يتحضر سوريون في الولايات المتحدة لإجراء لقاء تشاوري في واشنطن، تحت عنوان “الحرية والعدالة والكرامة” أواخر كانون الأول/ أكتوبر الجاري، بهدف حمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على اتخاذ مواقف حازمة وواضحة في الملف السوري.
ودعت اللجنة المنظمة للقاء التشاوري السوري-الأمريكي، عموم السوريات والسوريين المقيمين في الولايات المتحدة، والقادرين على الحضور إلى المشاركة في الاجتماع، مفسحة المجال للمشاركة “عن بعد” لمن لا تسعفه الظروف على الحضور الشخصي.
ويشارك في الاجتماع عدد من الممثلين عن منظمات المجتمع المدني في أمريكا وبعض ممثلي الجالية السورية والإعلام السوري وعدد من الشخصيات المستقلة، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات المعارضة السياسية (الائتلاف)، وممثل عن مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” التابع لقوات سوريا الديمقراطية.
وحول دوافع وأهداف اللقاء، يقول رئيس “تيار المستقبل” السوري وعضو لجنة اللقاء التشاوري، الدكتور زاهر بعدراني، إنه يأتي “في خضم الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا سوريا هذه الأيام، وإعادة تدوير وتكرير نظام الأسد من جهة، وتحريره من قيد ونير المجازر التي ارتكبها ولا يزال على امتداد أرض الوطن مع شركائه في القتل والدمار”.
وأضاف لـ”عربي21″ أن اللقاء يأتي إيمانا بأن الحل في سوريا لا بد أن يكون سوريا-سوريا بامتياز، وأننا كسوريين مجنسين في أمريكا نعلم ثقل الولايات المتحدة الأمريكية في الملف السوري وتأثيرها عليه وفيه علنا وسرا، بما هو ظاهر معلوم وما هو خفي مُبهم، وأن القرارات التي حظيت بها القضية السورية منذ البداية كان للولايات المتحدة الأمريكية دور بارز في انضاجها إقليميا وتبنيها دوليا.
تصور للحل السوري
وتابع بعدراني، بأن “اللقاء هو محاولة لتقريب وجهات النظر فيما بيننا كسوريين من خلال نسج تصور ما للحل السوري ضمن الأولويات والممكنات، مبني على قواسم مشتركة بين أطياف الشعب السوري بلا استثناء، بحيث تكفل بالحد الأدنى رسم الإطار العريض لمشروع وطني كامل ومتكامل يمكننا تقديمه للإدارة الأمريكية كتصور مبدئي قابل للتطوير والتحسين، بحسب مقتضيات المصلحة الوطنية والشراكة الدولية.
وبحسب عضو لجنة اللقاء، فإن الحضور على سوريين يحملون الجنسية الأمريكية كوثيقة، والهم الوطني والثوابت الوطنية كهدف.
واللافت والمبشر أيضا، من وجهة نظر بعدراني، أن اللجنة المنظمة استطاعت استقطابَ نخب من الشخصيات السورية الأمريكية التي ستشارك معنا لأول مرة ضمن رؤية واضحة لرأب الصدع الحاصل في الكيان السوري بسبب عامل الوقت الطويل منذ انطلاقة ثورة الشعب السوري وحتى يومنا هذا.
وأضاف: “كذلك، نسعى لضخ دماء جديدة لمشروعنا الوطني، وأسماء نظيفة ذات تاريخ نضالي مشرف، وقامات وطنية دعمت ثورة الشعب في طلب حريته واسترداد أرضه”.
وحول تلقي اللجنة دعما أمريكيا، قال بعدراني: “لا بد من ذكر أن أحد الروافع الرئيسية التي نجهر بها أننا لم نتلق دعما ماليا من أي جهة كانت، وهذا الجهد إنما هو نتاج عمل أفراد يحملون هما واحدا مشتركا سقفه سوريا ولبناته شعب متعدد الأطياف والأعراق والقوميات والمذاهب والطوائف”.
ورقة رابحة
واختتم بقوله: “نجتمع في عاصمة من عواصم صنع القرار العالمي وفي يدنا ورقة رابحة هي أننا نملك قدرة الضغط والتأثير على الولايات المتحدة الأمريكية كوننا مواطنين فيها نتمتع بكافة حقوق المواطنة، وبالمقابل فإننا نحمل هم وطننا الأم سورية في جوارحنا، محاولين أن نقول للإدارة الأمريكية: نحن اليوم في هذا المفصل الخطير ندعوك لتبني مواقف أكثر حزما وعزما ووضوحا من قضيتنا السورية ومع كافة أطياف الشعب السوري بلا استثناء”.
الكاتب والمصور السوري سعد فنصة، وهو أحد المشاركين في اللقاء، أكد لـ”عربي21″، أنه طرح في وقت سابق مقترحات طالب فيها بتشكيل “مجلس حكماء” لتأسيس نواة “مؤتمر وطني سوري”، وتم تناول ورقة المقترحات على نطاق واسع، وحاول البعض البناء عليها، لكن المحاولات بقيت قاصرة لأنه جرى تقديمها بطريقة غير اختصاصية، فضلاً عن أن المقترحات لا تصب بمصلحة بعض الأطراف المتصارعة مثل الائتلاف، الذي لا يريد أي بديل عنه.
وأضاف فنصة أن “الوضع السوري يتطلب تنظيم فعاليات ومؤتمرات لا تغيب مخرجاتها بمجرد الانتهاء من تنظيم الفعالية، والواجب يحتم علينا عدم تكرار التجارب السابقة، خاصة أن لدينا قرارات دولية يمكن الاستناد عليها”.
وبحسب الكاتب فإن “مشكلة سوريا اليوم باتت حقوقية، بمعنى أنه يجب على السوريين تحريك دعاوى في المحافل الدولية حتى على الأمم المتحدة التي لم تنفذ القرارات التي أصدرتها هي، أي تشكيل مجلس انتقالي بعيداً عن النظام السوري”.
وأشار فنصة إلى الانتقادات للحراك السياسي السوري لأن كل الاجتماعات لم تقدم أو تؤخر في القضية السورية، مرجعاً ذلك إلى أن “القضية السورية تحولت إلى قضية تديرها أطراف دولية”.
لوبي سوري
وثمة من يقول إن اللقاء التشاوري يبحث في تشكيل “لوبي سوري” في الولايات المتحدة، وعن ذلك يصف فنصة الفكرة بـ”الجيدة”، لكنه يستدرك بقوله: “تم تشكيل مثل هذا اللوبي في العام 2015، وكنت آنذاك في إحدى المجموعات واجتمعنا مع مشرعين أمريكيين، ولمسنا في حينه أن النواب الجمهوريين أكثر وضوحا من أقرانهم الديمقراطيين، لكن كل الوعود التي تلقيناها من الحزبين لم تخرج عن إطار الوعود”.
وبذلك يقلل فنصة من تأثير “اللوبي” السوري، ويقول: “لم يتغير شيء منذ ذلك الوقت، والسياسة الأمريكية لا تتأثر بوجود لوبي سوري أو عربي أو حتى إسلامي”.
ويقول إن “ما يجعل هذا اللقاء إيجابيا ومفيدا، هو نجاحه بالتأسيس لمؤتمر وطني سوري عام، لأن مشكلة سوريا لم تعد محصورة في نظام الأسد، وإنما هي مشكلة احتلالات متجذرة”.
ويرى فنصة أن “المهم في أي حراك قادم هو أن يعترف الجميع بالأخطاء المهولة التي عمقت من الكارثة السورية ولم تقدم أبسط الاحتياجات إلى السوريين في المخيمات والمعتقلات”.
المصدر: عربي21