فواز حداد ، روائي سوري متميز، له العديد من الروايات، التي تواكب – زمنيا – الواقع السوري والمحيط العربي لسوريا على كل المستويات، قرأنا له أغلب إنتاجه.
جنود الله رواية تواكب ما حصل في العراق قبل وأثناء الاحتلال الأمريكي له، وظهور المقاومة العراقية للاحتلال، ودخول “القاعدة ” اليه ومشاركتها في الصراع، وتطورات الحالة فيه، ونشأة الدولة الاسلامية في العراق، ودور الشباب السوري والعربي في هذا الصراع، ونتائجه في العراق على كل المستويات.
تبدأ الرواية من حديث بطلها – الذي لم نعرف اسمه- المصاب بجروح ويحتاج إلى عناية طبية، والذي كان قد أنقذ من أجواء معركة ما، بجانبه بالمشفى الضابط الأمريكي جوناثان، وعراقي آخر اسمه فاضل، فاقد الذاكرة، طمنوه واخبروه انهم سيرسلونه إلى سوريا بلده ، وسيكون بخير، و ينقله سائق في عربة من العراق إلى الحدود السورية، ومن ثم إلى دمشق. صاحبنا هو المتحدث الدائم في الرواية، السائق يعرف أنه رجل مهم، فهو مزود بأوراق تسهيل حركة وتوصية من السلطات الأمريكية التي تحتل العراق منذ سنوات، يصل إلى الحدود السورية، ويجد أن التوصية وصلت إلى هناك ايضا، وتم تسهيل عبوره إلى سوريا وتوجه مباشرة إلى دمشق، وبدأت معالجته من إصاباته. في دمشق يستقبله صديق عمره “حسان”، لا يذكره تماما لكنه يحس اتجاه بألفة لا يعرف مصدرها، وتأتي إليه زوجته السابقة “نهى” وتطمئن عليه، وكذلك ابنته “ندى”، وحبيبته “سناء”، لا يذكرهم جميعا، ذهنه مشوش ولا يشعر اتجاه هؤلاء جميعا بأي مشاعر، ذاكرته فارغة. سيخرج من المشفى إلى بيته، سترعاه حبيبته سناء، ولو أنه ما زال لا يذكرها، وصديقه حسان ، الذي أراد تحمل مسؤولية إعادة تنشيط ذاكرة صديقه، وتجاوز ما أصابه بأسرع وقت.
يعود صاحبنا بتذكّره إلى شبابه في سبعينات القرن الماضي، وأنه كان وصديقه حسان طالبان في ثانوية في دمشق، وأنهما أنتميا إلى المجموعات اليسارية التي كانت تحلم بتغيير العالم، وبناء مجتمع اشتراكي عادل تسوده المساواة، كانا قريبين جدا من اليساريين الآخرين المتحزبين، سواء من كان في صف السلطة أو في المعارضة، التي سرعان ما كان مصيرها السجن والاعتقال، ومرت عليهم تطورات السنين، وما حصل مع المعسكر الاشتراكي، وسقوطه في صراعه مع المعسكر الرأسمالي، وسقوط الاتحاد السوفييتي في تجربته ضحية الاستبداد والدكتاتورية ، التي لم تبقي من الإشتراكية سوى القمع والفقر وهيمنة الحزب الواحد، وسقط الفكر اليساري معه، كما عاش صاحبنا تجربة اعتقال وسجن لمدة عام واحد. كان من نتائج تلك المرحلة أن تزوج من رفيقته في النضال نهى التي أنجبت له ولديه سامر وندى، كانت حياته أيام النضال ممتلئة ايجابية، لشعوره بدوره في إعادة بناء العالم، وتزوج عن حب، ولكن عندما سقط حلمه، تأكد من أن سيطرة الظلم والنظام الرأسمالي والحكومات المستبدة كان هو الحقيقة، وأن حلم العدالة والحياة الأفضل هي مجرد وهم ، وكان انتهاء حبه من زوجته ثمنا لهذا الوعي الجديد ، عاش معها النكد والخلاف، مما أدى إلى طلاقه منها، مع احتفاظها باولادهم. عاش صاحبنا وحسان صديقة مراجعات كبيرة لكل ما حدث معهما وفي المنطقة، لم يعودوا يؤمنون بأي عقائد وأفكار عليا ومثالية، أصبحا يؤمنان أن العالم يسير على مبدأ الهيمنة للأقوى وأن الأصل التفاوت والمصلحة، والعدل والحق هي وهم الفقراء والضعفاء والضحايا، وبدأ صاحبنا وحسان في التنظير للمتغيرات التي حصلت؛ حسان يتحدث عن العولمة وانتصار الرأسمالية وتحليل العلاقات الدولية، وشبكات الهيمنة العالمية، لفت نظر دوائر السلطة والاستخبارات، ووظفته محللّا عندها، صار قريبا من دائرة السلطة و المتنفذين فيها، أما صاحبنا فقد وجد أن سقوط المعسكر الاشتراكي وانتصار الرأسمالية، قد فتح الباب لعودة التيار الإسلامي ليكون بديلا دينيا ومجتمعيا، عن السلطات المستبدة المستغلة والقمعية، وردا على الرأسمالية المتوحشة التي تستغل بلادنا وشعوبنا وتستخدم الأنظمة أدوات عندها تخدم مصالحها، أشتغل صاحبنا على دراسة الجماعات الإسلامية تحليلها وتفنيدها، وأصبح كذلك قريبا من دوائر السلطة التي استفادت من دراساته في مواجهة عدوها الجديد، الجماعات الاسلامية. استمرت الحياة بروتينها ، صاحبنا يعمل في دبي ، أولاده تحت رعاية أمهم، طليقته، وهو سيعود قريبا ويلتقي بهم، سيصله خبر من زوجته أن ابنه الذي كان يصطاف في الساحل السوري قد اختفى، وأن أمه تبحث عنه، وأن عليه أن يشارك بالبحث عن ابنه. عاد صاحبنا من دبي ليجد أن قضية ابنه أكبر مما كان يظن، فقد التقى هو وصديقه حسان بأحد ضباط المخابرات السورية، بوجود ضابط أمريكي “ميللر” ينسق بين النظام السوري والأمريكان أمنيا، وأخبر أن ابنه قد جنّد لصالح تنظيم القاعدة، وأنه في طريقه للذهاب للعراق، للالتحاق بالقاعدة هناك لمقاتلة الامريكان. علم صاحبنا من ضابط الاستخبارات، أن ابنه كان تحت المراقبة من سنوات، وأنه كان بعد حصوله على البكالوريا وعدم تمكنه من التسجيل في الجامعات السورية لانخفاض معدله في النجاح، لذلك سجل في إحدى الجامعات اللبنانية، وهناك تعرف على شباب إسلاميين جنّدوه لصالح القاعدة، وأن الأمن السوري كان يرصدهم، وأنهم تركوهم للوقت المناسب ليعتقلوهم، علم صاحبنا أن ابنه على الحدود السورية العراقية، حيث يجد من يهربهم إلى العراق، حيث يشاركوا بعمليات التفجيرات الانتحارية التي كثرت، وكانت تنتهي بكثير من الضحايا وخاصة من المدنيين الأبرياء. طلب من صاحبنا أن يتواصل مع ابنه ويصل اليه قبل وصوله إلى العراق، صاحبنا وافق وأدرك أن ابنه سامر في ورطة، وأنه قد أذنب معه عندما تركة دون عناية كافية أدت ليكون مجندا في القاعدة، تحرك بسرعة وذهب إلى الحدود العراقية السورية، بحثا عن ابنه، لم يخبر طليقته وابنته بحقيقة الوضع، وأخبر حبيبته فقط بما ينوي عمله، على الحدود اكتشف أن ابنه قد دخل إلى العراق، وأنه ينوي القيام بعملية “استشهادية”، وانه في سباق مع الزمن للوصول إليه، ساعده الضابط الأمريكي ميللر بالحصول على وثائق واعطي صفة تاجر أمريكي. وصل بغداد وبدأ البحث، بغداد التي أصبحت مدينة أشباح ودمار وصراع متنوع، القتل والتفجير والصراع البيني، سنة وشيعة، ومحاربة الأمريكان، لا امان في بغداد إلا في المنطقة الخضراء، بشكل نسبي، حيث التحصينات وأغلب القوى الأمريكية والمراكز الحكومية هناك. تواصل مع القوى المقاومة للأمريكان على الأرض، وخاصة جماعة حزب البعث ، وأخبرهم عن مطلبه، لكنهم لم يستطيعوا أن يفيدوا بشيء، القاعدة لا تثق بأحد، وهي على عداء مع الكل، الامريكان ومجموعات المقاومة العراقية الاخرى، تعمل القاعدة لتكون هي المسيطرة الوحيدة. أدرك الواقع العراقي وتحويله لساحة حرب، وأن أهم ما يهدر به هو الإنسان، وتحت دواعي مختلفة، علم أيضا أن أي أجنبي وغريب هو أيضا هدف للأطراف المتصارعة، سواء كرهينة للمساومة ماديا، أو ليقوم عليه الحد ويقتل تحت متابعة عدسات التصوير التابعة العالم كله ، هناك عصابات تمتهن الخطف، وتبيع من تخطف لمن يحتاج له ليستخدمه لتحقيق أهداف وضعوها، وهناك “العلاس” الرجل الذي يرصد الهدف الممكن خطفه، ومن ثم يبيعه للجهة الخاطفة، ليذهب لمصيره، الذي يكون القتل على الأغلب، العراقيين عموما ضحية هذا القتل اليومي الدائم، بالهجمات المسلحة للأمريكان أو المقاومة العراقية، أو التفجيرات والعمليات الانتحارية التي تقوم بها القاعدة، و تطال حياة العشرات من الناس الفقراء الأبرياء العاديين المنتشرين بحثا عن رزقهم في الشوارع والأحياء، وسط هذا الجحيم يبحث صاحبنا عن ابنه، ويتواصل مع حبيبته عبر رسائل يحاول أن يطمئنها عن وضعه، ولا يحدد لها وقتا يعود به. لم يستطع صاحبنا الوصول لأي طرف يستطيع أن يوصله لابنه، وكان الحل أخيرا، ان يقدم نفسه لأي طرف يبيعه للقاعدة، وخاصة أنه أصبح معروفا أنه يريد أن يصل لابنه الموجود عند القاعدة ليعيده إلى سورية، ويمنعه من قتل نفسه عبر عملية انتحارية، ويساعده على ذلك مجموعة مقاومة عراقية وتعمل لتسليمه لطرف يعطيه للقاعدة، لكن العلاس يرصده ويبيعه للخاطفين، الذين يبيعونه لمجموعة تريد الإعلان عن نفسها عبر عملية نوعية قد تكون بقتل صاحبنا الذي يحمل جواز سفر أمريكي، لكن القاعدة كانت قد علمت بأمره وبحثت عنه، ووصلت إلى خاطفيه وقتلتهم، واخذته هي، كانت القاعدة وابنه بالذات قد علم بمجيئ والده بحثا عنه، وارسل من يطلب منه العودة، فقد انقطع ما بينهما، الأب اليساري الغير متدين والملحد، متناقض مع الابن الذي اكتشف إيمانه وأعلن التحاقه بالجهاد مع القاعدة وينتظر أن يصبح شهيدا، الابن الذي تشرب أفكار القاعدة وأصبح واحدا من قياداتها، واوكل اليه قيادة القاعدة في سورية. تعامل عناصر القاعدة الذين خطفوه معه بالحسنى، وانتقلوا به إلى مناطق هيمنتهم، ليصل إلى ابنه، والتقى أثناء أخذه لابنه “بالزرقاوي” القيادي المعروف للقاعدة في العراق، والذي أعلن عن وجود تنظيم الدولة الاسلامية في العراق، الشخص الذي وضعت أمريكا ثمنا للوصول له ٢٥ مليون دولار. حدثه عن الجهاد وعن ضرورته، وعن ابنه الذي أصبح اسمه أبو عبد السوري، وأنه أخطأ في مجيئه لأخذ ابنه، فابنه لم يعد ينتمي له، يناقشه عن هذا الجهاد الذي يقتل الناس، ولا يفرق بين أمريكي وعراقي، ولا بين بريء ومذنب، قدم الزرقاوي فتواه عن ضرورة الجهاد واولويته، وعن شرعية وقوع ضحايا فهو صراع للانتصار للوصول للحق، وبرر ما يفعل بما يقوم به الأمريكان، من قتل وتدمير وتشريد، ناهيك عن احتلال العراق نفسه، أما قتل المسلمين المختلفين عنهم، فهم مرتدين أو روافض، قتلهم واجب، لتطهير الاسلام ممّن يزيّفه، عند الزرقاوي كل الاجوبة التي تبرر شرعية ما يفعل، يكاد يعتبر نفسه صوت الله على الارض. وبالنسبة لابنه فقد اقترح عليه عدم اللقاء به، فلم يعد ابنه ولم يعد أباه، ولن يستجيب له ولن يعود معه، ومع إصرار صاحبنا على مقابلة ابنه، بعث معه من يوصله اليه، ابنه عبد الله السوري، أصبح قائدا لقطاع معين، ينتمي قلبا وقالبا للقاعدة والجهاد، مسؤول عن العمليات “الاستشهادية”، في كل يوم يأتيه متطوعون جدد للقيام بالعمليات الانتحارية، لكل أسبابه، من قتلت عائلته ويريد الانتقام، من غسل دماغه وأصبح يحلم بالجنة وما فيها من نعيم، المتطوعين ينتظرون دورهم، انهم أكثر عددا من العمليات وتجهيزاتها، صاحبنا شاهد كل هذا، واعتبره جنونا، وفهما خاطئا للإسلام، صحيح أنه غير مؤمن، يؤمن بالعقل والعلم، عاش مشاعر مترددة تجاه الإيمان، فبعض الأحيان كان مستهتر به ويفكر عقليا بوجودنا كبشر عبثا ، وموتنا لا معنى له، لكنه في لحظات التهديد الوجودي عليه، عندما يقررون موته، يعود إليه ايمانه، يكتشف أنه لم يغادره اصلا، يفاجأ من نفسه، شجاعة الإلحاد، العودة السريعة للايمان، الخوف من الموت، بقي مضطربا تجاه الله، لكنه كان يكتشف نفسه أنه يحتاج له وهو في أضيق حالاته، ويدرك أن ما يعيشه الناس في العراق لعبة الموت المتبادل، بغض النظر عن حقائق العقائد، وكلهم يخدمون الامريكان وقلة من المتنفذين في العراق. وصل صاحبنا لابنه وجده قد كبر واكتسب شخصية جديدة مطمئنة لإيمانها وأعمالها، قدوة لغيره، تناقش معه، وطلب منه إعادة التفكير بما يعمل، وأن يترك كل هذا ويعود معه لسورية، منقذا لنفسه وروحه، لكن ابنه كان قد قطع مع ماضيه وعائلته وصار مسكونا بما يعمل كدور رسالي، كفّر والده، برر ما يفعل من جهاد وقتال وقتل، بأنه رسالة الإسلام في الحياة كما يفهم، وبرر العنف الذي يقومون به، بالعنف الذي يقوم به الامريكان والأطراف الأخرى المتصارعة معهم على ارض العراق، تعرف على الكثيرين ممن جاء ليستشهد، البعض سكنته الفكرة ، هاجس منقذ له، والبعض متردد، والكل يعيد ابنه صياغته وتشجيعه وارساله الى الموت بعمل انتحاري. هكذا تكتمل دورة القتل والقتال والصراع في العراق، الذي دمرت بناه وقتل وشرد شعبه، وتأسس الصراع بين مكوناته ، الذي سيستمر لعشرات السنين القادمة. قرر صاحبنا العودة إلى سورية بعد أن يأس من إقناع ولده وبعد أن تأكد أنه خسره نهائيا ومنذ زمن طويل. وفي يوم ما يهاجم الامريكان موقعهم من الجو والأرض، يقتل الأغلب، ويهرب البعض، ويصاب صاحبنا وينقذه ابنه . في مسار آخر موازي ومتشابك بالأحداث سنتابع ما قام به الضابط الأمريكي ميللر، الذي جاء ليحقق بما يحصل في العراق ويساعد صاحبنا للوصول إلى ابنه، سنعرف حقيقة الوجود الأمريكي المستعمر، وتنوع أدواره بغض النظر عن قناعة كل منهم الشخصية ، ميللر الذي يريد أن تحقق أمريكا مصالحها بأقل نسبة من الأخطاء، أما جوناثان الضابط الآخر فقد اقتنع بأنها حرب غير شرعية، وأنه سيتحدث عن كل ذلك عندما يعود لامريكا، ويفضح ما حصل، والقس الذي يؤمن بنبوءة قدوم المسيح إلى دمشق بعد تدميرها وتدمير بغداد وقتل شعوب المنطقة، كان يقنع الجنود بقتل كل الناس لانهم يستحقون ذلك، ويرضى الله عنهم، وكلهم منخرطون بأوامر الجيش الأمريكي و ينفذونها، ميللر سيصاب بأزمة نفسية، لقد تأكد من وجود أعمال قتل عشوائي وتمثيل بالجثث ونهب واغتصاب يقوم بها جنود امريكيون، ويمنع من إكمال تحقيقه، ومن ثم يقال انه انتحر وعاد لامريكا جسدا ليدفن هناك، جوناثان مازال يؤمن أن ما فعله الامريكان خاطئ وأنه سيكون داعية سلام، وأما القس فما زال يؤثر في الجنود ليقوموا بأعمال قتل ونهب جديدة، تحت دعوى محاربة الإرهابيين. وفي مستوى آخر سيكشف صاحبنا أن علاقة الحب التي حدثت بينه وبين سناء، التي حملت بطفله، حيث كان بينهم وصال جنسي، كان سعيدا به، وهي ايضا، طلب منها أن تحتفظ به وأنه سيعلن زواجه بها عندما يعود الى دمشق، ان عاد.
تنتهي الرواية والابن ينقذ والده ، والهجوم الأمريكي على أشده، ابنه الذي خسر زوجته حبه الوحيد، ومحاولات صاحبنا الأخيرة ان يقنعه بالعودة معه الى سورية ، ويضمن سلامته، الابن الذي يصر على قضيته، ويدعو لوالده بالإيمان، ويتركه ويغادر يلتحق بجماعته، ليجد فرصة له ليستشهد، ويدخل جنة وعد بها كثيرا من الاستشهاديين.
في تحليل الرواية نقول: إننا أمام رواية مكتوبة بحرفية فنية عالية، الحدث الروائي حاضر، والشخصيات تعبر عن نفسها ومواقفها دون تصنع أو افتعال، وتطور الأحداث فيها يعبر عن دراية كاملة بالمجال الاجتماعي السياسي الديني والتاريخي، الذي تحصل بفضائه أحداث الرواية حيث يتحرك ابطالها، وكيفية تطوير أفكارهم وسلوكهم ووصولهم لما وصلوا إليه. وكما هو الإتقان الفني في الرواية، هناك الإشباع للموضوع الذي تحاول الرواية أن توصله لنا كقرّاء، أنه رسالة الرواية. البنية السياسية والاجتماعية العربية في سوريا والعراق، التي صنعت ظاهرة صاحبنا وجيله، أزمة الحياة الزوجية المرتبطة الادعاءات الوهمية التي تنهار لاحقا، وتنهار معها الأسر، ويضيع الأولاد بين أباء وأمهات مختلفون يتصارعون بغض النظر عن طلاقهم من عدمه، ويصبح تطور شخصيات الأولاد وسلوكياتهم منعكس عن الظروف الاجتماعية المحيطة، لذلك يصبح بعضهم متدينين وقد يصلون إلى القاعدة وغيرها.
التدين في العقود الأخيرة بصفته بديلا عن العقائد الأخرى التي فشلت في حل مشاكل الحياة، من ظلم وفقر وقمع واستبداد وهيمنة للاعداء، التدين الذي تم حصوله كتعويض نفسي، أكثر منه دراسة علمية للدين، وجوده وتأثيره وتفعيله إيجابيا في الحياة، لذلك كان أغلب التدين ينعكس سلبيا على الشباب، الذين يلتحقون بالجماعات الإسلامية التي تقدم لهم حلولا أسطورية لاعقلانية، تدفعهم ان يقدمون أرواحهم برخص، هروبا من حياتهم المعاشة واعتقادا ببدائل أفضل في الجنة، كل ذلك في عالم يهيمن عليه أمريكا والغرب والأنظمة المستبدة، الذين يستخدمون كل ذلك لاستمرار مصالحهم كمستعمرين أو حكام مستبدين، ومهما كان الثمن، الاحتلال الأجنبي، القتل الجماعي، تدمير البلاد، تشريد الناس ، كل ذلك يحصل ضمن معادلة مصالح لا تهتم بالمطلق بالبشر – نحن- حياتنا ومماتنا.
رواية جنود الله تقرع جرس الإنذار،
فهل هناك من يسمع ؟!.
هل هناك من يجيب ؟!.
…٨/٨/٢٠١٨…