31 قتيلا مع دخول التظاهرات يومها السادس والسلطات تقيد الوصول للإنترنت.
في الوقت الذي تستمر فيه الاحتجاجات في إيران لليوم السادس على التوالي، لجأ النظام إلى تعطيل الوصول إلى الانترنت في العديد من المدن، كما تم تقييد الوصول إلى انستغرام بحسب موقع “نت بلاكس” الذي يراقب اضطرابات الانترنت حول العالم، ويواجه مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي بشكل عام صعوبة في استخدامها.
وقال سكان ومرصد نتبلوكس لمراقبة انقطاعات الإنترنت إن إيران حدت أمس الأربعاء من قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقي انستغرام وواتساب المملوكين لشركة ميتا، وهما اثنان من آخر منصات التواصل الاجتماعي المتبقية في البلاد.
ومع تصاعد وتيرة المواجهات بين الأمن والمحتجين بلغ عدد القتلى إلى 17 شخصا في أنحاء البلاد، وفق ما التلفزيون الرسمي الذي أعلن الخميس أن “17 شخصاً من بينهم متظاهرين وشرطيين لقوا حتفهم في أحداث الأيام الأخيرة”.
وذكر موقع “بي بي سي” باللغة الفارسية وهو من أكثر وسائل الإعلام مشاهدة بين الإيرانيين أن لقطات وصورا كثيرة نشرت عن عنف رجال الأمن ضد المحتجين.
وتجاهل الناطق باسم وزارة الصحة الإيرانية يوم الخميس موضوع الاحتجاجات والمواجهات في انحاء البلاد ولم يذكر عدد ضحايا التظاهرات.
ويساور النشطاء القلق من تزايد عدد القتلى ذلك أن النظام له سوابق سيئة في قمع الحراك الاحتجاجي في البلاد.
من جهته، طالب الحرس الثوري الإيراني في بيان نشر الخميس، السلطة القضائية بمحاكمة “من ينشرون أخباراً كاذبة وشائعات”، وجاء في البيان “عبرنا عن تعاطفنا مع أسرة وأقارب الفقيدة مهسا أميني، وطلبنا من السلطة القضائية تحديد من ينشرون أخباراً وشائعات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك في الشارع، والذين يعرضون السلامة النفسية للمجتمع إلى الخطر، والتعامل معهم بكل حسم”.
وأضرم محتجون في طهران ومدن إيرانية عدة النيران في مركزين ومركبات للشرطة، الخميس 22 سبتمبر (أيلول)، حيث تتواصل الاضطرابات التي اندلعت إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 سنة) خلال احتجازها لدى “شرطة الأخلاق” في العاصمة الإيرانية، الأسبوع الماضي.
كما أفادت وكالتان إيرانيتان للأنباء، الخميس، أن أحد أعضاء منظمة “الباسيج” شبه العسكرية الموالية للحكومة، قتل طعناً في مدينة مشهد بشمال شرقي البلاد الأربعاء (21 سبتمبر)، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي لعناصر الأمن الذين قتلوا في الاضطرابات التي اندلعت على مستوى البلاد إلى ثلاثة.
حصيلة رسمية
ووفق حصيلة رسمية نُشرت اليوم الخميس، قُتل سبعة متظاهرين وأربعة من عناصر الأمن في إيران منذ بدء التظاهرات قبل ستة أيام.
وأفادت وكالات أنباء إيرانية رسمية عن مقتل ثلاثة شرطيين طعناً بالسكين أو رمياً بالرصاص الأربعاء في كل من تبريز (شمال غرب) ومشهد (شمال شرق) وقزوين (وسط) بعد أن “تم استدعاؤهم لمواجهة المشاغبين”، كما قتل عنصر من قوات الأمن الثلاثاء خلال تظاهرات في شيراز (وسط).
وتوفيت مهسا أميني (22 عاماً)، الأسبوع الماضي، بعد أن ألقت شرطة الأخلاق في طهران القبض عليها بسبب ارتدائها “ملابس غير لائقة”. ودخلت في غيبوبة خلال احتجازها. وقالت السلطات، إنها ستفتح تحقيقاً للوقوف على سبب الوفاة.
وأطلقت وفاة أميني العنان لغضب عارم بين السكان وأدت لاندلاع أسوأ احتجاجات تشهدها إيران منذ عام 2019. وتركزت معظمها في المناطق الشمالية الغربية التي يسكنها الأكراد في إيران، لكنها امتدت أيضاً إلى العاصمة وما لا يقل عن 50 مدينة وبلدة في أنحاء إيران، واستخدمت الشرطة القوة لتفريق المتظاهرين.
إحراق مراكز للشرطة
وأظهر مقطع فيديو نشره حساب “تصوير 1500” الذي يركز على احتجاجات إيران ووصل عدد متابعيه إلى نحو 100 ألف، قيام محتجين في شمال شرقي البلاد بالهتاف “نموت نموت وتعود إيران” بالقرب من مركز للشرطة تشتعل فيه النيران.
واشتعلت النيران في مركز شرطة آخر في العاصمة التي انتقلت إليها الاضطرابات من إقليم كردستان مسقط رأس أميني.
كما أعرب المحتجون عن غضبهم إزاء المرشد الأعلى علي خامنئي. وشوهد حشد يهتف في طهران “مجتبى نتمنى أن تموت قبل أن تصبح زعيماً أعلى”، في إشارة إلى نجل خامنئي الذي يعتقد البعض أنه قد يخلف والده على رأس المؤسسة السياسية الإيرانية.
وأفادت تقارير لمنظمة “هنجاو” الكردية الحقوقية بأن ثلاثة متظاهرين قُتلوا على أيدي قوات الأمن، الأربعاء، ليرتفع عدد القتلى بحسبها إلى 10. وينفي المسؤولون أن تكون قوات الأمن هي من قتلت المحتجين، وتقول إنهم ربما قتلوا برصاص مسلحين معارضين.
وفي ظل غياب المؤشرات على تراجع حدة الاحتجاجات، قامت السلطات بتقييد الوصول إلى الإنترنت، وفقاً لـ”هنجاو” وسكان ومرصد “نتبلوكس” لمراقبة انقطاعات الإنترنت.
وتلعب النساء دوراً بارزاً في الاحتجاجات، إذ يقمن بالتلويح بأغطية رؤوسهن أو حرقها، وتقوم بعضهن بقص شعرهن في الأماكن العامة.
وفي شمال إيران، أظهر مقطع فيديو قيام حشود مسلحة بهراوات وحجارة بمهاجمة عنصري أمن على دراجة نارية وسط ترديد للهتافات.
بايدن يحيي “الشعب الشجاع”
وفي حين أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الوقوف إلى جانب “شعب إيران الشجاع والإيرانيات الشجاعات”، تعالت الأصوات الحقوقية الدولية المنددة بالقمع معبرة عن قلقها على المحتجين والحريات مما تمارسه السلطات الإيرانية.
وأكد بايدن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد وقت قصير على كلمة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأربعاء، التضامن مع “الذين يتظاهرون اليوم دفاعاً عن أبسط حقوقهم”.
وفي الوقت نفسه أعلن بايدن دعمه إحياء الاتفاق النووي مع طهران.
رقعة الاحتجاجات تتوسع
وشملت الاحتجاجات، ليل الأربعاء 21 سبتمبر (أيلول)، طهران ومدناً أخرى بما فيها مشهد في شمال شرقي البلاد، وتبريز في الشمال الغربي، وأصفهان في الوسط وشيراز في الجنوب، وفق وكالة “إرنا” للأنباء.
وأفاد نشطاء عن وقوع اشتباكات في مدن من بينها أورميا وسردشت.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن رقعة الاحتجاجات امتدت إلى 15 مدينة، مشيرة إلى أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وفرقت حشوداً جمعت قرابة ألف شخص.
وأوردت وكالة “إرنا” للأنباء أن المتظاهرين عطلوا حركة المرور في بعض المناطق وأشعلوا النار بمستوعبات النفايات ومركبات الشرطة ورشقوا قوات الأمن بالحجارة ورددوا شعارات مناهضة للنظام.
