أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سورية في تشرين الأول 2022 || عمليات إعادة اللاجئين السوريين من دول اللجوء تشكل تهديداً لحياتهم، سورية ما تزال غير آمنة لعودة النازحين واللاجئين

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الأول 2022، وأشارت إلى أنَّ سوريا لا تزال غير آمنة لعودة النازحين واللاجئين وأنَّ عمليات إعادة اللاجئين السوريين من دول اللجوء تشكل تهديداً لحياتهم.

استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 26 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر تشرين الأول 2022، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافةً إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، وسلَّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في تشرين الأول مقتل 60 مدنياً، بينهم 10 طفلاً و5 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، من بين الضحايا 1 من الكوادر الطبية و1 من الكوادر الإعلامية. كما سجل مقتل 5 أشخاص بسبب التعذيب، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.

ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 208 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 7 طفلاً، و5 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في تشرين الأول، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق فدمشق تليهما درعا.
وبحسب التقرير فقد شهد تشرين الأول ما لا يقل عن 9 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 5 منها في محافظة حلب. كانت 2 من هذه الهجمات على منشأة تعليمية، و4 على تجمعات/ مخيمات المشردين قسرياً. وسجل التقرير تفوق قوات سوريا الديمقراطية على باقي أطراف النزاع والقوى المسيطرة بارتكابها 3 من هذه الحوادث.
جاء في التقرير أن تشرين الأول شهد استمرار عمليات القصف المدفعي الذي تنفذه قوات النظام السوري على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا. وقد تركز هذا القصف على قرى وبلدات جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الغربي وسهل الغاب في ريف حماة الغربي، القريبة من خط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة، كما تعرضت بلدات وقرى ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي البعيدة عن خطوط التماس إلى هجمات أرضية من قبل قوات النظام السوري. كما رصد التقرير استمرار القوات الروسية بتنفيذ هجماتها الجوية على منطقة شمال غرب سوريا، والتي طالت مناطق مدنية وأخرى عسكرية، تركزت على منطقة أريحا جنوب إدلب وقرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي والغربي. سجل التقرير هجمات أرضية بالمدفعية وبصواريخ مضادة للدروع في مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريفي حلب الشمالي والشرقي من قبل قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، تركزت على خطوط التماس والمناطق القريبة منها.

رصد التقرير في تشرين الأول اشتباكات عنيفة بين فصائل الجيش الوطني فيما بينها في منطقة ريف حلب الشمالي والشرقي، بمشاركة هيئة تحرير الشام، وذلك على خلفية سيطرة الفيلق الثالث في الجيش الوطني في 11/ تشرين الأول على مقرات فرقة الحمزة في مدينة الباب، التي ثبت تورطها في قتل الناشط الإعلامي محمد أبو غنوم، وزوجته الحامل، في 7/ تشرين الأول. وأورد التقرير استغلال هيئة تحرير الشام هذا النزاع ضمن مكونات الجيش الوطني، وقيامها بهجوم عسكري واسع بهدف توسيع مناطق سيطرتها على حساب مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة. كما سجل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في شنّ هجمات أرضية على مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي، في تشرين الأول.

وعلى صعيد التفجيرات، رصد التقرير في تشرين الأول انفجار عبوات ناسفة في محافظات حمص ودرعا والحسكة، بالإضافة إلى سقوط ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وتركزت في محافظات حماة وحلب وحمص وإدلب ودير الزور والحسكة. بلغت حصيلة ضحايا الألغام في تشرين الأول 5 مدنيين بينهم 2 طفل لتصبح حصيلة ضحايا القتل بسبب الألغام منذ بداية عام 2022، 117 مدنياً بينهم 61 طفلاً و9 سيدات. وأشار التقرير إلى استمرار عمليات اغتيال مدنيين على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم، في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وتركزت في محافظات درعا وحماة ودير الزور والحسكة وحلب.

وفقاً للتقرير فقد استمر تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي في عموم مناطق سوريا، حيث لا تزال المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري تعاني من الارتفاع المطرد في أسعار المواد المعيشية.

وفي شمال غرب سوريا، قال التقرير إن معاناة المدنيين استمرت في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور على كافة الأصعدة، بالتزامن مع غلاء أسعار كافة المواد الغذائية والتموينية والمحروقات. أما في شمال شرق سوريا، سجل التقرير استمرار تدهور الوضع المعيشي في المنطقة في ظل الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية. وقد شهدت قرى وبلدات دير الزور في 20/ تشرين الأول خروج عدة مظاهرات في منطقة الشعيطات وناحية الكسرة، استمرت خمسة أيام، للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي ورفع رواتب المعلمين وإلغاء القرار الصادر عن هيئة التربية والتعليم التابعة لقوات سوريا الديمقراطية بحظر النقاب في المدارس الواقعة في مناطق سيطرتها.

على صعيد انتشار وباء الكوليرا، قال التقرير إن العدد الإجمالي للإصابات والوفيات بالكوليرا بلغ 1097 إصابة، 46 حالة وفاة حسب آخر إحصائية نشرها النظام السوري، في 29/ تشرين الأول. وأعلن برنامج الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة EWARN في شمال غرب سوريا، في 31/ تشرين الأول، عن وصول عدد حالات الإصابات في منطقة شمال غرب سوريا إلى 216 حالة، و4 حالة وفاة.

وفق التقرير، استمرت معاناة النازحين في شمال غرب سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، وخصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد حجم الاحتياجات، وفي شمال حلب تأثرت مخيمات النازحين جراء الاشتباكات التي شهدتها المنطقة بين هيئة تحرير الشام وفصائل من مكونات الجيش الوطني من جهة والفيلق الثالث التابع لقوات الجيش الوطني من جهة ثانية، وقد سجل التقرير نزوح قرابة 13 ألف شخصاً في المنطقة، وتأثر ما لا يقل عن 12 مخيماً للنازحين بشكل مباشر جراء العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة.

جاء في التقرير أن النظام السوري أعلن عن عودة مدنيين إلى مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، في 15/ تشرين الأول، وقد أكد بعض الأهالي العائدين إلى المدينة في وقت سابق أنها مدمرة وقد تعرضت لحملات نهب جعلتها غير مؤهلة للسكن، وأنهم دفعوا مبلغ 5 آلاف ليرة سورية كشرط للعودة وكان عليهم الحصول على ورقة موافقة من فرع الأمن السياسي بمدينة حماة قبل التوجه إلى المدينة.

ورصد التقرير تفاقم معاناة النازحين في شمال شرق سوريا خصوصاً بعد انتشار مرض الكوليرا على نطاق واسع في المنطقة في ظل النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب. وعلى صعيد عمليات استعادة الحكومات لرعاياها الموجودين في منطقة شمال شرق سوريا، أورد التقرير استعادة أستراليا وألمانيا وفرنسا وكندا بعض رعاياها في تشرين الأول.

وعلى صعيد اللجوء، قال التقرير إن دفعةً من اللاجئين السوريين غادرت الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية، في 26/ تشرين الأول، وذلك في إطار خطة الحكومة اللبنانية لإعادة اللاجئين السوريين بالتنسيق مع النظام السوري، وإنَّ عدد المغادرين في هذه الدفعة هو 750 شخصاً، وأوضح التقرير أنَّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تنظم عملية “العودة الطوعية واسعة النطاق الجارية حالياً”.

ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…

المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى