للأسبوع الثاني على التوالي تعم المظاهرات والاحتجاجات كافة المناطق الخارجة عن سيطرة نظام القتل والإجرام الكوني، مؤكدة على رفضها للتقارب التركي_ السوري، ورافعة شعار: لن نصالح، تزامناً مع مقولة أو شعار لنعد سيرتها الأولى، التي لا يخفى على أحد معناه ومغزاه.
يضاف للحراك الشعبي في (المحرر) موقف سوري عام على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بيانات وندوات وكتابات معظم القوى السياسية، والشخصيات الوطنية، على مختلف اتجاهاتها وتكويناتها مطابق لما تهتف وتصدح به حناجر المتظاهرين، والغاضبين، رغم قساوة ما يعانونه في أماكن تواجدهم، التي هُجِّروا إليها، من ظروف اقتصادية واجتماعية وأمنية، ما يعتبر أكبر وأصدق استفتاء على موقف السوريين من كل ما يقال ويجري ويتعلق بمستقبلهم وغدهم.
فعموم السوريين، اليوم، يشعرون، أكثر من أي وقت مضى، بأن قضيتهم الوطنية تواجه استحقاقات صعبة، مصيرية، نتيجة لجملة المتغيرات الإقليمية التي ترتسم في الأفق، المتوقع أن تنتهي بلقاء قمة، قريب، يجمع الرئيس أردوغان، كما صرح هو بنفسه، مع المجرم الدولي بشار الأسد، وبحضور الرئيس الروسي بوتين في عاصمة بلاده، موسكو، أو في مكان آخر.
مخاوف السوريين وقلقهم لها مايبررها بالنظر الى أن تركيا مثلت لهم الحليف الأقوى، أقله في السنوات الأولى من عمر الثورة، وشكل خطابها الرسمي حافزاً وحاضناً لمطالبهم، عدا عن أنه على أراضيها تقيم وتعمل مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، الرسمية، ومنظمات المجتمع المدني المختلفة، الإغاثية والطبية والتعليمية، وعلى أراضيها الكتلة الأكبر من السوريين المهجرين خارج مدنهم وقرارهم.
التحول التركي له أسبابه الداخلية والخارجية، التي يمكن قراءتها، وتفهم بعض جوانبها، وهي، لا شك تحمل مخاطر عديدة على حياة السوريين وأمنهم، تتحمل مسؤوليتها تلك القوى التي عملت منذ البداية على ربط قرارها ومصيرها بالآخر، تحت ذرائع وشعارات أيدلولوجية واهية، أو كاذبة ومضللة، وخضعت لإملاءات الدول (الصديقة) و(الحليفة)، ومشت في مسارات خارج الإجماع الوطني والدولي، وتصمت اليوم، أو تعجز عن القدرة، على اتخاذ موقف يقود الحراك الشعبي ويوجهه لما فيه مصلحة السوريين، ومطالبهم البكر العادلة والمشروعة.
ماجرى ويجري من تعبير وطني صادق، وانتفاضة شعبية عارمة، ليس جديداً أو يحدث للمرة الأولى، فقد سبق هذه الهبة هبات أخرى، وفي كل مرة منها تعطي ثورة الشعب السوري، أو قضيته، ترياقاً جديداً للحياة، وأملاً بأنها لن تتراجع أو تهزم، كما أنها في كل مرة تعيد للثورة بعض ما اختطف منها، وشوهها وحرف بوصلتها.
في المقابل وبالرغم من كل ماهو إيجابي في الموقف الشعبي والحراك المستمر إلا أنه يكشف بعض جوانب الخلل والخطورة، التي من موقعنا الوطني نحذر منها للعمل على تلافيها وتداركها، حتى لاندور في الفراغ ونتعثر أو نهزم، ولعل أولها وأهمها تأطير هذا الحراك، وتمكينه من أن يفرز قوى وشخصيات تستطيع التعبير عنه وتوجيهه، ومراكمة فعله، لما فيه مصلحة القضية الوطنية، بعد أن ثبت عجز وفشل كل المؤسسات الرسمية والهياكل التي تدعي تمثيل السوريين والتعبير عن مطالبهم الحقة، كما النخب السياسية والثقافية، هذا وبالنظر لما قد يترتب من تداعيات على التطبيع التركي_ السوري تؤدي إلى انحرافات تحت دعاوي “الواقعية السياسية” التي نحذر منها هي الأخرى ومن عقابيلها، ولعله واجب على كافة المخلصين والشرفاء من شعبنا الثائر في الداخل العمل على تحرير نشاطهم وحراكهم من شبهة التحريض أو التوجيه التي يحاول البعض إلصاقها بهذا الحراك النبيل والبهي، أو التوظيف والتوجيه لصالح أجندات غير وطنية.
إننا في ملتقى العروبيين السوريين ومن موقعنا الوطني رفعنا شعاراً لملتقانا السادس في دورته لهذا العام، الذي عقد قبل أسابيع قليلة، (لن نصالح) تعبيراً عن موقفنا الوطني الرافض لأي تنازلات وطنية، أو مساومات لاتقوم على ركيزتي الحق والعدل، كما انحيازاً لصوت شعبنا المجلجل في رفض الارتهان لمساومات الدول ومصالحها.
ليس جديداً القول أن للدول خياراتها ومصالحها، التي لا تتطابق ومبادئ الأخلاق العامة والفضيلة، وليس بالضرورة أن تكون دوماً ثابتة، لا تتبدل، وهذا ليس تبريراً لأحد، أو لأي طرف أو جهة، إنما الخطل هو عدم فهم ذلك وتلاشي المسافات بين الرغبة والحقيقة، بين الواقع والخيال، أو بين السياسة والأيديولوجيا التي أوقعنا بها البعض من الحالمين أو التائهين.
لن نصالح، ولنعد سيرتها الأولى بالاعتماد على قوانا الذاتية وإمكاناتنا الوطنية البحتة التي لطالما دعونا إلى تجميعها واستثمارها.
تحت شعار #لن_نصالح وبالتزامن مع شعار #نعيد_سيرتها_الأولى تعم مناطق الشمال “المحرر” استنكاراً للتقارب التركي مع نظام دمشق إن للدول خياراتها ومصالحها، وليس بالضرورة أن تكون دوماً ثابتة، لا تتبدل ولكن أن لا تكون على حساب شعبنا وتضحياته, وأن نعي ونفهم الفرق بين السياسة والأيديولوجيا التي أوقعنا بها البعض من الحالمين أو التائهين. نحن العروبيين رفعنا شعار ملتقانا السادس هذا العام #لن_نصالح ايماناً منا باهداف شعبنا وثورتنا وان نعيد سيرتها الاولى بالاعتماد على قوانا الذاتية .