كتبت صحيفة وول ستريت جورنال في تحليل أن الحرب الروسية على أوكرانيا تُقرب تركيا من روسيا أكثر، مع رغبة أنقرة في تعزيز اقتصادها المتعثر، في حين ساءت علاقاتها بدول حلف “الناتو”.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يعمل على تعميق العلاقات الاقتصادية مع موسكو في “محاولة عالية المخاطر” لدعم اقتصاد بلاده، متحديا العقوبات الغربية على الكرملين، بينما يقيم علاقات مثيرة للجدل مع شركاء تركيا في “الناتو”.
وزادت تركيا وارداتها من النفط الخام الروسي، رخيص الثمن، بهدف تخفيف الضغط على اقتصادها، وتعمل مع موسكو على إنشاء مركز للغاز الطبيعي، وبناء محطة للطاقة النووية.
وزادت واردات تركيا من الخام الروسي أكثر من الضعف، في الأشهر التي أعقبت الغزو الروسي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
واستحوذ الخام الروسي على 40 في المئة من واردات النفط الخام التركية المنقولة بحرا هذا العام، وتضاعف تقريبا من 21 في المئة في عام 2021. وقد قفزت هذه النسبة في الأشهر الماضية وشكلت ثلثي عمليات التسليم.
وتدخلت تركيا أيضا لتزويد روسيا بالسلع، التي لم تعد موسكو قادرة على استيرادها من أوروبا، من المنسوجات والفواكه والخضراوات والمعدات الصناعية.
وارتفعت صادرات تركيا إلى روسيا بمقدار 2.3 مليار دولار في الفترة من مايو إلى أكتوبر مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021، وفقا لمعهد التمويل الدولي.
وتقول الصحيفة الأميركية إن إردوغان “وفر ملاذا آمنا للأموال الروسية” لدعم الاقتصاد التركي بعد سنوات من عدم الاستقرار، مشيرة إلى انتقال مئات الشركات الروسية إلى تركيا وإنشاء كيانات هناك لتجنب قيود الاتحاد الأوروبي أو دول أخرى على الواردات والصادرات.
ويأتي ذلك بينما تحاول أوروبا وحلفاؤها تقليص عائدات موسكو من صادرات الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا.
وتشير الصحيفة إلى أن تركيا، العضو في “الناتو”، زودت أوكرانيا بالأسلحة وأغلقت البحر الأسود أمام السفن الحربية الروسية القادمة، وفي الوقت نفسه، أقام إردوغان علاقة شخصية مع الرئيس الروسي، واستضافت بلاده سلسلة من الاجتماعات بين المسؤولين الروس ونظرائهم الغربيين والأوكرانيين.
وقال عارف أكتورك، مستشار الطاقة والمدير التنفيذي السابق في شركة “بوتاس” للغاز الطبيعي التركية المملوكة للدولة، إن إردوغان يحتاج إلى روسيا لأن تركيا ليست لديها علاقات جيدة مع أعضاء “الناتو”، بينما يحتاج “بوتين يحتاج إلى تركيا من أجل الانفتاح على العالم، وخاصة في منطقة البحر الأسود”.
وتنقل وول ستريت جورنال عن محللين إن إردوغان “يراهن بمستقبله السياسي على علاقته ببوتين”، مشيرة إلى أن تدفقات الأموال الروسية والطاقة الرخيصة “هي دعائم مهمة للوقوف في وجه الأزمة الاقتصادية التي قضت على أكثر من نصف قيمة الليرة التركية منذ أواخر العام الماضي”.
يقول خبراء اقتصاديون إن البنك المركزي التركي يحتاج إلى عملات أجنبية لمنع تدهور جديد في الليرة بعد خفض أسعار الفائدة أربع مرات متتالية هذا العام بضغط من إردوغان.
لكن في الوقت ذاته، تخشى الحكومات الغربية من واردات الغاز الجديدة من روسيا، ومن صعوبة بناء خطوط أنابيب جديدة عبر البحر الأسود بسبب الخطر الناجم عن الحرب.
وتواجه تركيا أيضا خطرا متمثلا في أن موسكو قد توقف ببساطة إمدادات الغاز، مثلما فعلت مع أوروبا هذا العام.
وكانت موسكو قد أغلقت خط أنابيب منفصل إلى تركيا لمدة تسعة أيام في مايو الماضي، بحجة حدوث مشكلات في الصيانة. ويمر عبر خط الأنابيب هذا نحو نصف صادرات الغاز الروسي إلى تركيا.
ويقول التحليل: “هذه مخاطرة يفهمها المسؤولون الأتراك، بالنظر إلى علاقتهم المثيرة للجدل مع موسكو في الماضية، ودعم البلدين الأطراف المتصارعة في سوريا وليبيا ومنطقة جنوب القوقاز في السنوات الأخيرة”.
وكان مسؤولون غربيون قد حذروا تركيا أيضا من توفير الملاذ المالي لروسيا، ويذهب كبار المسؤولين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تركيا باستمرار لمناقشة مسألة الامتثال للعقوبات.
المصدر: الحرة. نت