موسكو تحضّر لاجتماع لوزراء الخارجية الروسي والتركي والسوري والإيراني

هبة محمد

في سياق السياسة التركية الرامية إلى تغيير موقفها وكسر الجليد في العلاقات مع النظام في دمشق، ومحاولة إيجاد آلية فعالة لبناء الثقة بهدف اجتياز مرحلة انتخابية صعبة، وتنفيس حنق الناخبين الأتراك وسط أزمة اقتصادية خانقة تسود في البلاد، تستعد أنقرة لحضور اجتماع يضم وزراء خارجية تركيا والنظام السوري وإيران وروسيا لمواصلة مسار تطبيع العلاقات السياسية مع النظام السوري الذي يحاول كسر العزلة السياسية المفروضة عليه منذ سنوات وذلك حسب وسائل إعلام روسية رسمية.

تزامناً، وفي سياق التطبيع مع النظام، وصل عدد من رؤساء البرلمانات العربية المشاركين في مؤتمر البرلمان العربي في بغداد، إلى العاصمة السورية دمشق، للتأكيد على مواقف بلادهم من دعم والوقوف إلى جانب “محنة الشعب السوري”.

وقالت وسائل إعلام النظام الرسمية، إن رأس النظام بشار الأسد استقبل الأحد وفداً من الاتحاد البرلماني العربي المشارك في مؤتمر الاتحاد، والذي اختتم أعماله أول أمس في بغداد.

ويضم الوفد رئيس الاتحاد محمد الحلبوسي ورؤساء مجلس النواب في الإمارات العربية المتحدة والأردن وفلسطين وليبيا ومصر، إضافة إلى رؤساء وفدي سلطنة عُمان ولبنان، والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي.

في موازاة ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إن “وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران يرتبون لعقد اجتماع” في موسكو.

وفي مقابلة متلفزة أجريت معه الأحد نقلت وكالة رويترز عن بوغدانوف قوله “يوجد على جدول الأعمال الآن تنظيم اجتماع رباعي لمسؤولي الشؤون الخارجية”، مضيفاً أن “الاستعدادات جارية له”، من دون أن يحدد زمان الاجتماع والتفاصيل المتعلقة به. وتأتي تصريحات بوغدانوف في ظل خطوات اتخذتها تركيا للتقارب مع النظام السوري، بعد لقاء عقد في موسكو نهاية شهر ديسمبر /كانون الأول الماضي، بين رؤساء وزارات الدفاع في روسيا وسوريا وتركيا، والتي ناقشوا خلالها سبل حل الأزمة السورية، ومشكلة اللاجئين، والجهود المشتركة “لمحاربة الجماعات المتطرفة في سوريا”. ونتيجة للاجتماع نوه الطرفان إلى أهمية الحوار وضرورة مواصلته من أجل زيادة استقرار الوضع في سوريا والمنطقة ككل.

وكانت قد أعلنت وزارة الخارجية الروسية مطلع شهر شباط الجاري، عن اجتماع «مرتقب» على مستوى الوفود العسكرية لسورية وروسيا وتركيا خلال الشهر الجاري

مصدر لصحيفة الوطن السورية قال وقتئذ إن اللقاء المرتقب بخصوص الوفود العسكرية سيجري في شهر فبراير /شباط الجاري، وكشف أنه وفقاً لنتائج هذا اللقاء سيتم تحديد ما إذا كانت ستجري لقاءات سياسية لاحقة أم لا، واصفاً اللقاء العسكري المرتقب بالمهم جداً لجهة تحديد مصير مسارات التقارب المستقبلية بين سورية وتركيا.

وللحديث عن دلالات هذه الاجتماعات وأولويات ومطالب كل طرف في مسار التقارب؟ والنتائج المتوقعة؟ يقول الباحث في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” أيمن الدسوقي إنه ليس بالضرورة أن يؤشر تعدد هذه الاجتماعات إلى تقارب وجهات النظر بين الجانبين، إذ يمكن اعتبارها اجتماعات تمهيدية وغايتها مواصلة كسر الجليد وبناء الثقة بين الجانبين، واستكشاف مدى إمكانية صياغة جدول أعمال متوافق بينهما يؤسس لمرحلة متقدمة من التفاوض والعلاقات، في حال توافرت الإرادة السياسية والبيئة المواتية.

وأبدى المتحدث لـ “القدس العربي” عن اعتقاده أن المقاربة التركية للحديث مع النظام السوري تتسق مع توجه أنقرة لتقليل الأعداء، واستكشاف مساحات المصالح المشتركة مجدداً مع دول المنطقة ضمن ديناميكية إقليمية أوسع بهذا الصدد، دونما تجاهل الاعتبارات الداخلية الضاغطة مع اقتراب موعد الانتخابات التركية، وإخراج الورقة السورية من يد المعارضة التركية.

وقال الدسوقي: إن النظام السوري وصل لمرحلة من الاستنزاف ويعاني ضغوطاً تضطره للتواصل مع تركيا، تحقيقاً لغايات اقتصادية في ظل ما يعانيه من أزمات خانقة، والتلويح بالورقة التركية كمواز أمام حليفيه الإيراني والروسي، واستثماراً لها في العلاقة مع دول الخليج العربي ليحصل منهم على تنازلات تعزز موقفه العام، وتوظيفاً لهذا المسار لكسر العزلة السياسية المفروضة عليه.

وقال: لا أعتقد أن هنالك إمكانية لحدوث اختراق كبير في العلاقة بين الجانبين في المدى القريب، فلكل منهما أولويات ومصالح متباينة، دونما نسيان عبء التاريخ المثقل بالعداء بين القادة، إلى جانب تأثيرات إقليمية ودولية لا يمكن تجاهلها، ليكون الانتظار سيد الموقف لحين معرفة ما ستتمخض عنه الانتخابات التركية، ولا يلغي ذلك إمكانية حدوث تفاهمات وإجراءات صغيرة بين الطرفين في مسائل ذات صلة بتفاهمات سوتشي المتفق عليها، أو موجهة ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

وفي مطلع شهر شباط الجاري، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن التوصل إلى اتفاق حول مشاركة إيران في عملية التطبيع التركي مع النظام السوري التي ترعاها موسكو. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في موسكو إنه “جرى التوصل الآن إلى اتفاق من حيث المبدأ على مشاركة إيران في هذا العمل”.

واعتبر لافروف أنه من المنطقي أن ترافق روسيا وإيران المزيد من الاتصالات لتعزيز تطبيع العلاقات التركية مع النظام السوري. مضيفاً “أما بالنسبة للتوقيت، والأشكال المحددة للمشاركة، سواء كان على مستوى الجيش، أو على مستوى الدبلوماسيين، فيتم العمل على هذا”.

 

المصدر: «القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى