في 24 نيسان /أبريل الماضي نظم ما يسمى (المركز العربي والدولي للتضامن والتواصل) ملتقى سياسيًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي يحمل رسالة وهدفا وحيدا هو التضامن مع النظام الأسدي، وتصويره ضحية لحصار دولي غير مشروع وغير انساني بسبب ممانعته ومقاومته المزعومة. وشارك فيها عدد من الشخصيات العربية، ألقوا كلمات انصبت على الدعوة لفك الحصار عن نظام الأسد متهمة أميركا والدول الامبريالية بفرض الحصار عليه عقابا له على مواقفه الوطنية والقومية، دون أن يشير المشاركون بكلمة واحدة، ولو لذر الرماد في عيون المراقبين، الى ما اقترفه سفاح سورية من مجازر وكوارث بحق الشعب السوري، بما فيها فرض حصارات محكمة حتى الموت على مدن كثيرة من الزبداني الى داريا وحمص وادلب وحلب الشرقية، استمر بعضها خمسة اعوام متتالية أدت لهلاك مئات آلاف المدنيين، جلهم اطفال وشيوخ ونساء.
ولم يمض وقت طويل حتى تبرأ بعض الذين أدرجت أسماؤهم في قائمة الحاضرين من أي مشاركة في هذا الملتقى المشبوه، كالأكاديمي المصري البارز محمد السعيد ادريس المعروف بخطه القومي الناصري الرصين. وكان منظمو الملتقى في لبنان قد نسبوا له الحضور والمشاركة بكلمة تدعو لرفع الحصار الدولي عن سورية، ولكن د. ادريس نفى وكذب الخبر قطعيا، وأوضح أنه تلقى دعوة للمشاركة، ولكنه لم يلبها، ولم يشارك حتما. ثم اتضح أن (الملتقى) تم تنظيمه والاشراف عليه من استخبارات النظام السوري، وبعض اعوانها في لبنان وفلسطين ومصر.
وتكرر التدليس الاستخباري قبل أيام بعد أن كتب (عضو مجلس الشعب السوري) خالد العبود مقالا ضمنه تحذيرا ” خنفشاريا ” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من غضب بشار الأسد عليه، وأجمع المحللون أن المقال هلوسة خنفشارية من انتاج الاستخبارات السورية هدفها الحفاظ على ماء وجه رئيسهم بعد إهانات الروس المتتالية له!
ثم كررت الاستخبارات الأسدية تحركاتها التي تجمع بين النضال الفيسبوكي واللعب غير البريء على الساحة العربية والدولية دفاعا عن نظامها المتهاوي، وذلك بتنظيم بيان حمل تواقيع حوالي 300 شخصية عربية، بعضهم محترمون بلا شك، وبعضهم مجهول تماما، لا يعلمه سوى عالم الغيب والشهادة.
البيان عبارة عن رسالة شديدة اللهجة الى سيرغي لافروف تتهم حكومته بالضغط على الاسد بشكل غير مقبول، وتخرق قواعد العمل الدولي (دولة – لدولة) بسماحها لكتاب وصحافيين روس بانتقاد ومهاجمة (هرقل الشام) والتشكيك بشرعيته ومطالبته بالإصلاح السياسي.
وبرز بين الموقعين اسم المهندس عبد الحكيم جمال عبد الناصر، والأكاديمي المصري البارز د. حسن نافعة. وقد تعرض نجل الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر لانتقادات قاسية داخل مصر وخارجها، امتدت لأسرة الزعيم الراحل، قبل أن يتبين أن وراء البيان يقف بهجت سليمان رئيس أحد أجهزة الأمن في سورية سابقا، وأنه زج بالكثير من الأسماء المحترمة بدون علمها إطلاقا، إذ علم عبد الحكيم عبد الناصر من أصدقائه بوجود اسمه في البيان فدخل صفحة سليمان على الفيس بوك، وكتب النفي التالي بعلمه بالبيان وعدم موافقته على الزج باسمه فيه: (د. بهجت بخصوص البيان الصادر منكم للإدارة الروسية بغض النظر عن محتوى البيان لا يصح وضع اسمي على بيان بدون اخطاري وموافقتي . برجاء توضيح هذا لأني لم أقرأ هذا البيان من أساسه. ألم تلاحظ أنني لم أشارك في كل النقاش الذي دار حول هذا البيان. واعتبر هذا آخر لقاء لي في صفحتكم، وشكرا.) ومن ناحية أخرى كتب المعارض السوري ميشيل كيلو البارز مقالا ساخرا في (العربي الجديد) شكك فيه بأن يكون د. حسن نافعة قد اطلع على البيان أو وقعه!!
المصدر: الشراع