” التابعة ل”قسد”، قالوا إن الطريق “أم-4” سيعود للعمل مجدداً بضمانة روسية. ونقلت وكالة “نورث برس” التابعة للإدارة الذاتية عن الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في إقليم الفرات، محمد شاهين أن “الطريق الدولي سيعاد فتحه أمام حركة المدنيين منذ الاثنين، وذلك بضمانة روسية، ورحلة يوم الاثنين ستكون تجريبية، وبمرافقة عربات للشرطة العسكرية الروسية، وذلك للتأكد من عدم استهداف العربات المدنية”.
ونقلت الوكالة عن الرئيس المشترك لمجلس تل تمر، جوان أيوب، قوله إن “الطريق سيبقى مغلقاً أمام الحركة التجارية، والقوات الروسية وعدت بإعادة فتح الطريق أمام حركة المدنيين كمرحلة أولى، وستنطلق أول رحلة في التاسعة صباحاً بدءاً من الاثنين 25 أيار، من تل تمر إلى عين عيسى، ورحلة أخرى بالعكس وفي نفس التوقيت”.
مصادر محلية في الحسكة قالت ل”المدن”، إن “قطع الطريق أم-4 تسبب بكارثة، ودفع الناس لاستخدام طرق فرعية بديلة برغم مواصفاتها السيئة وزيادة طول المسافة”. وبحسب المصادر، يعتبر “أم-4” شرياناً حيوياً في مناطق الجزيرة السورية ويصلها بحلب والساحل السوري وعودته المفترضة إلى العمل تسهل على المدنيين التنقل وتعيد تدفق الحركة التجارية والترانزيت أيضاَ، بين سوريا والعراق، وتسهم بشكل كبير في فتح الخط التجاري حلب-العراق، وفق المصادر ذاتها.
مصادر عسكرية في “الجيش الوطني” في منطقة “نبع السلام” شرقي الفرات، قالت ل”المدن”، إن “التفاهمات الروسية-التركية بدأت تطبق فعلياً على الأرض، ومسألة الطريق “أم-4″ كلٌّ متكامل، أي أنها متعلقة بشكل ما بالتفاهمات بين الطرفين في ادلب. ومن المفترض أن تشهد الفترة القادمة إعادة تشغيل كامل الطريق أمام المدنيين والحركة التجارية بضمانة طرفي الاتفاق، روسيا وتركيا، وبالتالي ربط مناطق شمال شرقي سوريا بالساحل، وهي مصلحة روسية بالدرجة الأولى وتندرج في إطار التنافس مع الولايات المتحدة الأميركية التي أعادت انتشارها في مناطق الثروة الباطنية مؤخراً”.
وأضافت المصادر أن “إعادة تشغيل الطريق أم4 يسهم إلى حد كبير في التخفيف من آثار العقوبات التي سيفرضها قانون قيصر (الاميركي) على النظام السوري، والذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في حزيران/يونيو، فمناطق الشرق السوري تعد مناطق الثروة الزراعية والباطنية وبربطها برياً بمناطق الشمال والساحل تساعد النظام على البقاء ونقل الثروات والاستفادة منها”.
ويبدأ الطريق “أم-4” عند الحدود العراقية-السورية شرقاً، عند معبر ربيعة ويمر في شمال سوريا بمدن القامشلي وتل تمر وعين عيسى ومنبج، وتسيطر “قسد” على جزء كبير منه في تلك المنطقة. يتابع الطريق نحو الباب وصولاً إلى حلب التي يندمج فيها مع الطريق “أم-5″، ومن ثم يعود لينفرد عند عقدة سراقب شمال شرقي إدلب الواقعة تحت سيطرة النظام، ويتابع الطريق نحو أريحا وجسر الشغور اللتين تسيطر عليهما المعارضة وتقعان في مناطق نفوذ “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام)، ومن ثم يدخل منطقة الساحل الواقعة تحت سيطرة النظام، ويصل إلى مدينة اللاذقية والبحر المتوسط.
إعادة تشغيل الطريق “أم-4” وفق خريطة السيطرة الحالية فيه فائدة كبيرة للنظام. غالباً ستبقى المناطق الخارجة عن سيطرته تحت تأثير أقل للعقوبات التي سيخلفها قانون قيصر، وبالتالي مرور الطرق البرية فيها سيعني بالضرورة دخول المواد والسلع التي سيحتاجها النظام، كما أن نجاح التفاهمات الروسية-التركية شرقي الفرات ستنعكس إيجاباً على التفاهم المشترك في إدلب، وتسيير الدوريات المشتركة على الطريق “أم-4”.
النجاح المفترض للدوريات المشتركة التركية-الروسية سيليه فتح الطريق أمام حركة المسافرين، وبالتالي سيتحقق الترابط الكامل بين مختلف المناطق السورية شرقاً وغرباً. في المقابل تبدو التنظيمات السلفية غير قادرة على عرقلة الدوريات ومساعي إعادة تشغيل الطريق برغم رفضها المعلن.
وتتهم التنظيمات “جبهة النصرة” بالتواطؤ مع الفصائل المعارضة والجيش التركي وحماية الدوريات. وقال أنيس الغريب، وهو قيادي في “حراس الدين” إن ” ما تقوم به الهيئة الآن من استعراض للعضلات بتسيير الأرتال الأمنية زاعمة ملاحقة المفسدين وكل ذلك في سبيل إشغال جندهم أولاً وعوام المسلمين ثانياً عن الدوريات الروسية والتنازلات القادمة كالاندماج في الجيش الوطني الذي كان يكفّره الجولاني عندما كانت مصلحته تقتضي تكفيره”.
المصدر: المدن