حوار || مع يسرائيل فراي *، صحفي_إسرائيلي

ترجمة د. أحمد حمّود، باريس 

[مقابلة مع يسرائيل فراي*، صحفي_إسرائيلي، نشرتها جريدة “معلومات عمالية، أنفورماسيون أوفريير” الاسبوعية اليسارية الفرنسية، العدد 744 من 16 الى 22 شباط/فبراير الجاري.]

 *”لن تحقق هذه الاحتجاجات أهدافها إذا لم يتضمن مسارها مطالب ضد الاحتلال الإسرائيلي والعنصرية”*

 *هل يمكنك تقديم نفسك؟*

يسرائيل فراي: أنا يهودي متدين، متزوج وأب لطفلين. أعيش في مدينة بني براك في وسط إسرائيل [قضاء تل أبيب]. إنها مدينة يسكنها اليهود الحريديم. عائلتي تنحدر من عائلة متدينة. تعلمت السياسة من خلال عملي كصحفي.

 *من أين يأتي تضامنكم ودعمكم للحقوق الفلسطينية؟*

كما قلت لك، أنا لست عضوا في حزب سياسي، لا يسارا ولا يمينا، لكنني أتابع الأخبار والأحداث في هذا البلد ويمكنني التمييز بين الجيد والسيئ. أستطيع أن أميّز ما إذا كان ما تفعله الحكومات الإسرائيلية مع الشعب الفلسطيني صحيحا أم خاطئا. هل يجب مصادرة أراضيهم؟ هل يجوز هدم منازلهم وبناء الجدار العازل والحواجز وفتح السجون لآلاف الفلسطينيين الذين يناضلون ضد الاحتلال؟ هل يجوز للجيش الإسرائيلي دخول المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وقتل الشباب الذين يقاتلون ضد الاحتلال؟ انظروا إلى ما يحدث كل يوم في جنين ونابلس، انظروا إلى الجرائم البشعة التي ترتكب هناك! كيف يمكنني ، كيهودي متدين ، قبول هذا؟ كيف يمكنني ألا أنحاز إلى حقوق هذا الشعب المظلوم الذي يواجه ظلم الاحتلال الإسرائيلي.

 *هل تعتقد أن المشكلة تكمن في الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية، أم في الطبيعة العنصرية لدولة إسرائيل؟*

دعني أخبرك بشيء مهم. أنشأت دولة إسرائيل مجموعات استيطانية للتغطية على الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. عندما تسأل إسرائيل عن هذه الجرائم، ستقول الحكومة الإسرائيلية: “لم نفعل ذلك. المستوطنون هم الذين ارتكبوا الجريمة”. يجب أن نفهم ونكون على دراية بمكائد وحيل الاحتلال. أنا شخصيا أرى أن مشكلة الصراع تكمن في التفوق العنصري الإسرائيلي. هنا تكمن المشكلة. في الأصل، هذا هو جوهر المشكلة. يعيش الإسرائيليون في دوامة. يقولون: “نحن مُطاردون. الجميع يطاردوننا ويضطهدوننا منذ أيام النازية. نحن الشعب المظلوم. إنهم يريدون قتلنا وذبحنا كما فعل النازيون، ونحن محاطون بأولئك الذين ينتظروننا لقتلنا”. وفقا لهذه النظرية، يعاملون الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وغزة وعرب ال48، وبالتالي يرتكبون المجازر والقتل ضد الفلسطينيين. إنهم يمارسون العنصرية والتفوق العنصري بكل أشكاله على جميع الفلسطينيين، أينما كانوا في فلسطين.

 *تقول وسائل الإعلام الإسرائيلية إنك تدعم الإرهاب في ما تنشره.*

لقد قلت إن للفلسطينيين الحق في ممارسة جميع أنواع النضال من أجل الحرية، وقلت في الماضي إن الفلسطيني الذي جاء إلى تل أبيب لقتل رجال الأمن والجنود ليس إرهابيا، إنه بطل، وسأواصل قول ذلك ولن أخاف من أحد، أنا لا أخاف أبدا. لكنهم لا يريدون سماع كل ما أقوله. لماذا لا يذكرون ما أقوله عن الشباب الفلسطيني الذي يعيش في الفقر والاحتلال والجوع في المخيمات؟ لماذا يخرج هؤلاء الشباب للقيام بعمليات ضد الإسرائيليين في القدس؟ ما هو سبب ذلك؟ ماذا يمكن أن نتوقع من جيل كامل من الشباب، الذين يستيقظون كل صباح في مخيم جنين على صوت الرصاص والقتل الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي كل يوم؟ السلطات لا تريد أن تسمع الحقيقة، بل تريد فقط أن تسمع أن الفلسطينيين إرهابيون ولا شيء آخر.

 *هل توافق على تسمية إسرائيل بدولة الفصل العنصري؟*

صحيح تماما. لا شك في ذلك. أنا لا أخشى أن أقول الحقيقة. إنها دولة فصل عنصري [أبارتايد] في الضفة الغربية وغزة والشيخ جراح والقدس وفي أراضي ال48. تتم ممارسة الفصل العنصري بطرق مختلفة وفي مناطق مختلفة. في الضفة الغربية، هناك عمليات قتل وحظر تجول ومستوطنات. في القدس، هو الاستعمار والترحيل. في أراضي 48، هو استعمار ومصادرة الأراضي، واعتقال النشطاء، وقمع المظاهرات والعقوبات الشديدة ضد أولئك الذين يشاركون في المظاهرات. هذا هو بالضبط نظام الفصل العنصري.

ما هو برأيك الحل لهذا الصراع؟

الحل يكمن في مكافحة العنصرية والتفوق العرقي الإسرائيلي والفصل العنصري. يجب تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين العرب واليهود في هذا البلد. ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال نضال مشترك حقيقي لليهود والعرب ضد نظام الفصل العنصري في هذا البلد.

 *سؤال أخير: كيف ترى الاحتجاجات الإسرائيلية الأخيرة ضد حكومة بنيامين نتنياهو؟*

لا شك أن هذه احتجاجات ذات أهمية كبيرة على المستوى الداخلي الإسرائيلي. هذه احتجاجات ضد قضايا ملموسة مثل تغيير النظام القضائي وكل ما يتعلق بالمحكمة العليا الإسرائيلية، لكنها ليست معركة ضد العنصرية ونهج الحكومات الإسرائيلية، وليست نضالا ضد الاحتلال والاستعمار أو التمييز العنصري ضد الفلسطينيين في الأراضي ال 48. لهذا السبب أعتقد أن هذه الاحتجاجات لن تحقق أهدافها إذا لم يتضمن مسارها مطالب ضد الاحتلال الإسرائيلي والعنصرية.

____________________

 ** يسرائيل فراي* كان يعمل لدى قناة Demokrat TV ذات التوجهات اليسارية وتم تعليق عمله في 12  أيلول/سبتمبر الماضي بسبب “تعبير متطرف وغير لائق” نشره على تويتر.

وكان فراي قد كتب في تغريدة عن الفلسطيني محمد ميناوي الذي اعتقلته الشرطة في يافا خلال الاسبوع السابق، قائلا : “انظروا ماذا يعني بطل. لقد جاء طوال الطريق من نابلس الى تل أبيب، وعلى الرغم من أن جميع الإسرائيليين من حوله يشاركون في القمع والسحق والقتل لشعبه، لقد بذل جهده لتحقيق أهداف مشروعة وتجنّب إيذاء الأبرياء. في عالم صالح، كان سيحصل على ميدالية.” ثم تم صرفه من عمله في القناة.

بعد ذلك، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ولنفس السبب، استدعته الشرطة عدة مرات، لكنه رفض الحضور، فقامت باعتقاله للتحقيق معه بتهمة التحريض على الارهاب والعنف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى