بعد التحضير اللافت والمحرك لفضاء الصراع الدائر على الساحة السورية وذلك بفعل الإعلان عن عملية عسكرية تركية منذ قرابة ثلاثة أشهر مضت كان من أهم أهدافها الإعلان عن إنشاء منطقة آمنة وعودة اللاجئين السوريين إلى مدنهم وقراهم، وبالمقابل وازاء ذلك ما اأتخمت به وسائل الإعلام المختلفة الوعي السوري من حركة نشطة تجلياً للصراعات السياسية والدبلوماسية حول الشأن السوري وكذلك الشؤون الدولية الأخرى، حرب روسيا أوكرانيا، زيارة بايدن للكيان الصهيوني والإعلان التاريخي غير المسبوق أي بدء العمل على دمج الكيان الصهيوني في المنطقة ومن ثم السلطة الفلسطينية والإعلان عن راهنية تطبيق حل القضية الفلسطينية وفق مبدأ الدولتين ولاحقاً مؤتمر جدة للأمن والتنمية وأخيراً كان مؤتمر طهران لثلاثي أستانة.
ليس المهم هنا إن حدثت العملية العسكرية التركية أم لم تحدث فالسيناريو المتعلق بهذا المعنى سبق وأن عشناه مع عمليات نبع السلام أو غصن الزيتون أو درع الفرات وغيرها حيث بتنا ندرك طبيعة التعقيد القائم بين أطراف الصراع الدوليين في الساحة السورية وتداعيات ذلك مع بقائه قيد السيطرة والتفاعل ريثما يتم الانتقال إلى مرحلة أخرى من مراحل الصراع في هذا الملف، وجميعه مرتهن لقرار المايسترو الأمريكي.
أما في المقلب الآخر، عندما نرصد انعكاس هذا المشهد الصراعي المعقد والمتداخل وما يستنزف من وقت وزمن متطاول، يترك آثاره على أهلنا وشعبنا عذابات وتجويع وتيئيس وإحباط، وما يصيب قوى الفعل الثوري المعارض الرسمي وكذلك ما يوازيها من قوى تستظل بها من إفلاس وعجز وتبعية فجة، ونتلمس في قلب كل ذلك آخات وتأوهات ونفثات اليأس من الغالبية من أهلنا في الداخل والخارج، عندها تفرض الصورة نفسها علينا فنتلمس فيها كيف أن سوريتنا لازالت تئن من وطأة سكين ذباح العصر الحديث وهي مسجاة على منضدة المصالح الدولية القذرة حيث قد تزفر زفرتها الاخيرة.
فهل يسجل التاريخ لنا وعلينا أننا حملنا في نعشها نحو مثواها الأخير.
أم أنه وكما كانت إرادة الشعوب هي المنتصرة في غالب سجلاته…
سيتمكن شعبنا من لملمة أشلاء سوريته الحبيبة أخيراً وسينهض بها من عثارها القاتل نحو الحياة من جديد.