في سورية.. هناك من يشتري الوقت

معقل زهور عدي

لم يعد خفيا أن الحالة السورية البائسة لم يكن لها أن تمتد وتستنقع سوى برضى وتواطئ الدول الكبرى والقوى المهيمنة على مصائر المنطقة العربية. فالولايات المتحدة الأميركية أرادت اضعاف النظام وليس اسقاطه خلال الفترة السابقة كلها، وروسيا أرادت منع سقوط النظام وليس انتصاره، لذلك لم يكن غريبا أن تجد السياسة الأمريكية أن السياسة الروسية في سوريا مكملة لها ولا تعمل ضد رؤيتها ومصالحها، أليس لافتا أن يصرح ممثل وزارة الخارجية الأمريكية جيمس جيفري بضرورة خروج كافة الجيوش والميليشيات الأجنبية من سورية عدا الجيش الروسي؟ وأليس لافتا تواطؤ روسيا ورضاها عن الوجود العسكري الأمريكي شرق سورية وما يقدمه من دعم غير محدود لميليشيات البي كي كي وحلفائها؟

هذا العذاب الذي يقع على كاهل الشعب السوري في استمرار معاناته ليس صدفة، وليس محصلة بسيطة لتوازن في القوى بقدر ما هو حالة مقصودة بكل التخطيط والوعي والاصرار.

وليس صدفة أيضا ان تصب تلك الحالة لصالح اعطاء الوقت اللازم لميليشيات البي كي كي لتبني ترسانتها العسكرية ومؤسساتها الاقتصادية والمدنية وتستأثر بنصف ثروة سورية الزراعية ومعظم ثروتها النفطية عاما بعد عام حتى تصبح أمرا واقعا لا يمكن تجاهله أو العبور فوقه؟

بل ليس صدفة أن يبقى الجرح السوري مفتوحا ليهاجر من بقي في سورية أو ينزل الى أسفل درجات الفقر.

وأخيرا هل هي صدفة أن يصب كل ذلك في مصلحة اسرائيل التي لا تكتفي بتأمين حدودها الشمالية عسكريا بل تضع نصب أهدافها تأمين تلك الحدود بإزالة خطر وجود دولة سورية موحدة وقوية حتى لو أبرمت معها معاهدة سلام. فمعاهدات السلام يمكن تمزيقها في أي وقت، أما الدولة الممزقة فهي الضمان الطويل الأمد الذي لا يخشى معه من تهديدها ويكون استسلامها تحصيل حاصل.

نحن كثيرا ما ننسى أن أحد أهم محددات السياسة الأمريكية في المنطقة هو أمن اسرائيل. وربما لا نستطيع أن نفهم تماما كيف أن ذلك الهدف هو ذاته أو ما يقرب منه ما تتأثر به السياسة الروسية أيضا. لماذا ننهي الحرب في سورية؟ لماذا نساعد على احداث التغيير الذي يطلبه الشعب؟ نضعف النظام ونحاصره: نعم. ننتقده صبحا ومساء ونتباكى على الشعب ونقدم له المساعدات الانسانية نعم. حتى روسيا انضمت أيضا لنغمة انتقاد النظام المجانية. لكن اتركوا الوضع في سورية …. انسوه …أديروا وجوهكم عنه … ريثما تصبح البي كي كي أغنى وأقوى من الدولة السورية.. وريثما يهاجر من تبقى …وريثما يصبح الشعب السوري الذي كان يرفع رأسه عاليا شعبا من الشحاذين والمشردين. لكن مهلا …. فلعل القادم سيكون مختلفا …ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى