تقييد تأشيرات عسكريين وتجميد أصول حلفاء بوتين والأنشطة المصرفية وصناعة الأسلحة تحت المجهر ورسائل حادة لإيران وبكين.
أحيت واشنطن الذكرى الأولى للهجوم الروسي على أوكرانيا، الجمعة، بتقديم أسلحة بقيمة ملياري دولار لكييف وفرض عقوبات جديدة على روسيا بهدف إضعاف قدرة موسكو على مواصلة الحرب.
وكشفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن النقاب عن العقوبات في الوقت الذي اجتمعت فيه مجموعة الدول السبع الثرية والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأكثر من ساعة لمناقشة زيادة المساعدات.
قادة وحلفاء بوتين في مرمى العقوبات
ومن بين الإجراءات وضع قيود على تأشيرات العسكريين الروس، وتجميد أصول حلفاء الرئيس فلاديمير بوتين، وحظر واردات الألومنيوم من روسيا، وفرض قيود على الأنشطة المصرفية وصناعة الأسلحة الروسية، وإدراج شركة ميجافون، ثاني أكبر شركة للهواتف المحمولة في البلاد على قائمة تجارية سوداء، فيما ذكر مسؤولون أميركيون إن إجراءات إضافية قد تفرض لاحقاً.
كما بعثت الإدارة برسالة إلى الصين ودول أخرى مفادها أنه لا ينبغي لهم محاولة مساعدة روسيا في التهرب من العقوبات.
وقال البيت الأبيض “سنفرض عقوبات على أطراف أخرى مرتبطة بصناعة الدفاع والتكنولوجيا الروسية، بينها أطراف ضالعة في إعادة تزويد المخازن الروسية بالمواد الخاضعة للعقوبات أو تمكين روسيا من التهرب من العقوبات”.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين إن الولايات المتحدة تشتبه في أن إيران التي تخضع للعقوبات الأميركية تزود روسيا بطائرات مقاتلة. فيما لم يقدم أدلة.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لشبكة (إم إس إن بي سي) التلفزيونية “لقد كنا واضحين منذ البداية مع الصين ومع دول أخرى بشأن أن تقديم دعم مادي لروسيا في تجنب العقوبات سيؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية”.
بايدن يرجئ إرسال “طائرات إف-16”
ولم تصل المساعدات لأوكرانيا لحد تقديم طائرات إف-16 المقاتلة التي طلبتها كييف ويثير بعض المسؤولين الأميركيين الشكوك حول قدرة مثل هذه الإجراءات على إبطاء الأعمال العدائية المتزايدة في ساحة المعركة قبل هجوم الربيع المتوقع.
فيما أعلن قال الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة أجرتها معه قناة (أيه بي سي نيوز)، الجمعة، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يحتاج إلى “طائرات إف-16” حالياً، مستبعداً إرسال مثل هذه المقاتلات إلى كييف في الوقت الراهن. وفقاً لرويترز.
ولم يصدر رد فوري من موسكو التي وصفت هجومها العسكري على أوكرانيا بأنه “عملية عسكرية خاصة” وفرضت عقوباتها الخاصة على بعض الدول الغربية واتهمت واشنطن وآخرين بقيادة حملة عالمية لتدمير روسيا.
عقوبات جديدة
ومن بين الخطوات الجديدة، خطط حلفاء مجموعة السبع لتشكيل “آلية تنسيق” لإنفاذ العقوبات برئاسة الولايات المتحدة في البداية لمواجهة المحاولات الروسية للتحايل على العقوبات.
وبعد اجتماع مجموعة السبع أصدر القادة بيانا بشأن “الدعم الثابت لأوكرانيا مهما يستغرق الأمر” بما في ذلك فرض مزيد من العقوبات المحتملة.
لكن مصادر دبلوماسية قالت لرويترز إن دول الاتحاد الأوروبي ما زالت تكافح للتغلب على الخلافات الداخلية بشأن مجموعة جديدة من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا. وكان من المقرر أن يقوموا بمحاولة جديدة اليوم الجمعة بعد أن انتهت المحادثات بالفشل في وقت متأخر أمس الخميس.
وزراء وحكام روس على قائمة سوداء
وشملت عقوبات وزارة الخارجية الأميركية وزراء في الحكومة الروسية وعشرات من حكام الولايات ورؤساء المناطق. وكان من بين المستهدفين أولجا سكابييفا، مقدمة البرامج الدعائية البارزة في التلفزيون الحكومي، وأوليج رومانينكو الذي تم تعيينه للإشراف على محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا بعد أن استولت عليها القوات الروسية في وقت مبكر من الحرب في مارس آذار الماضي.
وطاولت الإجراءات الجديدة التي اتخذتها وزارة الخزانة الأميركية 22 فردا روسيا و83 كيانا لتضاف إلى أكثر من 2500 عقوبة فرضت خلال العام الماضي.
كما ستفرض رسوم جمركية أميركية متزايدة على أكثر من 100 معدن ومادة معدنية ومنتجات كيماوية روسية قيمتها نحو 2.8 مليار دولار.
العقوبات الأميركية تطاول حلفاء بوتين
وأضرت جولات متعددة من العقوبات الغربية بالاقتصاد الروسي، لكن ما زال بإمكان بوتين تمويل حربه. ودفع ذلك المسؤولين إلى تعزيز تركيزهم على الأطراف الثالثة التي تساعد روسيا في التحايل على العقوبات.
وشملت عقوبات وزارة الخزانة أكثر من 30 شخصا وشركة من سويسرا وألمانيا ودول أخرى بتهمة مساعدة موسكو في تمويل حربها ضد أوكرانيا.
في الوقت نفسه، تفرض وزارة التجارة قيودا على نحو 90 شركة تتبع روسيا ودولا ثالثة بينها الصين لضلوعها في التهرب من العقوبات لدعم قطاع الدفاع الروسي.
وحذرت واشنطن دون أن تقدم أدلة من أن الصين تدرس تقديم أسلحة لروسيا. وتقول الصين إن تقديم مزيد من الأسلحة يذكي الصراع.
مساعدات أميركية إضافية لأوكرانيا
فيما منحت واشنطن المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة لأوكرانيا، الجمعة، مزيداً من الذخيرة لأنظمة هيمارس الصاروخية وعددا من أنواع مختلفة من الطائرات المسيرة مثل سويتش بليد وسايبر لاكس كيه8.
كما خططت الولايات المتحدة للإعلان عن مساعدات بقيمة 250 مليون دولار لدعم البنية التحتية للطاقة بأوكرانيا في مواجهة الهجمات الروسية. وستحصل مولدوفا المجاورة لأوكرانيا على 300 مليون دولار للمساعدة في التخلص من الاعتماد على الطاقة الروسية.
وقالت وزارة الدفاع إن إدارة بايدن التزمت بأكثر من 32 مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا خلال العام الماضي تضمنت 8500 من أنظمة جافلين المضادة للدروع و38 من أنظمة هيمارس.
حزمة عقوبات أوروبية عاشرة على روسيا
في السياق أعلن مسؤولو الاتحاد الأوروبي، مساء الجمعة فرض حزمة عاشرة من العقوبات على موسكو وشركات إيرانية متهمة بتزويدها طائرات مسيرة، بحسب ما أعلنت الرئاسة السويدية للتكتل. وفقا لما أورد وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت الرئاسة السويدية في حسابها على تويتر “مر عام على الغزو الروسي الوحشي وغير القانوني لأوكرانيا. اليوم، وافق الاتحاد الأوروبي على حزمة عاشرة من العقوبات تتضمن خصوصاً قيوداً أكثر صرامة في مجال تصدير تكنولوجيات وسلع مزدوجة الاستخدام، وتدابير تقييدية محددة الأهداف ضد الأفراد والكيانات الذين يدعمون الحرب أو ينشرون الدعاية أو يسلمون طائرات مسيرة استخدمتها روسيا في الحرب، وإجراءات ضد التضليل الإعلامي الروسي”.
وأقرت هذه الحزمة الجديدة من العقوبات بعدما رفعت بولند في نهاية المساء تحفظاتها عليها، إذ إن وارسو سعت لأن تكون العقوبات أكثر شدة بكثير لكن مسعاها باء بالفشل.
وخلال زيارته إلى كييف لتسليمها أول دفعة من دبابات ليوبارد-2 الألمانية، وصف رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي هذه الحزمة الجديدة من العقوبات بأنها “رخوة للغاية وضعيفة للغاية”.
وأكد عدد من الدبلوماسيين لوكالة الصحافة الفرنسية أن “بولندا لم تحصل على شيء”.
وقال أحدهم “لقد أصدرت بياناً من جانب واحد حول ما تريده من حزمة العقوبات التالية”.
وبحسب مصادر دبلوماسية فإن هذه الحزمة العاشرة من العقويات تفرض خصوصاً قيوداً جديدة على صادرات أوروبية إلى روسيا بقيمة 11 مليار يورو وتجمد أصول ثلاثة بنوك روسية والعديد من الكيانات، بما في ذلك شركات إيرانية متهمة بتزويد موسكو طائرات مسيرة.
وتضم القائمة 120 اسماً، لكنها ستظل سرية إلى أن تُنشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.
دبلوماسيو 30 دولة في وقفة تضامنية
وشارك دبلوماسيون يمثلون حوالى 30 دولة، الجمعة، في وقفة تضامنية مع كييف أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف خلال الذكرى الأولى لبدء القوات الروسية الهجوم على أوكرانيا.
وفي ظل التمثال العملاق للكرسي الخشبي المسكورة ساقه والذي يرمز إلى ويلات الحرب، وقف الدبلوماسيون إلى جانب سفيرة أوكرانيا لدى الأمم المتحدة يفهينيا فيليبينكو.
وانضم إليهم في هذه الوقفة التضامية مئات المتظاهرين الذين رفرف فوقهم علمان أوكرانيان كبيران باللونين الأصفر والأزرق.
وأقيمت هذه الفعالية أمام “قصر الأمم” حيث ستنطلق الإثنين الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان والتي ستبحث بصورة مستفيضة الوضع في أوكرانيا.
وأقيمت فعاليات مماثلة في مدن سويسرية أخرى في مقدمها العاصمة الفيدرالية برن ولوزان.
وخلال الوقفة التي نظمت أمام مقر المنظمة الدولية في جنيف أدت السوبرانو داريا ميكولينكو النشيد الوطني الأوكراني وهي تلوح بعلم بلادها.
وقالت السفيرة الأوكرانية أمام الحشد “لقد كانت سنة لا توصف من المعاناة لملايين الأوكرانيين ولأناس في جميع أنحاء العالم شعروا بتداعيات العدوان الروسي”.
وأضافت على وقع تصفيق الحضور “نأمل حقاً أن يكون هذا العام عام انتصار القانون الدولي والعدالة والسلام وعام انتصار أوكرانيا”.
وفي تصريح للصحافيين، أعربت السفيرة الأوكرانية عن “الأمل في مساعدة العالم لهم على الانتصار وهزيمة المعتدي وتحقيق السلام”.
وأضافت “يمكن للعالم أن يعرف حقيقة ما يرتكبه الجيش الروسي في أوكرانيا من قتل واعتقالات تعسفية واغتصاب”.
ومن بين الدبلوماسيين الذين شاركوا في الوقفة، السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيروم بونافون والمندوبة الأميركية لدى مجلس حقوق الإنسان ميشيل تايلور والسفير البريطاني سايمون مانلي.
وقال الدبلوماسي البريطاني إن هذا التجمع هو دليل على أن “نضال أوكرانيا في سبيل الحرية هو نضال في سبيل حريتنا جميعاً”.
سفن موسكو تتزايد في البحر الأسود
في السياق، قال الجيش الأوكراني إن روسيا ضاعفت عدد السفن العاملة في البحر الأسود، الجمعة، وتوقع أن يكون هذا استعداداً لمزيد من الضربات الصاروخية.
وتطلق البحرية الروسية على نحو متكرر صواريخ من أسطولها في البحر الأسود في إطار مسعى موسكو لاستهداف البنية التحتية الحيوية الأوكرانية ومنشآت توليد الطاقة.
وقالت القيادة العسكرية في المنطقة الجنوبية في تحديث على فيسبوك “تضاعف أسطول السفن الحربية في البحر الأسود مقارنة صباح الجمعة. الآن يوجد ثماني سفن”. بحسب رويترز.
وأضافت أن ذلك “قد يشير إلى أن هجوما صاروخيا وضربات بطائرات مسيرة قيد الإعداد”.
وأوضحت أن إحدى السفن فرقاطة مسلحة بثمانية صواريخ من طراز كاليبر.
وكانت أوكرانيا قالت السبت الماضي إن روسيا أطلقت أربعة صواريخ من طراز كاليبر من البحر الأسود، تم إسقاط اثنين منها.
ويتمركز أسطول روسيا في البحر الأسود في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو في عام 2014.
عام النصر
وعلى أصداء العقوبات ووقع تدفق السلاح إلى أوكرانيا أكدت كييف، الجمعة، أنها “ستفعل كل شيء لتحقيق النصر هذه السنة”، بينما تسلمت الدبابات الغربية الأولى.
في المقابل، أعلن الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف الجمعة، أيضا أن موسكو “ستنتصر” في أوكرانيا، مؤكداً أن بلاده على استعداد للمضي حتى حدود بولندا.
من جانبه حدد فولوديمير زيلينسكي هدف هزيمة موسكو “هذا العام”. وقال في مؤتمر صحافي، في أثناء الذكرى الأولى للحرب الروسية، “إذا وفى الشركاء بوعودهم واحترموا المهل، فإن انتصاراً محتماً ينتظرنا. أريد حقاً أن يحصل ذلك هذا العام”.
وأضاف “إذا أراد الجنرال (ورئيس الأركان الأميركي مارك) ميلي أن نصد العدو بسرعة أكبر، عليه الإسراع في تسليم الأسلحة”.
جاء ذلك فيما أعلن رئيس الحكومة البولندية ماتيوش مورافيتسكي الذي يزور كييف، وصول أول أربع دبابات قتالية من طراز “ليوبارد 2” إلى أوكرانيا، مضيفاً أن دبابات أخرى ستصل “في غضون أيام قليلة”.
وأشار إلى أن بولندا “مستعدة” لتدريب طيارين أوكرانيين على طائرات “اف 16” الأميركية، التي تطلب أوكرانيا الحصول عليها من دون جدوى منذ أشهر.
بدوره، أعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، الجمعة، أن بلاده تحضر هجوماً مضاداً. وكتب ريزنيكوف على فيسبوك “سنشن ضربات أقوى وأبعد، في الجو، وعلى الأرض، وفي البحر، وفي الفضاء الافتراضي. سيكون هناك هجوم مضاد. نعمل بجهد للتحضير له”.
وأشار إلى أن الغرب يعتبر أوكرانيا بمثابة “درع” ضد روسيا، في وقت يضاعف الأميركيون والأوروبيون شحنات الأسلحة، كما بدأوا بإرسال الدبابات والذخيرة البعيدة المدى لمساعدة كييف في التغلب على النقص العددي بأسلحة أكثر دقة من نظيرتها لدى الروس.
المصدر: اندبندنت عربية