يوماً بعد يوم تُثبت الأحداث والتطورات متانة العلاقات التركية القطرية وأنها تحولت من من انسجام في السياسة الخارجية إلى تعاون تحول إلى شراكة استراتيجية تتماشى مع استراتيجيات البلدين، في حين يرى مراقبون أن هذه العلاقة تثبت الرؤية الأكثر عقلانية في التعاطي مع متغيرات المنطقة.
ويؤكد مراقبون أن “تركيا وقطر تستفيدان من القدرات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية لبعضهما البعض بطريقة متكاملة”.
وما يؤكد متانة وعمق العلاقات بين البلدين الزيارات الكثيفة المتبادلة سواء على مستوى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أو على مستوى الوزراء والمسؤولين السياسيين والدبلوماسيين والعسكريين.
وفي هذا الصدد، تشهد مدينة إسطنبول، الجمعة، عقد اجتماع على درجة عالية من الأهمية بين أردوغان وأمير قطر، لاستعراض العلاقات التركية القطرية بجميع جوانبها، والخطوات الممكن اتخاذها لتعميق وتطوير التعاون الثنائي.
وقالت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية إن “مدينة إسطنبول ستحتضن، الجمعة، الاجتماع الثامن للجنة الاستراتيجية العليا بين تركيا وقطر، بحضور زعيمي البلدين”.
والثلاثاء، ذكرت “وكالة أنباء تركيا” نقلاً عن مصدر دبلوماسية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيلتقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يوم الجمعة (غدا) في مدينة إسطنبول.
وأكد السفير القطري في تركيا الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني أنه من المتوقع توقيع العديد من الاتفاقيات المهمة في مختلف المجالات والقطاعات بين تركيا وقطر، وذلك خلال انعقاد الاجتماع الثامن للجنة الاستراتيجية العليا برئاسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ويُلاحظ في العديد من الأزمات التي أعقبت عام 2013، أن البلدين يقفان بقوة جنبًا إلى جنب، بحسب مراقبين.
وتشهد العلاقات التركية القطرية تطوراً متنامياً وتعاوناً متواصلاً على مختلف الأصعدة، مع وجود تناغم سياسي كبير بين البلدين واتفاق في وجهات النظر تجاه كثير من القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما قضايا الشرق الأوسط.
وحول متانة وعمق العلاقات بين تركيا وقطر، قال الكاتب السياسي أحمد مظهر سعدو لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “العلاقات التركية القطرية كانت ومازالت تتسم بالاستمرارية والديمومة في العلاقات السياسية والاقتصادية، حيث تتقارب التوجهات بل وتلتقي كلية في جملة من الملفات التي تتحرك بالمنطقة برمتها”.
وأضاف “ولعل متانة هذه العلاقات تنبع من كونها تتوافق مصلحيا في الملف السوري مثلاً، وتجري التفاهمات وفق منظور الاحترام المتبادل والدفع قدما باتجاه أن تسود موضوعياً مصلحة الطرفين”.
وتابع سعدو أن “الرؤيا تستمر وضوحا من أجل عالم إسلامي أكثر انفتاحا وأكثر انسجاما مع التغيرات الدراماتيكية الجارية في العالم، حيث تسود الرؤيا التركية والقطرية الأكثر عقلانية في التعاطي مع هذه التغيرات”.
ومضى قائلاً إن “دولة قطر ليست ضمن حلف الـ (ناتو)، لكنها وحسب تعبيرات أميركية هي الأقرب صداقة للحلف، وهذا مايساعد هو الآخر في ديمومة العلاقة التفصيلية بين الطرفين التركي والقطري مصلحة لشعوبهما وعملاً من أجل مستقبل أكثر إشراقا للمنطقة بمجملها”.
ويطمح البلدان إلى تحقيق المزيد من التقارب والتعاون بينهما، وترسيخ التعاون الحالي وتثبيت ركائزه، فضلا عن الارتقاء بمستوى العلاقات لتشمل جوانب أشمل وأوسع، حسب المصدر ذاته.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2021، استضافت الدوحة الاجتماع السابع للجنة الاستراتيجية العليا، ووقّع البلدان 15 اتفاقية جديدة، ليرتفع عدد الاتفاقيات المنبثقة عن اللجنة إلى 83 اتفاقية.
وانعقدت دورات اللجنة بالتبادل بين البلدين، الأولى في الدوحة 2015 والثانية بمدينة طرابزون التركية 2016 والثالثة بالدوحة 2017 والرابعة في إسطنبول 2018 والخامسة بالدوحة 2019 والسادسة في إسطنبول 2020 والسابعة بالدوحة 2021.
وشدد السفير القطري يومها على “أهمية التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، خاصة في الوقت الذي تعاني فيه العديد من الدول جراء معدلات التضخم المرتفعة، وشبح الكساد الاقتصادي، والمخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي، فضلا عن تداعيات جائحة (كورونا) والإغلاق”.
بدوره، قال الصحفي اليمني فهد سلطان لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “العلاقات التركية القطرية قديمة، وتمتد لأكثر من خمسة عقود، ودخلت العلاقة في طور جديد منذ 2010، مع توسيع الشراكة والاتفاقيات في ملفات عدة بين البلدين”.
وأضاف سلطان “وتعززت العلاقة بين قطر وتركيا لتصبح علاقة استراتيجية وذلك بعد حصار قطر من قبل الدول الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) عام 2017، ووقوف تركيا إلى جانب قطر، وإجهاض عملية الاجتياح الوشيك”.
ولفت إلى أن “تركيا حليف قوي لقطر واختبرت هذه العلاقة خلال الأعوام الماضية، وتعززت الثقة أكثر ضمن العمل معا في ملفات عديدة إقليمية ودولية، وارتفاع مستوى التعاون والتنسيق وخاصة في الملفات الاقتصادية والعسكرية والسياسية، يضاف إلى ذلك، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد ارتفع خلال الخمس السنوات الأخيرة إلى مستويات قياسية، يعكس حجم الشراكة والتفاهم المتنامي بين البدين.
وختم سلطان قائلا إن “زيادة أعداد الزيارة بين زعماء البلدين يعكس أيضا مستوى العلاقة بين البلدين”.
وضمن التعاون المكثف والمتنوع بين البلدين، سيدعم أكثر من 3 آلاف عنصر أمن تركي تأمين الملاعب والفنادق خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر بين 20 تشرين الثاني/نوفمبر و18 كانون الأول/ديسمبر المقبلين.
ويساهم تعزيز العلاقات التركية القطرية بشكل أكبر في زيادة أمنهما وتعزيز إمكانيات نفوذهما الإقليمي ودرجات استقلالهما في علاقاتهما مع القوى الأخرى، حسب مراقبين.
ومن أبرز تلك الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين تركيا وقطر، منذ العام 2020، هي الاستثمار المشترك في مشروع “القرن الذهبي” بولاية إسطنبول، والبورصة، وأنشطة الترويج المشترك في المناطق الحرة، وإنشاء اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، والتعاون في مجال إدارة المياه، وتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي، وتبادل الدبلوماسيين بين المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية القطرية والأكاديمية الدبلوماسية في الخارجية التركية، والتعاون في مجالات الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية، حيث تم توقيع الاتفاقيات عقب الاجتماع السادس للجنة الاستراتيجية العليا التركية القطرية، ولقاء جمع بين الرئيس أردوغان والشيخ تميم، ولقاءات بين وفدي البلدين لمناقشة الشراكة الاستراتيجية وتعزيزها.
المصدر: وكالة أنباء تركيا