فى الذكرى ال 43″لاول شهداء زمن التطبيع” || سر الفلاح الذى أفسد على السادات فرحته باتفاقية السلام !!

حمادة إمام

منتصف نهار يوم الثلاثاء يوم 26 فبراير عام 1980، تلقى السادات اتصال تليفونى من وزير داخليته فى ذلك الوقت النبوى اسماعيل نصه كالتالى

وزير الداخلية: «حتة واد فلاح من بلد اسمها أجهور تبع طوخ حاجز موظفين فى الوحدة المحلية، وبيقول إذا لم نطرد السفير الإسرائيلى ونذيع بيانا خلال 24 ساعة، هيقتل الرهاين ويقتل نفسه بالرشاش اللى معاه، ولامؤاخذة ياافندم الولد معاه ميكرفون وعمال يشتم الست هانم وكمان شتمنا كلنا»،

السادات: قلة أدب وبذاءة تبع مين ده يا نبوى؟،

النبوى: لسه مدير الأمن مكلمنى وبيقول إنه بيذيع خطب عبدالناصر ياريس،

السادات: عبدالناصر مين يا نبوى، أنت مستنى إيه، هو مش بيقول إنه هيموت نفسه، يبقى خلاص، ابعتوه لعبد الناصر بتاعه، الأشكال دى ما ينفعش معها إلا كده، ولا مستنى لما يعملوه بطل، ويطلع لنا ولد مجنون من القرية اللى جنبه واللى جنب اللى جنبه، وشوية الرعاع إياهم يطلعوا لى تانى فى الشوارع ويقولوا انتفاضة شعبية، جرا لك إيه يا نبوى، أنت مش عارف شغلك ولا إيه، حط سماعة التليفون وخليك على اتصال بى من هناك.

حط النبوى السماعة ونزل بنفسه للإشراف على تصفية الحدث، وكانت قوة أمنية هائلة موجودة بإشراف مساعده اللواء حسن أبوباشا..

…………………….

امتلأت شوارع القرية الضيقة بالقوات وبدأت المفاوضات عبر مكبرات الصوت بين وزير الداخلية ومحتجز الرهائن الذي حذر القوات من أي محاولة لاقتحام المبنى؛ لأنه وضحاياها سيكونون في عداد الموتى، وأعلن مطالبه صراحة، وكانت كالآتي: طرد السفير الإسرائيلي من مصر، وإغلاق سفارتهم عندنا، وأن يتم إعلان ذلك في بيان رسمي يبث في الإذاعة المصرية مباشرة بعدها يتم إعلان الإفراج عن الرهائن والتسليم للشرطة. ولكن وزير الداخلية أبلغ الرئيس السادات بالمطالب فسخر منها وأصدر أوامره بالتعامل معه باعتباره مجرمًا. وحاول النبوي إسماعيل إقناعه بأن يسلم نفسه مقابل عدم تقديمه للمحاكمة ولكنه عاد وكرر مطالبه الواضحة، مع إضافة توجيه سيل من السباب والشتائم إلى الرئيس السادات وزوجته ومعاونيه واتهامهم بالخيانة عبر مكبر الصوت.

استدعى وزير الداخلية النبوي إسماعيل والدة محتجز الرهائن للتوسل إلى ابنها بتسليم نفسه، ولكنه ناقش والدته بهدوء وطلب منها أن تقرأ على روحه الفاتحة، ووسط بكاء والدته رفض الاستجابة وتمسك بمطالبه فاستدعوا شيخ القرية وكان صاحب تأثير كبير عليه فيما سبق، ولكن دون جدوى. وكان رد فعل أنه أدار شريط الأغاني الوطنية والحماسية في هذه الأثناء. كان الليل قد أرخى سدوله، وأخرج من جيب “البالطو” كشاف ضوء صغيرا اطمئن به على الرهينتين المقيدتين في جانب من الغرفة، بينما فرق الأمن تحيط المبنى من كل اتجاه.

فأعطى «النبوى» أوامره لتنهال الرصاصات والقنابل من كل اتجاه على نافذة الحجرة.

وقبل أن تفيض روح كتب بدمائه على الحائط: «اطردوا السفير الإسرائيلى من القاهرة، ولتحيا مصر حرة، ولتحيا مصر عربية».. وكتب الشاعر نزار قبانى عنه: «إذا كان مجنونا فيجب أن نستحى من عقولنا، وإذا كان متخلفا عقليا فيجب أن نشك فى ذكائ

و شغلت قصته تصفيته واحتجازه للرهائن احتجاجا على التطبيع العالم كله في تلك الفترة وغطت الصحف واهتمت باخباره اكثر من تغطية خبر اعتماد السفير الاسرائيلى .لكن من هو ذلك المجنون الذى غطى خبر جنونه على خبر التطبيع بين مصر واسرائيل

هو سعد إدريس حلاوة المزارع ابن محافظة القليوبية أول من مات رفضا للتطبيع بين مصر

………………………………….

خرج الرئيس السادات من بيته منتصف نهار يوم 26فبراير مستقبلا “إلياهو بن عازر” واعتماده أول سفير إسرائيلى فى مصر بقصر عابدين،فى نفس التوقيت

خرج المواطن سعد إدريس حلاوة من منزله بقرية اجهور محافظة القليوبية حاملاً شنطة سفر كبيرة تحتوى على مدفع رشاش ومسجل صوت ومكبر صوت وتسجيلات للقرآن الكريم بصوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، وخطب لجمال عبدالناصر، وأغان وطنية بصوت عبدالحليم حافظ، واستقل “موتوسيكل متهالك” من النوع الذى يستخدمه أهالى القرية فى التنقل بينها وبين القرى المجاورة فى محافظة القليوبية، واخترق الطريق المؤدى إلى الوحدة المحلية لقرية أجهور، ووصل هناك فوجد ثلاثة من الموظفين يجلسون أمام الوحدة المحلية فى شمس الشتاء، ثم نادى سعد إدريس حلاوة على الحاج نصيف خاطر، سكرتير الوحدة المحلية فى هذا الوقت.

…………..

يخبر “سعد” الموظفين بالوحدة المحلية بأنه أحضر لمن يشترى بعض البضائع، ويتكاثر الموظفون حول الفلاح الشاب يطلبون منه أن يفتح الشنطة “للفرجة على البضائع” فيطلب هو منهم أن يدخل أولاً “دورة المياه” ليغيب داخلها أقل من دقيقة ويخرج فى يدة مدفع رشاش مصوب تجاه الجميع، ففر كل الموظفين الموجودين بالوحدة ولم يبق سوى اثنان فى حجرة مطلة على فناء الوحدة المحلية التى مازالت مكانها حتى الآن.

……………………………………..

وفى نفس التوقيت بالضبط كان السادات مع السفير الإسرائيلى “إلياهو بن عازر” فى غرفة مغلقة بقصر عابدين لمدة نصف ساعة بعيداً عن رجال الصحافة المحلية والعالمية، بعدها بثت الإذاعة المصرية تفاصيل اعتماد السفير الإسرائيلى وعندما سمع “سعد” هذه التفاصيل، أطلق وابلا من الرصاص من خلال شرفة الوحدة المحلية وبعدها أسكت الراديو ووضع شريط كاسيت لعبدالحليم حافظ، وصوب الراديو من خلال مكبر الصوت ناحية القرية حتى يعلو صوت عبدالحليم حافظ بدلا من صوت إعلان التطبيع بين مصر وإسرائيل، وأعلن أنه لن يفك اعتصامه إلا بعد طرد السفير الإسرائيلى من مصر.

ثم وقف يخطب قائلا:

بسم الله الرحمن الرحيم، يا أهالى أجهور، أنا سعد إدريس حلاوة، أنا منكم وعارفين إننى فلاح زيكم بازرع أرضى بإيدى وبعرقى، ماسبتهاش ورحت أبيع الجاموسة، أو أرهن البيت أو أستلف علشان أشترى تذكرة سفر أو عقد مزور فى ليبيا أو السعودية، كل واحد فيك عارفنى وعارف بيتى وعارف عيلتى، عارفنى وعارف أخلاقى، وعارف إنى وارث من المرحوم والدى ثلاثة فدادين، وعايش فى حالى ومستور والحمد لله، يعنى مش محتاج، لكن العار والمهانة اللى بيتعرض لها شرفنا النهاردة، تخلينا ما نلبس طرح الستات ونسكت، أو نخاف على بيت أو جاموسة أو زرعة، تخلينا لازم نتحرك، لازم ندافع عن شرفنا بدمنا، لازمتها إيه العيشة وشرفنا بينداس وينباع قدام عنينا، مصر هى شرفنا، مش هى الخديوى السادات وحاشيته علشان يبيعها للصهاينة والأمريكان، مصر هى أنتم وأنا وكل الشعب الشقيان اللى الخديوى لاهيه فى الجرى ورا لقمة عيشه، علشان هو وعصابته يعرفوا يبيعوها ويقبضوا وينهبوا كويس، يا أهالى أجهور النهادرة 26 فبراير 1980، والنهاردة بالذات السادات فتح لإسرائيل سفارة فى الدقى، ورفعوا عليها علمهم، رفعوه يدنس أرض مصر وسماها».

هكذا خاطب سعد إدريس حلاوة أهل بلدته «أجهور الكبرى» مركز طوخ، محافظة القليوبية، حسبما يذكر الكاتب الصحفى شفيق أحمد على فى كتابه «من الملف السرى للسادات والتطبيع: عملية اغتيال سعد حلاوة»، «طبعة خاصة_القاهرة»، وذلك بعد أن تجمعوا حول مبنى الوحدة المحلية للقرية فور أن شاع فيها خبر سيطرة سعد على المبنى، ووجوده فى حجرة بالدورالثانى فيه ومعه رشاش ويحتجز اثنين من الموظفين.

لم يدر أهل «أجهور» وهى واحدة من أكبر قرى مركز طوخ، لماذا أقدم سعد على هذا؟،

المصدر: صفحة حمادة إمام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى