وزير خارجية طهران يهدد كردستان العراق وسط استمرار التظاهرات وتحول البلاد لساحات حرب والأمم المتحدة تبحث فتح تحقيق دولي.
أعلنت طهران أنها ستواصل مواجهة “التهديد” القادم من كردستان العراق، على ما ذكر وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان، الأربعاء 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بعد ضربات جديدة نفذتها القوات الإيرانية استهدفت معارضين أكراداً متمركزين في الإقليم العراقي.
وأضاف عبداللهيان في مؤتمر صحافي بطهران “ما دام هناك تهديد من دولة الجوار ضدنا في إطار القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، فإن قواتنا المسلحة ستواصل أعمالها لضمان أقصى قدر من الأمن القومي للبلاد”.
واستهدفت ضربات صاروخية وبمسيرات انتحارية نفذها الحرس الثوري الإيراني أخيراً مواقع تابعة للمعارضة الإيرانية الكردية المتمركزة منذ عقود في إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي في شمال العراق.
وأضاف الوزير أنه “بالتأكيد عندما تتمركز القوات المسلحة العراقية على الحدود المشتركة بين إيران ومنطقة كردستان العراق وتعمل على ضمان أمن هذه الحدود لن نكون بحاجة إلى مواجهة ما يهدد وحدة أراضينا”.
وتتهم الحكومة الإيرانية الفصائل الكردية المعارضة بإثارة الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ 16 سبتمبر (أيلول) إثر وفاة مهسا أميني بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء في الجمهورية الإسلامية.
وأشار الوزير إلى أنه “لحسن الحظ، فشلت المؤامرة بهدف خلق حرب إرهابية وحرب أهلية وفي النهاية تقسيم إيران خلال الأسابيع الثمانية الماضية”.
وأضاف “سنواصل المباحثات والمفاوضات مع المسؤولين في العراق الشقيق والصديق لاجتياز هذه المرحلة”.
والأربعاء أفادت وكالة “فارس” بوفاة شرطي في طهران أصيب بجروح في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) خلال “أعمال شغب” في إقليم كردستان بسبب رشق حجارة.
حرب شوارع
وفي الداخل، تحولت شوارع المدن الكردية في إيران إلى ساحة حرب بعد إرسال السلطات الإيرانية قوات حربية وتعرّض الأهالي لحملات قمع في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الشعبية في جوانرود وبرانشهر ومهاباد وسنندج وغيرها من المدن في إطار التظاهرات التي تشهدها البلاد على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر (أيلول).
وأشارت التقارير إلى منع النظام الإيراني إيصال الدم إلى المستشفيات في مدينتي جوانرود وبرانشهر، وفقاً لموقع “إيران إنترناشيونال”.
وأظهرت الصور والتقارير الواردة من جوانرود بمحافظة كرمانشاه بإطلاق نار متقطع ومداهمات على منازل الأهالي من قبل قوات القمع، من أجل اعتقال المحتجين في هذه المدينة وغيرها من المدن الكردية، الثلاثاء 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، كما حالت الإجراءات الأمنية عند مداخل هذه المدن دون إيصال المساعدات للجرحى.
وعقب هجوم القوات الأمنية الإيرانية على الأهالي في جوانرود وبرانشهر توجهت مجموعة كبيرة من المواطنين في كرمانشاه إلى المراكز العلاجية للتبرع بالدم، لكن التقارير أفادت أن القوات منعت إيصال الدم إلى مستشفيات المدينتين.
وتشهد مدن عدة في مناطق يسكنها الأكراد غرب إيران، تشمل مهاباد وجوانرود وبرانشهر تظاهرات واسعة، غالباً ما تبدأ بجنازات ضحايا قمع التحركات.
اعتقال بريطاني إيراني في أصفهان
أفادت إحدى وسائل الإعلام الرسمية في طهران باعتقال مواطن بريطاني إيراني في إقليم أصفهان الأربعاء، بتهمة مشاركة معلومات مع محطات إخبارية خارجية.
وقالت شبكة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إن “جهاز المخابرات التابع للحرس الثوري اعتقل مواطناً بريطانياً إيرانياً تواصل مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وإيران إنترناشيونال”، وأضافت أن هذا المواطن مولود في بريطانيا.
وتتهم طهران الوسيلتين الإعلاميتين المتمركزتين في الخارج وتبثان الأخبار باللغة الفارسية بدعم حركة احتجاجية على مستوى البلاد مستمرة منذ أكثر من شهرين أشعلتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 سنة) في حجز شرطة الأخلاق بطهران.
اعتقال فرنسيين
أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، الثلاثاء 11 أكتوبر، أن خمسة فرنسيين بالمجموع محتجزون حالياً في إيران، بعدما كانت باريس لا تعترف إلا بأربعة أشخاص.
وانتقدت فرنسا إيران في السادس من أكتوبر متهمة إياها باتباع “ممارسات دكتاتورية” واحتجاز مواطنيها كرهائن، بعدما بثت طهران فيديو يظهر فيه زوجان فرنسيان “يعترفان بالتجسس”، بعد أسابيع من الاضطرابات التي ربطتها إيران بخصوم أجانب.
وحثت فرنسا بعد ذلك رعاياها على مغادرة إيران في أقرب وقت ممكن، قائلة إنهم معرضون لخطر الاعتقال التعسفي.
وكانت طهران قالت إنها ألقت القبض على تسعة أوروبيين خلال الاضطرابات.
ويصف القادة الإيرانيون الاحتجاجات بأنها مؤامرة من أعداء الجمهورية، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وشارك متظاهرون من جميع أطياف المجتمع، ولعب الطلاب والنساء دوراً بارزاً، وأحرقت نساء حجابهن في هذا الحراك.
وقال خامنئي الأربعاء، الثاني من نوفمبر، إن “المسؤولين الأميركيين الذين يدعمون الاحتجاجات وقحون، وهؤلاء الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة قوة محصنة مخطئون، إنها ضعيفة للغاية مثلما تظهر الأحداث الراهنة”.
عقوبات أميركية جديدة
من ناحية أخرى فرضت الولايات المتحدة الأربعاء، عقوبات على ثلاثة مسؤولين إيرانيين على خلفية دورهم في حملة قمع التظاهرات التي تشهدها مناطق يقطنها الأكراد بإيران.
وقال مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون في بيان، “إن النظام الإيراني يستهدف ويقتل أطفاله الذين نزلوا إلى الشارع للمطالبة بمستقبل أفضل”.
وأضاف “يجب أن تتوقف الانتهاكات التي ترتكب في إيران ضد المتظاهرين، بما في ذلك مهاباد”.
ويشغل المسؤولون الإيرانيون، الذين فرضت عليهم واشنطن عقوبات، مناصب في مناطق كردية بإيران، وفق وزارة الخزانة الأميركية.
وقالت الوزارة الأميركية “منذ اندلاع التظاهرات على مستوى البلاد بعد قتل مهسا أميني على أيدي شرطة الأخلاق في سبتمبر (أيلول) 2022، واجهت المدن الكردية في شمال غربي إيران، مثل سنندج ومهاباد، استجابة أمنية شديدة جداً”.
وتابعت “في الأيام القليلة الماضية ورد أن عشرات المتظاهرين قتلوا في المنطقة الكردية وحدها”.
وفرضت واشنطن عقوبات على حاكم سنندج حسن أصغري، وقائد القوات الأمنية في المدينة ذاتها علي رضا مرادي، إضافة إلى محمد تقي أوسنلو، وهو قائد قوات الحرس الثوري في محافظة أذربيجان الغربية التي تضم مهاباد.
وتتهم الحكومة الإيرانية المجموعات الكردية المعارضة بإثارة الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ 16 سبتمبر إثر وفاة أميني لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء في الجمهورية الإسلامية.
في أكتوبر (تشرين الأول)، وضعت أميركا أكثر من عشرة مسؤولين إيرانيين على قائمتها السوداء للعقوبات على خلفية قمع الاحتجاجات.
وتحظر العقوبات أي أصول قد تكون مملوكة للأشخاص المعنيين في إطار القانون الأميركي، وتمنع الأفراد أو الكيانات الأميركية من التعامل معهم.
المصدر: اندبندنت عربية