يعكس التناقض الواضح في التصريحات الصادرة عن مسؤولي هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ في إدلب حول أزمة المحروقات، حالة الإحراج التي تواجه المسؤولين من وقف تركيا لمعظم الإمدادات النفطية القادمة عبر معبر باب الهوى.
ويشكل معبر باب الهوى المصدر الأساسي لقرابة 90 بالمئة من المحروقات، فيما تحصل المنطقة على البنزين والديزل المكررين من مناطق ريف حلب الشمالي، وهما مادتان لم تشهدا أي انقطاع عن محطات المحروقات بعكس ما تروج له مراكز الدعاية التابعة لتحرير الشام.
ويفيد مصدر مقرب من الهيئة في حديث ل”المدن” أن وقف تركيا لإمدادات النفط هو ضغط على تحرير الشام لتعديل سياستها الأخيرة المتمثلة بقضم المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا.
بداية حصار جزئي
وانقطعت مادتا البنزين والغاز عن إدلب منذ أسابيع، بالتوازي مع إعلان شركة “وتد للبترول” التابعة للهيئة التوقف عن العمل، وإمساك ملف المحروقات من قبل 5 شركات معظمها مقربة من الهيئة.
ويرى رئيس “الحركة الوطنية الديمقراطية السورية” محمد شكيب الخالد في حديث ل”المدن” أن “عملية وقف ترخيص (وتد) و إعطاءه لشركات أخرى هي محاولة غبية للالتفاف على وقف التعامل مع الشركة الممولة من تحرير الشام”.
ويرجع الخالد أزمة المحروقات إلى ضغط تركي على الهيئة لتحقيق طلبات “لا أحد يعلمها”. ولا تتعلق الطلبات التركية بحسب الخالد بالهجمة على عفرين التي كانت رغبة تركية للضغط على الجبهة الشامية ولتكون الهيئة متواجدة على حدود سيطرة قسد تمهيداً لعقد بازار في الأيام القادمة”.
ويرى الخالد أن “الضغط الأمريكي هو من أوقف تلك الهجمة و تركيا انصاعت لتلك الضغوط فطلبت من الهيئة الانسحاب”.
ويتوقع الخالد أن يمتد الضغط التركي الذي بدأ بخلق أزمة وقود، ليشمل مواداً أساسية أخرى، مؤكداً أن “نظرة على أسعار الخضار و الفواكه المستوردة و أسعارها لا تبشر بخير”.
مصالحة مع النظام
وربما تكون المطالب التركية المقدمة للهيئة تتعلق بخطة تركيا لاستعادة علاقاتها مع دمشق وبالتالي تستهدف ضبط الحالة العسكرية في إدلب تمهيداً للمصالحة مع دمشق مع احتفاظ تركيا بنفوذها في المنطقة.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي وقف تركيا لإمدادات المحروقات نحو إدلب نوعاً من الضغط على هيئة تحرير الشام بهدف تغيير سياساتها. ويضيف ل”المدن” أن روسيا طلبت مراراً من تركيا ضبط عمل و إيقاع الهيئة وفقاً للتفاهمات الروسية – التركية في أستانة وسوتشي واتفاق آذار/مارس 2020.
ويرجح علاوي أن التمدّد العسكري الأخير للهيئة باتجاه عفرين هو السبب الرئيسي في نشوء أزمة المحروقات بضغط تمارسه تركيا على تحرير الشام لتغيير سلوكها بما يتوافق مع الاستدارة التركية نحو النظام السوري. وبناءً عليه، يعتقد علاوي أن وقف إمدادات المحروقات من قبل تركيا يمثل عملية تقنين وليست عملية قطع تام.
المصدر: المدن