وجرح 450 شخصاً واعتقل 500 بحسب منظمة “هنجاو” الكردية التي تتخذ في النرويج مقراً ولم يتسن التأكد من الأرقام من مصادر مستقلة.
هتافات وخلع الحجاب
وهتف المتظاهرون “الموت للديكتاتور” و”نساء، حياة، حرية” و”لا للحجاب، لا للعمامة، نعم للحرية والمساواة”، وفق أشرطة الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي على رغم القيود التي فرضت على الإنترنت وفق مرصد مراقبة الشبكة “نيتبلوكس”.
وأظهرت أشرطة فيديو تم تداولها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي أن بين المحتجين نساء خلعن الأوشحة عن رؤوسهن وعمدن إلى إلقائها في نيران أشعلت في الطريق، بينما عمدت أخريات إلى قص شعورهن بشكل قصير في تحرك رمزي.
وفي الأثناء واجه العديد من مستخدمي الإنترنت في إيران صعوبات في التواصل عبر الشبكات الاجتماعية.
تنديد وقلق
ونددت منظمة العفو الدولية “أمنستي” بـ”القمع الوحشي” و”الاستخدام غير القانوني للرصاص والكرات الفولاذية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والعصي لتفريق المتظاهرين”.
وقالت مجموعة “آرتيكل 19” الحقوقية ومقرها لندن إنها تشعر “بقلق بالغ إزاء تقارير عن الاستخدام غير القانوني للقوة من جانب الشرطة وقوات الأمن الإيرانية” ومنها استخدام الذخيرة الحية.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قال لوكالة الصحافة الفرنسية في نيويورك، “يجب أن يتنبه القادة الإيرانيون إلى أن الناس غير راضين عن الاتجاه الذي سلكوه”، مضيفاً “يمكنهم التخلي عن طموحهم بالحصول على أسلحة نووية، يمكنهم التوقف عن قمع الأصوات داخل بلادهم، يمكنهم وقف أنشطتهم المزعزعة للاستقرار”.
وتابع، “في نهاية المطاف يجب أن يراجع القادة الإيرانيون أنفسهم، يجب أن يتساءلوا لماذا هنا مثل هذا العدد من الإيرانيين مستائين وإذا ما كان هناك طريق آخر ممكن. طريق مع اقتصاد أقوى ومشاركة فاعلة أكثر مع المجموعة الدولية”.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه طلب من رئيسي في اجتماع معه، الثلاثاء، على هامش انعقاد الجمعية العام للأمم المتحدة إظهار “احترام لحقوق المرأة”.
ويرى الباحث في مركز “إيريس” دافيد ريغوليه روز المتخصص في الشأن الإيراني أن التظاهرات “تشكل خضة مهمة” في إيران، مضيفاً أنه “من الصعب التكهن بكيفية انتهائها، لكن هناك عزلة تامة بين السلطات العالقة عند (…) الثورة الإسلامية ومجتمع أكثر علمانية”.
انفجار الغضب
وانفجر الغضب الشعبي في الشارع منذ أن أعلنت السلطات، الجمعة 16 سبتمبر، وفاة الشابة البالغة من العمر 22 عاماً وهي من منطقة كردستان في شمال غربي إيران التي كانت أوقفت في 13 سبتمبر في طهران بحجة ارتداء “ملابس غير محتشمة”.
ويقول ناشطون، إن مهسا واسمها الكردي زينة تعرضت لضربة على الرأس أثناء احتجازها وهو أمر تنفيه السلطات الإيرانية التي أعلنت فتح تحقيق في الحادثة.
وبدأت التظاهرات في محافظة كردستان الإيرانية مسقط رأس أميني، حيث أعلن المحافظ إسماعيل زاري كوشا، الثلاثاء، مقتل ثلاثة أشخاص في “ظروف مشبوهة” وفي إطار “مخطط للعدو”.
المصدر: اندبندنت عربية