تصاعدت الاعتداءات على الأملاك والمرافق العامة في منطقة عفرين شمال حلب على يد مجموعات تتبع للفصائل المعارضة، ومجموعات أخرى تتبع لتجار متعاقدين معها، والتي بدأت مؤخراً بتفكيك أجزاء كبيرة من سكة الحديد في ناحية راجو، بعدما عملت قيادة الفصائل على الحد من ظاهرة قطع الأشجار الحرجية في الغابات والأحراش المنتشرة بكثرة في التلال والمرتفعات الممتدة على مساحات واسعة بريف منطقة عفرين، وظاهرة قطع الأشجار كانت سائدة خلال شهر آب/أغسطس.
مسار السكة
وتتركز عمليات قطع القضبان الحديدية في مسار السكة الواصل بين مركز ناحية راجو وبلدة ميدان أكبس الملاصقة للحدود السورية-التركية شمالاً، وتزيد المسافة بين النقطتين عن 22 كيلومتراً.
وبلدة ميدان أكبس كانت من البلدات المعروفة على مستوى محافظة حلب وعموم سوريا، لأنها تضم إحدى أبرز محطات قطار الشرق السريع وآخرها في سوريا، والتي بناها الألمان في العام 1911 في أقصى الشمال الغربي من محافظة حلب، وذلك قبل دخول السكة الأراضي التركية وعبورها نحو أوروبا.
الفصائل متورطة
وقالت مصادر عسكرية ل”المدن”، إن “ناحية راجو وريفها الذي يضم أكثر من 52 بلدة وقرية ومزرعة تتقاسم الانتشار والسيطرة فيها تشكيلات عسكرية تابعة للمعارضة، بعضها يتبع لحركة التحرير والبناء ومعظم عناصرها ينحدرون من محافظتي الرقة ودير الزور، بالإضافة لتشكيلات هيئة ثائرون للتحرير، وفيلق الشام”، لافتة إلى أن “جميع هذه التشكيلات متورطة بالاعتداءات التي تجري على المرافق والأملاك العامة، كقطع الأشجار وتفكيك سكة الحديد”.
وأضافت المصادر أن “قطع القضبان وتفكيك أجزاء من السكة يجري بشكل أكبر في القطاعات العسكرية غير المأهولة، والتي تصنفها الفصائل على أنها مناطق عسكرية يُمنع اقتراب المدنيين منها، وتنقل شحنات الحديد الخردة من المنطقة بشاحنات كبيرة إلى مستودعات تجار الخردة بريفي حلب وإدلب”.
وأوضحت المصادر أن ” التجار يشترون خردة الحديد وقضبان السكة بأسعار مغرية ويعملون مرة أخرى وبمساعدة الفصائل على تهريبها إلى مناطق سيطرة النظام الذي يشتريها لاستخدامها في مصنع صهر الحديد في حماة وسط سوريا”.
إنكار
لا تعترف الفصائل المعارضة بالتعديات المنسوبة لمجموعاتها على الأملاك والمرافق العامة في ناحية راجو، ومنطقة عفرين عموماً، وتزعم أنها تلاحق أي مجموعة تعمل على تخريب وتفكيك السكة وقطع أشجار الأحراش والغابات. لكن عمليات تفكيك سكة الحديد بدأت قبل أسابيع ولا تزال مستمرة في بعض القطاعات العسكرية المغلقة تحت أعين الفصائل وقادتها، وعمليات قطع الأشجار الحراجية مستمرة أيضاَ في مراكز النواحي الست في منطقة عفرين.
وسبق للفصائل والتنظيمات السلفية أن فككت أجزاء من سكة حديد حلب-دمشق في المنطقة الواقعة في ريفي إدلب الشرقي وحلب الجنوبي، في الفترة ما قبل العام 2018، ولاحقاً عملت التنظيمات السلفية على تفكيك أجزاء من سكة الحديد الواصلة بين حلب واللاذقية، واستخدمت التنظيمات القسم الأكبر من القضبان الحديدية المفككة في عمليات التحصين الهندسية وتدعيم الأنفاق في الخطوط الدفاعية، وبالتحديد في جبهات ريف اللاذقية الشمالي.
وقال عضو اللجنة المشتركة لرد الحقوق في منطقة عفرين وسام القسوم ل”المدن”، إن ” اللجنة المشتركة لرد الحقوق تواصلت مع عدد من قادة الفصائل والقطاعات العسكرية في المنطقة، وتم التأكيد من الجميع على منع التعدي على الأملاك والمرافق العامة، وتم التعميم على الحواجز العسكرية والأمنية في المنطقة المحررة لمراقبة ومنع الاعتداء على السكك الحديدية، ومنع مرور أي شحنات”.
وخلال آب/أغسطس، والذي سمّته الأوساط الشعبية بشكل ساخر “شهر التحطيب”، وصلت عمليات قطع الأشجار إلى ذروتها، حيث قطعت عشرات الآلاف من الأشجار في الغابات والأحراج القريبة من البلدات بريف عفرين، والتي نقلها التجار تباعاً وبشكل علني إلى مستودعاتهم المنتشرة في ريفي إدلب وحلب لتخزينها ومن ثم بيعها في فصل الشتاء.
وقال عضو مكتب العلاقات العامة في الفيلق الثالث هشام سكيف ل”المدن”، إن “عمليات القطع الجائر للثروة الحراجية بدأت تظهر بشكل لافت مع ازدياد الاعتماد على وسائل بديلة عن المحروقات للتدفئة”، مضيفاً “لدينا الآن ضابطة حرجية تقوم بما تستطيع لمنع الظاهرة كلياً، ولكن لم تحقق الهدف المنشود حتى الآن”.
المصدر: المدن