قال السفير التركي السابق في دمشق، عمر أونهون، إن الحرب في سوريا توقفت إلا أن الأزمة في البلاد لم تنته.
وجاء ذلك في مقالة نشرها على موقع “Yetkin Report” التركي.
وأشار عمر أونهون، الذي شغل منصب سفير تركيا في سوريا بين عامي 2009 – 2012، إلى أن الحرب توقفت على مستوى البلاد، وبشار الأسد انتخب للمرة الرابعة لشغل منصب رئيس الجمهورية في أيار 2021، وسوريا حققت بعد المكاسب من خلال عودتها إلى المجتمع الدولي مؤخراً، إلا أن هذا لم يساعد على انتهاء الأزمة ولم يحفظ السلم الأهلي في البلاد.
وبيّن في مقالته أن سوريا تقع تحت 4 إدارات منفصلة، هي نظام الأسد، وهيئة تحرير الشام، وقوات سوريا الديمقراطية، والمناطق التي تديرها تركيا والمعارضة السورية، مثل الجيش الوطني والتشكيلات العسكرية المختلفة.
وأضاف: “هناك جنود من دول أجنبية مثل روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وميليشيات أجنبية مثل حزب الله وجماعات شيعية أخرى ومتطرفين جهاديين، وعناصر داعش على الأراضي السورية، بينما تواصل إسرائيل قصف أهداف مختلفة في سوريا بشكل شبه يومي”.
وتساءل “أونهون” حول شرعية الانتخابات التي أجراها بشار الأسد في آيار 2021 لينتخب للمرة الرابعة كرئيس لسوريا: “حقيقة أن 6.6 ملايين سوري يعيشون في الخارج، و7 ملايين سوري يعيشون في مناطق لا تخضع لسيطرة الأسد في سوريا لم يتمكنوا من التصويت، تجعل من هذه الانتخابات موضعاً للتساؤل”.
العودة إلى العالم العربي
وتطرق “أونهون” إلى مسألة عودة النظام السوري إلى عضويته في جامعة الدول العربية، خاصة بعد أن شهد نظام الأسد انتعاشاً في العلاقات مع بعض الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة، وزيارة بعض وزراء الخارجية العرب إلى دمشق، وفتح بعض السفارات العربية في سوريا، كان آخرها البحرين.
في حين يرى أن الخطوة الأهم بالنسبة إلى سوريا هي العودة إلى مقعدها في جامعة الدول العربية بعد أن تم تعليقها في 2011: “تنعقد قمة الجامعة العربية في الجزائر في تشرين الثاني، وتشهد البلد المضيفة حملة من أجل عودة سوريا إلى الجامعة، ففي حين يؤيد العديد من أعضاء الجامعة، وخاصة الإمارات والعراق ولبنان، عودة سوريا، إلا أن السعودية وقطر تمنع ذلك من داخل الجامعة، والولايات المتحدة من الخارج”.
الوضع الاقتصادي السيئ في سوريا
وعارض “أونهون” المدافعين عن الرأي القائل بأن الوضع العام، بما في ذلك الاقتصاد، في دمشق والمناطق الخاضعة لسيطرة الأسد، جيد وآخذ في التحسن: “مقياس الاقتصاد الجيد لا يمكن أن يقاس بكون كل شيء جيد في قصر الأسد، ففي مدينة عدد سكانها 2 مليون نسمة، لا يستطيع 2 – 3 آلاف شخص ملء 8 – 10 أماكن ترفيه وتناول الطعام والشراب فيها كل مساء”.
وأضاف: “الوضع الاقتصادي في سوريا سيئ للغاية، 14.6 مليون سوري في البلاد بحاجة إلى المساعدة، و 12 مليون يعيشون على حد الجوع، والتضخم يحوم في نطاق 150-200 في المئة، والليرة السورية منهارة، والقوة الشرائية للشعب في حدها الأدنى، وحتى الضروريات الأساسية شحيحة، حيث لا تتوفر الكهرباء والماء في درجات حرارة تصل إلى 40 درجة، والوضع في أجزاء أخرى من سوريا أسوأ بكثير مما هو عليه في دمشق”.
حقول النفط خارج سيطرة سوريا
ويرى “أونهون” أن من أهم مصادر الدخل الرئيسية لسوريا هي النفط والغاز الطبيعي وخطوط نقل الطاقة والنقل البري والسياحة، إلا أن أهمها هو النفط، حيث يعتبر مصدر الدخل الرئيسي في البلاد: “اضطرت شركات النفط ، التي لها الحق في تشغيل الحقول النفطية في البلاد ، للانسحاب من البلاد بإعلان تحت أسباب قاهرة بسبب العقوبات والأزمة التي اندلعت عام 2011”.
وأردف: “نحو95٪ من حقول النفط هذه تحت سيطرة وحدات حماية الشعب، وكانت في وقت من الأوقات بيد داعش التي مولت أنشطتها من الدخل الذي حصل عليه منها، وفي هذه الفترة التي يتراوح فيها سعر برميل النفط بين 95 و 110 دولارات، تبيع وحدات حماية الشعب النفط السوري مقابل 20-30 دولارًا للبرميل وتمول هيكلها العسكري وإدارتها من الدخل الذي تجنيه”.
التغيير الديموغرافي عبر تمويل الإعمار
وأشار السفير “أونهون” إلى أن الملايين من السوريين اضطروا إلى مغادرة منازلهم والفرار إلى أجزاء أخرى من البلاد أو إلى الخارج خلال الحرب، وهو ما شجع النظام على بدء مشاريع شبيهة بـ “التحول الحضري” في المناطق التي تم إخلاؤها من السكان، معظمهم من السنة: “يتم مصادرة الممتلكات الخاصة وهدم المباني وبناء أخرى جديدة”.
وأردف: “استقر العديد من الجماعات التي دعمت النظام في الحرب (نصيريون جلبوا من الريف، وشيعة إيرانيون ولبنانيون) مع عائلاتهم في تلك المناطق، وبهذه الطريقة، ينظم النظام الهيكل الديموغرافي لصالحه ويحقق ربحاً من ذلك”.
وأكد في مقاله على أن الذين يمسكون بسوق العقارات، ويصادرون ويهدمون ويبنون المباني، هم رجال النظام السوري، ومن خلال عملهم تتشكل طبقة ثرية جديدة مؤيدة للنظام.
صعوبة العودة إلى الحياة الطبيعية في سوريا
وأرجأ “أونهون” أسباب الثورة السورية عام 2011 إلى كون عائلة الأسد شريكة في جميع الاستثمارات في سوريا، حيث كانت تعتمد العائلة على رامي مخلوف، وهو ابن خال بشار الأسد، مما شكل نظاما اقتصاديا فاسدا يحكمه عائلة الأسد، ويستفيد منه الطبقة الحاكمة فقط.
واعتبر أن النظام السوري لم يغير طريقته في الحكم منذ بداية الثورة السورية وإلى الآن، فقط تغير الأشخاص، فبدلاً من رامي مخلوف، أتت زوجة بشار الأسد، أسماء الأخرس، وحلت محله، وظهرت شخصيات مثل قاطرجي وعائلة فوز ليكونوا أمراء الحرب في سوريا.
وأضاف: “لم يتغير شيء في سياق الأسباب التي أدت إلى الأزمة في سوريا، على العكس تماماً، أضيفت أشياء جديدة إلى السلبيات الموجودة، وهو ما يظهر مدى صعوبة الأمور فيما يتعلق بمستقبل سوريا وعودتها إلى طبيعتها”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا