عباس “سيقاوم” ضغوط أميركا وإسرائيل لاستئناف التنسيق الأمني

خليل موسى

“الخطوة ستضاعف من إمكانية تدهور الأوضاع والسلطة ستعود إليه في أقرب فرصة لأنها الطرف الأضعف في المعادلة”.

احتاجت السلطة الفلسطينية إلى نحو 10 أشهر منذ بداية التصعيد الإسرائيلي في مارس (آذار) الماضي الذي سقط خلاله 242 فلسطينياً، في أعلى حصيلة منذ 18 عاماً، كي تتخذ قرارها بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل. ولم يأتِ قرارها الذي لطالما لوحت به خلال العام الماضي إلا بعد سقوط 30 فلسطينياً منذ بداية العام الحالي، ثلثهم قتل في يوم واحد بمخيم جنين في أعلى حصيلة منذ “الانتفاضة الثانية”.

ومع أن المجلس المركزي الفلسطيني يتخذ منذ عام 2014 قرارات تدعو إلى وقف العلاقات كافة مع إسرائيل، بما فيها التنسيق الأمني، إلإ أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض تنفيذ ذلك بإصرار.

فراغ أمني

يدرك الرئيس الفلسطيني أن “إنهاء العلاقات مع إسرائيل، أو حل السلطة الفلسطينية قد ينتهي بفراغ أمني من شأنه أن يجعل الفلسطينيين أسوأ حالاً مما هم عليه الآن”، بحسب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ.

الشيخ الذي يعد من أقرب المقربين لعباس أشار إلى أن “البديل للسلطة هو الفوضى وسفك الدماء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”.

وعلى رغم صعوبة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي لطالما اعتبره عباس “مقدساً”، فإنه أوقفه مرتين آخرهما في منتصف عام 2020، واستمر خمسة أشهر رداً على إعلان إسرائيل نيتها ضم ثلث الضفة الغربية إليها. وحينها، قررت السلطة الفلسطينية استئناف علاقاتها مع إسرائيل بعد أيام على فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وإثر تلقيها رسالة إسرائيلية بالتزام تل أبيب الاتفاقات الثنائية.

ودفعت هزيمة دونالد ترمب صاحب “صفقة القرن” التي اعتبرها الفلسطينيون تصفية لقضيتهم في الانتخابات الرئاسية عام 2020، والوضع المالي الصعب للسلطة الفلسطينية إلى التراجع عن قرارها.

وجاء القرار الجديد لعباس باعتبار “التنسيق الأمني مع إسرائيل لم يعد قائماً”، بسبب استمرار الحكومة الإسرائيلية بـ”عدم التزام قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة، وتقويض الأسس التي قامت عليها عملية السلام”.

“خطوة غير صحيحة”

وقبل الإعلان عن القرار، أبلغت السلطة الفلسطينية إسرائيل وعدة دول إقليمية ودولية به، وبأن الرئيس “جاد في قراره، وبأنه لا يخادع فيه”، بحسب مسؤول فلسطيني.

وشدد المسؤول في حوار مع “اندبندنت عربية” على أن عباس سيقاوم الضغوط الأميركية والإسرائيلية لاستئناف التنسيق الأمني، مضيفاً أن التنسيق “لن يعود إلا في حال أوقفت إسرائيل إجراءاتها الأحادية كافة، من اقتحام للمدن والبلدات وقتل واستيطان وتهويد للمسجد الأقصى”.

وفور إعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني أبدت الإدارة الأميركية معارضتها للقرار، واعتبرته “خطوة غير صحيحة”.

وقبيل وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى القاهرة وتل أبيب ورام الله، شددت مساعدته لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف على ضرروة أن “يحافظ الفلسطينيون والإسرائيليون على التنسيق الأمني، بل ويعملون على تعميقه”.

خياران

واعتبر المحلل السياسي جهاد حرب أن عباس “اتخذ قراره لأنه وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، فإما التوجه لمواجهة مدروسة مع إسرائيل عبر وقف التنسيق الأمني معها، وإما فقدان ما تبقى للسلطة الفلسطينية من ثقة بين الفلسطينيين”.

وقال حرب إن “وقف التنسيق الأمني بين الجانبين سيضاعف من إمكانية تدهور الأوضاع”، مشيراً إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو ترفض حتى الحديث مع المسؤوليين الفلسطينيين، وتفرض عقوبات مالية على الفلسطينيين.

وأوضح أن قدرة الفلسطينيين على استمرار وقف التنسيق الأمني يعتمد على مدى مقاومتهم للضغوط الإقليمية والدولية، والأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية.

وشدد على أن السلطة “ستعود إلى التنسيق في أقرب فرصة لأنها الطرف الأضعف في المعادلة مع إسرائيل”.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى