تزداد مخاوف نازحي جبل الزاوية، شمالي سورية، من العودة إلى منازلهم، جراء تجدد القصف من قبل قوات النظام وروسيا والخروقات المتواصلة له، فضلاً عن ضعف عمليات الاستجابة الإنسانية، وغياب أي مشاريع حقيقية تسهّل سبل عيش الأهالي، وتضع حداً لفصول معاناتهم بالمخيمات.
خالد الحمدو (36 عاماً)، نازح من منطقة جبل الزاوية إلى مخيمات النازحين شمالي محافظة إدلب، يقول لـ”العربي الجديد”: “لا أستطيع العودة إلى بيتي بمنطقة جبل الزاوية، بسبب الخوف على أطفالي وزوجتي، نزحت أواخر عام 2019، وأقيم حالياً بتجمع مخيمات مشهد روحين، لدي 4 أطفال، رُزقت بالخامس أخيراً”.
ويوضح: “سبب نزوحي الهدف منه حماية عائلتي من القصف والخوف، وعودتي مرهونة بزواله، لكنها في الوقت الحالي مستحيلة، لا يوجد أمان والطائرات الروسية تلاحقنا حتى في المخيمات، قبل أيام قصفت الطائرات الروسية المخيم، لن تكون العودة آمنة إلى جبل الزاوية”.
ويتابع الحمدو “هناك مشكلة أيضاً، في حال عدنا لن يكون القصف هو التهديد الوحيد لنا في بيوتنا؛ فالأطفال في المدارس سيكونون في خطر، وأيضاً ليست هناك مشاف أو خدمات، الجميع يخاف من العودة للعمل في المنطقة وتحديداً المنظمات الإنسانية، لن نكون قادرين على نقل المصاب حتى للمشفى”.
ويؤكد النازح أنه يفضل البقاء مع عائلته في هذا الأمان النسبي نازحاً في خيمة، “على العودة لمنطقة تُقصف يومياً بالمدفعية الثقيلة”.
كثيرون مثل الحمدو يفضلون البقاء في مخيمات النزوح، رغم الظروف المعيشية الصعبة صيفاً وشتاء، لكنها تبقى أهون من العودة إلى مناطق يهددهم فيها الموت في كل ثانية، ويتربص الدمار بمنازلهم، والهلع بصغارهم، في ظل استمرار خروقات قوات النظام السوري وروسيا الموثقة لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة “خفض التصعيد الرابعة” (إدلب وما حولها)، شمال غربي سورية، والتي بلغت خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، 652 خرقاً تشمل الاستهداف بالقذائف المدفعية والصاروخية والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى استخدام الطائرات الحربية الروسية في مناطق عدة من أرياف حلب وإدلب وحماة واللاذقية، مؤكداً أن عدد القتلى نتيجة تلك الخروقات بلغ 10 مدنيين، بالإضافة إلى استهداف 11 منشأة، وبنى تحتية، وفقاً لفريق “منسقو استجابة سورية”.
وأوضح الفريق في آخر إحصائياته الصادرة عنه، اليوم السبت، أن نسبة الاستجابة الإنسانية المتوسطة للمدنيين بلغت 35.14% للمخيمات المنتظمة، و23.4% للمخيمات العشوائية، فيما بلغت نسبة الاستجابة للقرى والبلدات التي تأوي نازحين 39.5% خلال الشهر الماضي.
ولفت إلى أن عمليات الاستجابة الإنسانية للسكان المحتاجين في شمال غرب سورية لا تزال منخفضة بشكل واضح من قبل المنظمات العاملة في محافظة إدلب للسكان المدنيين في المنطقة، مؤكداً أن أسباب الانخفاض هي ضعف التمويل اللازم للمشاريع الأساسية في المنطقة، وتركيز المنظمات على مناطق معينة وتهميش المناطق الأخرى، وتداخل عمل المنظمات بشكل كبير ضمن المناطق الأساسية فقط، مُشيراً إلى أن المنظمات الإنسانية لم تقدم في مناطق عودة النازحين حتى الآن أي مشاريع حقيقية، بسبب اعتبار تلك المناطق خطرة ولا يمكن العمل بها.
وطالب “منسقو الاستجابة”، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية باتخاذ موقف واضح وحازم من هذه الانتهاكات المستمرة، والعمل على إيقاف الهجمات المتعمّدة ضد المدنيين من قبل قوات النظام وروسيا وإيران في شمال غربي سورية.
وبيّن الفريق أن هذه الاعتداءات المستمرة من قبل قوات النظام وروسيا وإيران على قرى وبلدات شمال غربي سورية، تبرز الهاجس الأكبر لديهم في استهداف وقتل المدنيين بشكل متعمد وسط غياب للعدالة الدولية والتغاضي عن تلك الجرائم، مطالباً من الجهات الدولية كافة المعنية بالشأن السوري، العمل على تثبيت وقف إطلاق النار شمال غربي سورية، وإيقاف الخروق المستمرة للسماح للمدنيين بالعودة إلى مناطقهم.
وطالب المنظمات والهيئات الإنسانية بالعمل على تأمين احتياجات العائدين إلى مناطقهم، بالإضافة إلى تأمين احتياجات النازحين في مناطق النزوح، وتفعيل المنشآت والبنى التحتية الأساسية في مناطق عودة النازحين.
المصدر: العربي الجديد