شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا، وقفة احتجاجية تنديدا بتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، ورفضاً للسياسات الحكومية “الفاشلة”، التي أدت إلى تدهور القطاعات الخدمية، وسط دعوات موجهة لكل السوريين للخروج باعتصامات سلمية والمطالبة بـ”الحقوق المشروعة” والاعتكاف في المنازل ليوم واحد نهاية الشهر الجاري في عموم البلاد، بينما يواصل النظام السوري مساعيه لضبط محافظة درعا القريبة، حيث دخلت عناصر من المخابرات الجوية إلى قرى وبلدات ريف المحافظة الغربي، ونشرت حواجزها الأمنية في المنطقة.
ووفقاً لشبكة السويداء 24، فإن أهالي بلدة امتان جنوب محافظة السويداء، خرجوا الأربعاء، في وقفة احتجاجية في الساحة الرئيسية وسط البلدة، معلنين تضامنهم مع الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدينة السويداء، كما دعوا السوريين في كل المحافظات للاحتجاج السلمي والمطالبة بالحقوق المشروعة. ويعتزم ناشطون في السويداء، مواصلة الحراك الاحتجاجي الذي بدأ مطلع الشهر الجاري في المحافظة، بمطالب سياسية واقتصادية، مع وجود مساعٍ لتنظيمه بشكل أسبوعي. ونقلت شبكة “السويداء 24” عن أحد النشطاء المشاركين في الاحتجاجات، “رغبتهم في مواصلة الحراك، والخروج باعتصام جديد، يرجح أن يقام في ساحة الشعلة في مدينة السويداء”.
حراك شعبي
ووفقاً للمصدر، فقد تشهد محافظة السويداء، يوم الاثنين المقبل، حراكاً شعبياً، على أن يتجدد الاعتصام كل أسبوع، بنفس التوقيت واليوم. وبيّن المصدر، أن الاعتصام في ساحة الشعلة البعيدة عن المربع الأمني في مركز مدينة السويداء، يهدف للتأكيد على سلمية التحركات، وتجنب حصول صدامات جديدة، لاسيما مع انتشار أنباء عن نوايا مبيّتة من الأجهزة الأمنية، لقمع الحراك.
وقال أحد منظمي الاحتجاجات: “إيماناً منا نحن أبناء الارض، وحاملي تاريخ الوطنية، أبناء الصخر الأسود، والسنديان، أبناء الكرامة، ولدنا أحراراً وهذا ما نحن عليه لا نقبل الذل، ولا نستكين على قهر” موجهة دعوة مفتوحة للانضمام إلى الاعتصام بهدف التعبير عن رفضهم لسياسة التهميش والتجويع والإذلال، قائلاً: “ندعو أبناء الجبل لأن يكونوا إلى جوار تاريخهم الرافض للإهانة والاستعباد، هذا التاريخ الذي ما سجل أبدًا قلباً خائفاً أو جسداً يهاب الموت، لذا نقف لنعبر عن رفضنا لسياسة التهميش والتجويع والترهيب الذي يمارس علينا، بقصد اذلالنا من خلال قطع جميع الخدمات التي ندفع لقاءها من أمام قوت أولادنا، لكنها للأسف تذهب إلى جيوب الفاسدين”.
في المقابل، أعلن مجلس محافظة السويداء عقد جلسة استثنائية إثر ما وصفه بالمجريات الأخيرة، لمطالبة “الجهات المعنية بتشكيل لجنة تحقيق بالأحداث التي وقعت في مبنى المحافظة وتحميل المسؤولية للمقصرين الذين تثبت إدانتهم”. ودعا المجلس لتأمين نقلة صهريج خارجة عن مخصصات المحافظة اليومية، وزيادة كمية الكهرباء الواصلة للمحافظة وذلك بهدف تأمين مياه الشرب من الآبار كون بعضها ذات أعماق كبيرة وبعضها يعمل على الديزل والآخر يعمل على الكهرباء.
وبحسب المتحدث باسم شبكة “السويداء 24″ ريان معروف لـ”القدس العربي” فإنه “لا يبدو في جعبة الحكومة أي حلول للأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة، باستثناء الدعوة للصبر والصمود، وهو السبب الرئيسي الذي أدى لاحتجاجات غير مسبوقة في السويداء، تطورت لاقتحام مبنى المحافظة وإحراقه، وإطلاق القوى الأمنية النار على المحتجين” مضيفاً أن التطورات الأخيرة تنذر بأن الشارع وصل إلى مرحلة متقدمة من الانفجار، وقد تستمر موجات الاحتجاج في الفترة المقبلة”. واعتبر معروف أن مساعي نشطاء المعارضة في السويداء، لتنظيم الاحتجاجات، والحفاظ على الطابع السلمي فيها، وتجنب الصدامات، خطوة في الاتجاه الصحيح، وذلك بهدف “قطع الطريق على من يفكر باستغلال حالة الغضب في الشارع، ولدحض رواية السلطة التي زعمت وقوف من وصفتهم بالخارجين عن القانون خلف الاحتجاجات”.
دعوات للاعتكاف
ويتداعى الكثير من السوريين ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، للاعتكاف في منازلهم يوم الخميس 22/12، وتناقل رواد وسائل التواصل الاجتماعي، دعوات لإعلان رفض ممارسات النظام السوري، معتبرين أن “الدولة في حالة من العجز والانهيار التام، مما سيكون للصمت والاعتكاف في المنازل من عظيم الأثر”. وفي درعا جنوباً، دخلت عناصر من المخابرات إلى قرى وبلدات ريف درعا الغربي، ونشرت حواجزها الأمنية في المنطقة. وقالت شبكة “تجمع أحرار حوران” إن هذه الخطوة جاءت في إطار مساعي النظام السوري للسيطرة على ريف درعا الغربي، لافتا إلى أن “الميليشيات الإيرانية نقلت حواجز المخابرات الجوية إلى قرى وبلدات الريف الغربي، وسلمت نقاط تمركزها إلى الأمن العسكري شرقي درعا”.
مناشدة النظام
جددت سوريا اليوم الأربعاء مطالبتها الأمم المتحدة بـ “التحرك العاجل لوقف انتهاكات القانون الدولي وأحكام الميثاق التي ترتكبها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، وضمان التعويض عنها”. ودعت سوريا إلى “إنهاء الوجود اللاشرعي للقوات الأمريكية، وإعادة حقول النفط والغاز التي تحتلها تلك القوات للدولة السورية والرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية اللاشرعية”. وقالت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان نشرته عبر صفحتها على “فيسبوك” اليوم ، إنها وجهت عن طريق وفدها الدائم في نيويورك رسالتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن .
وأضافت “تواصل القوات التابعة للولايات المتحدة الأمريكية والميليشيات المرتبطة بها نهبها المنظّم للنفط والقمح وغيرهما من الموارد الأساسية والثروات الوطنية للشعب السوري، لافتة إلى أن “آخر الإحصاءات تبرز أن قيمة الخسائر المباشرة لاعتداءات القوات الأمريكية والميليشيات والكيانات الإرهابية التابعة لها قد بلغت 25.9 مليار دولار أمريكي.
وأشارت إلى أن “صمت مجلس الأمن والأمانة العامة عن إدانة ممارسات قوات الاحتلال الأمريكي ونهبها للنفط السوري وتخريبها للبنى التحتية هو أمرٌ غير مقبول، كما أن تجاهل المعاناة التي يعيشها السوريون جرّاء الحصار اللاأخلاقي واللاإنساني والتدابير القسرية الانفرادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري لا ينسجم مع ما يدعيه البعض من حرصٍ إنساني وما نشهده من مساعٍ لتمديد مفاعيل القرار 2642”.
وأكدت أن “تلك الانتهاكات والتدابير اللاشرعية تحد من فعالية أي جهود تهدف لتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية، وتخلف آثاراً كارثية على الحياة اليومية للسوريين وتحول دون حصولهم على الخدمات الأساسية والوقود والغاز المنزلي والطاقة الكهربائية لا سيما خلال فصل الشتاء وظروف البرد القارس”.
وأشارت إلى أن “المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بآثار التدابير الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان إلينا دوهان أكدت، في ختام الزيارة التي قامت بها إلى سوريا الشهر الماضي، على أن التدابير القسرية المفروضة على سوريا ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، وتزيد معاناة الشعب السوري، وتمنع أي جهود للتعافي المبكر، وإعادة الإعمار، مشددة على وجوب رفعها فوراً”.
المصدر:«القدس العربي»