قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الولايات المتحدة نفذت ضربات جوية في سوريا، استهدفت خلالها أهدافاً مرتبطة بإيران، بهدف «حماية الأفراد الأمريكيين والدفاع عنهم، وعرقلة سلسلة هجمات على أمريكا وشركائها».
مؤكدًا في رسالة وجهها، الخميس، إلى رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، أنه أمر بضربات يوم الثلاثاء الماضي «بما يتسق مع مسؤوليته في حماية مواطني الولايات المتحدة في الداخل والخارج، وتعزيز الأمن القومي لبلاده ومصالح السياسة الخارجية». مشيرا إلى أن بلاده «تقف على أهبة الاستعداد للقيام بتحركات إضافية للتصدي للتهديدات».
وفي اليوم ذاته، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية «سنتكوم» في بيانٍ نشرته على موقعها الرسمي، أن ردها على استهداف قواعدها في شرق سوريا خلف مقتل أربعة مقاتلين موالين لإيران، ونقل البيان عن قائد العمليات الأمريكية الجديد بالشرق الأوسط مايكل كوريلا قوله: «سنرد بشكل مناسب على الهجمات ضد جنودنا» مشددا على أن أي مجموعة تستهدف القوات الأمريكية «لن تفلت من العقاب». وأوضح البيان أن القصف جاء ردا على هجمات صاروخية استهدفت مواقع تابعة للقيادة المركزية الأمريكية.
وأشارت القيادة المركزية إلى أنها نفذت هجمات باستخدام مروحية هجومية «أباتشي» ومدفع «إم 777» شمال شرق سوريا خلال الأربع والعشرين ساعة التي سبقت صدور بيانها ما أسفر عن مقتل أربعة مسلحين وتدمير سبع منصات إطلاق صواريخ.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية قد نوهت في بيانٍ سابق الى إن تقييماتها الأولية تشير إلى «مقتل اثنين أو ثلاثة من المسلحين المشتبه بهم المدعومين من إيران، جراء الرد الأمريكي على القصف الصاروخي الذي استهدف قاعدتين أمريكيتين في ريف دير الزور الشرقي، وأدّى إلى إصابة جندي أمريكي بجروح طفيفة».
وتوعد قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل أريك بـ «الرد المناسب والملائم على الهجمات التي تستهدف جنودنا» مؤكدًا «أنه لا يمكن لأي مجموعة أن تهاجم قواتنا بدون رد وسنتخذ جميع التدابير اللازمة للدفاع عن شعبنا».
وأفادت مصادر محلية متقاطعة في محافظة دير الزور أقصى شرق سوريا لـ«القدس العربي» بأن القوات الأمريكية قصفت ليل الخميس أهدافاً تابعة للميليشيات الإيرانية في بادية الميادين، وحويجة صكر بمحافظة دير الزور في اليوم الثالث على التوالي من المناوشات بين الطرفين.
وأكدت المصادر مقتل ما لا يقل عن ثلاثة عناصر من ميليشيات مسلحة متحالفة مع إيران عندما استهدفتهم طائرة هليكوبتر أمريكية خلال تجهيزهم قاذفة صواريخ في البلدة الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات.
الجدير بالذكر أن القيادة المركزية الأمريكية كانت قد أصدرت بيانًا على موقعها، مساء الأربعاء، كشفت من خلاله عن إصابة جندي أمريكي في هجوم صاروخي على قاعدتين تابعتين للتحالف الدولي ضد «داعش» وجاء في البيان أن «هجمات صاروخية منسقة استهدفت قاعدتي كونيكو والقرية الخضراء في قاعدة حقل العمر النفطي بدير الزور».
وجاءت الهجمات الصاروخية التي نفذتها الميليشيا المدعومة من إيران على القاعدتين في حقل العمر وحقل كونيكو للغاز بعد يوم من تنفيذ طائرات التحالف الدولي عدة غارات جوية على مواقع للحرس الثوري وحزب الله اللبناني وفاطميون في مستودعات عياش العسكرية في محيط مدينة دير الزور الثلاثاء 23 آب (أغسطس). وصرح مدير الشؤون العامة للقيادة المركزية الأمريكية، جو بوتشينو في بيان حول الضربات الجوية في سوريا، أن القوات الأمريكية بتوجيه من الرئيس بايدن شنت ضربات جوية دقيقة في دير الزور رداً على هجوم تم في 15 آب (أغسطس) عندما أطلقت الميليشيا المدعومة من إيران طائرات مسيرة استهدفت معسكر التنف الذي تستخدمه القوات الأمريكية في بادية حمص، قرب مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية والذي يقطع الطريق البري بين دمشق وبغداد ويمنع الميليشيات الإيرانية من التحرك بسهولة باتجاه دمشق. ويشكل المعسكر نقطة منطقة حيوية بنصف قطر طوله 55 كم.
وأوضح الجنرال جو بو تشينو في تصريح صحافي أن الضربات الأمريكية على معسكر عياش استهدفت تسعة مخابئ ضمن مجمع يستخدم لتخزين الذخيرة ولأغراض لوجستية، وكان هدف الجيش الأمريكي في الأساس ضرب 11 من 13 مخبأ في المجمع إلا أن تواجد مدنيين بالقرب من مخبئين منع ذلك.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل ستة عناصر من الميليشيا التابعة لإيران جراء الهجمات الأمريكية على عياش الثلاثاء الماضي.
وجاء قصف مواقع القوات المدعومة من إيران بعد أن أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية، الثلاثاء، بمقتل قائد في الحرس الثوري الإيراني خلال «مهمة استشارية» في سوريا، بدون تقديم أي تفاصيل حول ملابسات وفاة هذا القائد في الحرس الثوري الإيراني، وتم تقديمه فقط باعتباره «مدافعًا عن الضريح» وهو مصطلح لتعريف أولئك الذين لديهم مهمة ونشاط عسكري من قبل النظام الإيراني في سوريا أو العراق.
وكان الجيش الأمريكي قد ذكر في بيانٍ صادر منتصف آب (أغسطس) الجاري، إن طائرات مسيرة بدون طيار هاجمت موقعا عسكريا أمريكيا بمنطقة التنف على الحدود السورية العراقية، وأعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن إحباط الهجوم.
وأضاف الجيش الأمريكي في بيانه أن الهجوم أصاب مجمّعا تديره القوات الأمريكية ومقاتلو المعارضة السورية (جيش مغاوير الثورة) المدعومين من الولايات المتحدة في قاعدة التنف شرق سوريا الإثنين 15 آب (أغسطس) من دون وقوع إصابات، وأن القوات ردت على الهجوم. وتزامن بيان الجيش الأمريكي حينها مع بيانٍ للتحالف الدولي ضد «داعش» جاء فيه أن قواته «ردت على هجوم شنته عدة مركبات جوية بدون طيار في محيط ثكنة التنف» حوالي الساعة السادسة صباحا من يوم الإثنين 15 آب (أغسطس) وأضاف أن قواته اعترضت طائرة من دون طيار، كما «جرى تفجير مركبة جوية أخرى بدون طيار داخل المجمع» وأكد البيان أنه «لم تنجح المحاولات الأخرى لهجمات بمركبات بدون طيار أحادية الاتجاه».
من جهة أخرى، نفت إيران على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، ناصر كنعاني ارتباط المناطق التي استهدفها القصف الأمريكي بإيران، وقال كنعاني إنها «تستهدف البنية التحتية في سوريا» مضيفًا «هذا الاعتداء الجديد للجيش الأمريكي على الشعب السوري، يشكل اعتداء إرهابيا ضد المجموعات الشعبية والمقاتلين ضد الاحتلال» في إشارة للقوات الأمريكية شرق البلاد، نافيا «أن تكون المجموعات تابعة» لطهران.
فيما لم يصدر عن النظام السوري أي تعليق يخص الاشتباكات شمال شرق البلاد، باستثناء ما ورد عن وكالة سانا الرسمية حول هجوم بالقذائف الصاروخية الذي استهدف قواعد أمريكية شرق سوريا.
في غضون ذلك، استهدفت غارات إسرائيلية مساء الخميس مواقع عسكرية في محيط مدينتي حماة وطرطوس حسب ما نشرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» التي نقلت عن مصدر عسكري قوله «إن وسائط الدفاع الجوي تصدت مساء الخميس لغارات إسرائيلية من اتجاه البحر جنوب غرب محافظة طرطوس، مضيفاً أنه تم إسقاط معظم الصواريخ التي استهدفت محيط مدينتي حماة وطرطوس».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باستهداف الغارات الإسرائيلية مواقع لميليشيات تابعة لإيران، وأضاف أن الغارات قد طالت «مقرات ومواقع عسكرية ومستودعات للأسلحة والذخائر تابعة للميليشيات الإيرانية، وجرى تدمير أسلحة وذخائر في المناطق المستهدفة، وسط معلومات عن خسائر بشرية» كما ذكر المرصد أن ضابطاً في القوات الجوية السورية اعتُبر في عداد المفقودين جراء الغارات الإسرائيلية. ورصدت «القدس العربي» استمرار الانفجارات في مجمع البحوث العلمية في مصياف مدة أربع ساعات متواصلة عقب الاستهداف الإسرائيلي، ولم تتمكن فرق الدفاع المدني من الاقتراب وإخماد الحرائق بسبب انفجارات الذخائر في المستودعات.
يتزامن التصعيد ضد القوات الأمريكية مع التقدم في ملف الاتفاق النووي الإيراني، وتحاول طهران توجيه رسائل مستمرة حول قدرتها العسكرية في الشرق الأوسط، وتسعى لإرسال رسائل مفادها ان الاتفاق النووي لن يتم على حساب مصالحها الجيو سياسية في المنطقة وأنها تفرق بين الملفات في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن.
المصدر : القدس العربي