أثارت التسريبات حول اللقاءات التي عقدت بين حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده صالح مسلم والمجلس الوطني الكردي الذي يمثّل المكون الكردي في الائتلاف السوري المعارض الكثير من اللغط حول نية المجلس الانسحاب من الائتلاف بعد توصلهما لاتفاق، ومثلها الجهة التي ترعى تلك اللقاءات التي يعوّل عليها البعض كثيرًا في إنهاء الصراع السياسي الكردي؛ فيما يعتبرها البعض الآخر إجراءات برتوكولية لا أكثر.
لا اتفاق
في هذا الإطار، نفى عضو المجلس الوطني الكردي عبد الله كدو التوصل لاتفاق نهائي بين الجانبين حتّى الآن، وقال لموقع “بروكار برس”: إنّ “اللقاءات تجري برعاية (أميركية)؛ وهو خلاف ما أشيع عن أن تلك اللقاءات قد تمت برعاية (لاهور شيخ جنكي) وهو نجل شقيق الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، والرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني”.
كذلك، نفى “كدو” وجود أي نية في الوقت الحالي لدى المجلس للانسحاب من الائتلاف بعكس ما تم تداوله في وسائل الإعلام، وأوضح أنّ “اللقاءات بين الجانبين تشمل الرؤى السياسية؛ لكنها لم تصل حتّى الآن لصياغة رؤية مشتركة بينهما”.
وشدّد “كدو” على أنّ المجلس قبل التفاوض بـ”هدف تقوية المعارضة الوطنية السورية، و دعم العملية السياسية الدولية وفق مؤتمر(جنيف1)”، وأنه “انطلق من الأرضية الوطنية السورية المستقلة كمحددات للتقارب مع حزب الاتحاد الديمقراطي”.
أعلن عن تشكيل المجلس الوطني الكردي في تشرين الأول/ اكتوبر من عام 2011 في مدينة أربيل العراقية؛ برعاية من رئيس إقليم شمال كردستان العراق مسعود البرزاني، وهو جاء ردًا على سيطرة خصمه حزب الاتحاد الديمقراطي على مساحات واسعة في شمال سورية.
نقاط خلاف جوهرية
إلى ذلك، رأى الصحفي نور الدين العمر المقرب من حزب الاتحاد الديمقراطي أنّ “هذه اللقاءات لم تُسفر عن نتائج ملموسة على الأرض حتى الآن”، وقال لـ “بروكار برس”: إنّ “هناك العديد من نقاط الخلاف بين الجانبين تتعلّق بطبيعة العلاقة بينهما، ورؤيتهما المختلفة للعديد من المسائل التي تخص شكل الإدارة والقوات التي تحمي مناطق شمال شرق سوريا”.
ورجح العمر ألا تسفر اللقاءات “عن نتائج إيجابية بين الجانبين”، وأنها ستنتهي “دون التوصل إلى اتفاق سياسي جدي”، مفترضًا أنه في حال التوصل إلى اتفاق فإنه “لن يصمد طويلاً، وسينسحب أحزاب المجلس الوطني الكردي من الاتفاق كما جرت العادة في الاتفاقات السابقة”. وفق تعبيره
وتأسس حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا عام 2003؛ كفرع من حزب العمال الكردستاني، إذ امتنع الحزب عن الانضمام إلى أحزاب المعارضة الكردية، وبعيد انطلاق الثورة السورية سيطر على مساحات واسعة من مناطق شمال شرق سورية، ولعب دورًا محدودًا كعضو مؤسّس لهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي التي أعلن عن تأسيسها بدمشق في حزيران/ يونيو من عام 2011، ويعتبر في الوقت الحالي الجناح العسكري الأبرز في قسد والتي تحظى بدعم مباشر من قبل التحالف الدولي ضد (داعش) الّذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.
عدم ترحيب بالمفاوضات
وعن نظرتهم للقاءات التي تجري بين المكونين الأكبر على الساحة الكردية، قال رئيس رابطة المستقلين الكرد عبد العزيز تمو لـ “بروكار برس” إنّ رابطته “ترفض قطعيا الحوار مع منظمات (إرهابية) مهما كانت قومية أو دينية”، متهمًا الحزب الديمقراطي الكردي بـ”الإرهاب” و”العمالة مع نظام الأسد”.
واشترط “تمو” لإجراء مفاوضات مباشرة ومفترضة بين المكونات الكردية السورية “مغادرة كوادر حزب العمال الكردستاني الأراضي السورية، وإعلان الحزب فك الارتباط بشكل نهائي بـ(العمال الكردستاني)، والقبول بإنشاء إدارات مدنية مع جميع مكونات الجزيرة السورية. وتسليم جميع المناطق والمحافظات السورية التي تسيطر عليها قسد، والتي لا وجود للمكون الكردي فيها، إلى أهلها لإدارة شؤونهم بنفسهم”.
وأضاف: أنّ من بين الشروط أيضًا: “إعادة هيكلة المقاتلين؛ بحيث لا يتبعون لأي تنظيم سياسي مهما كان وأن يكون ولاءهم لسوريا الوطن، وإخلاء سبيل المعتقلين وبيان مصير المفقودين وتقديم المجرمين ومن ارتكبوا جرائم بحق السوريين عربًا وكرداً إلى القضاء”، وكذلك “فكّ الارتباط مع النظام السوري وإيران والإعلان عن الانحياز التام للثورة السورية”.
كما طالب تمو بـ “التعهد بالمحافظة على الاستقرار والسلم العام وعدم إثارة النعرات القومية، والدينية والحفاظ على السلم الأهلي، والعيش المشترك ونبذ العنف والإرهاب، وضمان أمن دول الجوار؛ وذلك من أجل وضع أرضية صلبة للوصول إلى حل سياسي في البلاد في إطار قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية”.
وعلى ما يبدو أنّ بوادر حلّ الخلاف بين المكونات السياسية الكردية السورية غير وارد في الوقت الحالي؛ بسبب تدخلات إقليمية ودولية؛ إذ أن هذه الخلافات تستند في الأساس على الموقف من آلية إدارة شؤون الحكم في مناطق شمال شرق سوريا؛ وكذلك التمثيل وحجم التمثيل في الأجسام السورية المعارضة، وإلى ما هناك من خلافات جوهرية مع حزب الاتحاد الديمقراطي فيما يخص التفاوض المنفرد مع النظام وكذلك وجود عناصر أجنبية في صفوفه.
المصدر: بروكار برس