التقرير يؤكد أن سوريا بلد غير آمن وبأن مختلف أنماط الانتهاكات ما زالت مستمرة
أصدرت وزارة الخارجية الهولندية في حزيران/ 2022، التقرير العام عن الوضع في سوريا، ومن حيث صلته بتقييم طلبات اللجوء من الأشخاص القادمين من سوريا، ولاتخاذ القرار بشأن عودة طالبي اللجوء السوريين المرفوضين، وشمل التقرير العديد من المحاور وبشكل أساسي تحدَّث عن حالة حقوق الإنسان في سوريا والتطورات السياسية والحالة الأمنية وتناول المدة بين أيار/ 2021 وأيار/ 2022.
اعتمد التقرير على مصادر حقوقية عدة من أبرزها، وهي بالترتيب بحسب مرات الاقتباس الواردة في التقرير:
الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 49 اقتباس
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: 36 اقتباس
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: 22 اقتباس
لجنة التحقيق الدولية المستقلة: 16 اقتباس
كما اعتمد على مصادر أخرى مثل: مكتب دعم اللجوء الأوروبي، هيومن رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، إضافةً إلى تقارير وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة حقوق الإنسان ومنظمات محلية ودولية أخرى، إضافةً إلى بعض الصحف ووسائل الإعلام.
قمنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمراجعة التقرير، الذي صدر باللغة الهولندية، وجاء في 100 صفحة، ونستعرض بشكل موجز أبرز ما وردَ فيه.
تحدَّث التقرير عن الوضع السياسي والأمني وعن أوضاع النازحين واللاجئين وعن أحوال النازحين واللاجئين العائدين إلى سوريا، حيث أكد التقرير تعرض العائدين من خارج سوريا إلى العديد من الانتهاكات من قبل قوات النظام السوري، حتى في حالات التسوية الأمنية.
أشار إلى الانتخابات الرئاسية التي حدثت في 26/ أيار/ 2021 والتي تم فيها إعادة “انتخاب” بشار الأسد، وأكد أن الاتحاد الأوروبي ومن خلال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوسيب بوريل رفض هذه الانتخابات ووصفها أنها عملية غير شرعية وتقف في وجه حل سياسي طويل الأمد.
وذكر التقرير أن نسبة المشاركة في الانتخابات كانت منخفضة. وأنه قبيل الانتخابات، اندلعت أعمال عنف في مراكز الاقتراع وضد من يروجون لها. وبسبب المقاومة الاجتماعية والمسلحة، لم يتم إنشاء العديد من مراكز الاقتراع في محافظة درعا، مما يعني أن التصويت لم يكن ممكناً في معظم المحافظة (80٪). وبعد وقت قصير من إعلان نتائج الانتخابات، اندلعت احتجاجات وإضرابات في جميع أنحاء المحافظة.
وكنا قد أصدرنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً عن انتقام النظام السوري من المدنيين في محافظة درعا بعد رفضهم الانتخابات.
قال التقرير إن الانهيار الاقتصادي الناتج عن النزاع المستمر منذ عشر سنوات يزداد سوءاً؛ وأكد على أن الأوضاع الإنسانية الحالية هي الأسوء منذ بداية الحراك الشعبي، حيث أشار التقرير إلى أن قرابة 90% من المواطنين السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 12 مليون شخص يعانون بشكل أو بآخر من صعوبات في تأمين الغذاء.
وأكد التقرير على غياب الاستقرار الأمني في مناطق سيطرة أطراف النزاع مشيراً إلى أن المدنيين في مناطق سيطرة قوات النظام السوري، بما في ذلك العاصمة دمشق، يتعرضون لخطر الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري على يد القوات الحكومية، وكذلك يتعرضون لمضايقات وانتهاكات من قبل المليشيات المسلحة وعصابات إجرامية تتمتع بالإفلات من العقاب.
وذكر التقرير أنه في مناطق سيطرة جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني يستمر انعدام الاستقرار الأمني، نظراً لتفجيرات مفخخة واشتباكات متكررة بين الفصائل نفسها، بالإضافة إلى حالات اعتقال وإخفاء قسري وتعذيب من قبل عناصر الجيش الوطني.
وأضاف التقرير أن الوضع مشابه في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية حيث استمرت الانتهاكات بما في ذلك عمليات الاعتقال التعسفي والهجمات غير المشروعة، التي أدَّت إلى خسائر في صفوف المدنيين، وتقييد حق الأشخاص في التنقل، وأشار إلى استمرار قوات سوريا الديمقراطية بتجنيد الأطفال على الرغم من خطة العمل التي وضعتها قوات سوريا الديمقراطية بالتنسيق مع لجنة التحقيق الدولية في عام 2019.
ذكر التقرير أن قانون مناهضة التعذيب الذي أصدره النظام السوري في 30/ آذار/ 2022، بلا قيمة، وذلك بسبب الأدلة الكثيرة على انتشار ممارسة التعذيب في مراكز الاعتقال والسجون السورية، ولأن الإصلاح الحقيقي يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع العدالة وملاحقة الانتهاكات التي ارتكبت بالفعل.
أشار التقرير إلى وجود قرابة 7 مليون لاجئ خارج سوريا وقرابة 6.7 مليون نازح داخلها، وقرابة 2 مليون نازح يعيشون في مخيمات عشوائية أو نظامية للنازحين.
ولفت التقرير الانتباه إلى انخفاض أعداد العائدين عن العام الماضي كما ذكر أنَّ 35 ألف شخص عادوا إلى سوريا معظمهم (أكثر من 24 ألف) عادوا إلى مناطق خارج سيطرة قوات النظام السوري، وأوضح أنه لا يمكن التحقق مما إذا غادر بعض هؤلاء العائدين إلى خارج البلاد مرة أخرى.
وأكد التقرير تعرض العائدين إلى العديد من الانتهاكات منها الاعتقال التعسفي، الإخفاء القسري، التعذيب، وغيرها. وشددَّ أن سلوك النظام السوري تجاه العودة متناقض حيث أنه على الرغم من الدعوة إلى العودة وتنسيق تسويات أمنية، إلا أنه حتى بعد التسويات الأمنية، قد يتعرض العائدون لنفس الانتهاكات من قبل قوات النظام السوري.
إن تقييمنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن الأوضاع في سوريا فهو مستند بشكل أساسي على ما نرصده يومياً من انتهاكات بما فيها توثيق لحالات الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والتجنيد القسري، وغير ذلك من انتهاكات مرتكبة من قبل كافة أطراف النزاع والقوى المسيطرة، وبشكلٍ خاص النظام السوري، ونؤكد على أنَّ الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري لا تعمم قرارات طلب المواطنين للاعتقال، لأنه لا توجد سلطة قضائية فعلية في سوريا، فقد يكون اللاجئ مطلوباً لفرعٍ أمني دون أن يعلم، ومن المستحيل أن نعلم نحن أيضاً، ولجميع ذلك فإننا نؤكد أنَّ سوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين، وهذا يتسق مع تقييم التقرير وتقييم لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وهيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ونأمل أن تنجح عملية الانتقال السياسي وأن يتمكن اللاجئون السوريون من العودة إلى منازلهم ومناطقهم بحرية وكرامة في أقرب وقت ممكن.
نشير إلى أنَّ هذه هي السنة الثالثة على التوالي، التي تعتمد فيها وزارة الخارجية الهولندية بشكل أساسي على الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها العام عن الوضع في سوريا. وتؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان على أنها مستعدة دائماً للمساهمة في التقارير الدولية الصادرة عن وزارات الخارجية، أو غيرها، لتزويد بيانات عن حالة حقوق الإنسان في سوريا، وسوف تستمر ببذل أكبر جهد ممكن لتلبية ما يطلب منها من بيانات ومعلومات في هذا الخصوص، وذلك لإيصال ما يجري من انتهاكات وحوادث بموضوعية ومصداقية، وبما يخدم حقوق الضحايا ويدافع عنها.
للاطلاع على تقرير وزارة الخارجية الهولندية كاملاً نرجو تحميل التقرير عبر الرابط (التقرير متاح باللغة الهولندية فقط).
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان