الأحواز المعذّبة على يد أشقائها العرب… بين اتفاقية الجزائر (1975م) (العراقية ـ الايرانية) ومناصفة شط العرب مع الإحتلال الايراني، وبين إعترافات المسؤولين الخليجيين الخطيرة مؤخراً بمناصفة الخليج العربي، مع الإحتلال الايراني وإطلاق بعض مسؤوليهم الرسميين إسم “الخليج ا ل ف ا ر س ي” زورا وتضليلاً عليه، سيكون مرده السلبي الأول والكبير على الأحوازيين بشكل خاص، وعلى العرب بشكل عام، وحل هذه المعضلة هو التبصّر الرصين في الموقف القومي العربي من أجل التغلب على النزوع القطري والسلطوي لدى هذا النظام العربي أو ذاك الذي تسبب ـ كمثال على ذلك نقول ـ بالحرب الايرانية على العراق التي إستنزفت الأعمار والإعمار، وكنا كأحوازيين قد دفعنا أثماناً باهضة من أرواحنا وتدمير أرضنا وتهجير شعبنا الى العمق الفارسي.
إن آفاق التناقضات العربية والفارسية في ظل حكومة المملكة العربية السعودية بقيادتها الوضع العربي الراهن هي يجب أن تتربّص للأخطار القادمة من أجل إقتلاع شرور العدوانية الفارسية الكامنة في تلك الآفاق، ولا نريد التفصيل أكثر لأننا نرصد بعض المقدمات من دون الإصرار على توجّس آفاق المستقبل، نظراً لعدم “الثقة” في القيادة السياسية للطرف العربي :
أولاً: بالرغم من تصريح محمد بن سلمان الولي العهد السعودي بأن الحرب بين السعودية وايران ينبغي أن تتحول الى داخل ايران.
ثانياً: ورغم تحذير الملك سلمان الذي قيل يوم أمس بأن ايران وتركيا سيدفعان ثمن موقفهما اتجاه قطر، والمستقبل مطروحٌ على كل الإحتمالات.
كنا كأحوازيين أكبر المتضررّين من إتفاقية الجزائر (1975م)، فلم يكن لنا أي رأي أو دور سياسي لمنع الاتفاقية أو تأجيلها والتصدي للأجانب الذين فرضوا علينا ذلك الإتفاق ـ ولا يمكننا أنذاك أن نكون الطرف الفاعل في تلك الإتفاقية ـ التي أصبحت تالياً (المدخل الشرعي) للحرب الايرانية على العراق (1980ـ1988م)، فسلب منا كأحوازيين أمننا القومي عبر الموافقة على تسليم نصف شط العرب للإحتلال الايراني، فبدأت منذ ذلك “التنازل” الخطير مرحلة أكثر قساوة على ملايين الأحوازيين وكان عليهم مواصلة خوض الصراع ضد التوحش الايراني الذي ازداد على اثر الثقة بالنفس العالية التي امتلكها الاحتلال وتصاعد معنويات جنودهم وشعبهم ضد العرب عموماً، وضد الأحوازيين خصوصاً…والآن ايضا يتم التمهيد الإعترافي الخطير بـ(مناصفة) بحرنا “الخليج العربي” مع الإحتلال الايراني عبر التصريحات غير المسؤولة التي ينطق بها بعض المسؤولين الخليجيين ومن دون التفكير الاستراتيجي المسبق لما ستمثله تلك التصريحات فيتبدل كشاهد زور وهو يقدم وثيقة مضادة يتنازل بها بسهولة لأعداء العرب الاستراتيجيين… فمتى سترتكز رجاحة العقل والمنطق السياسي الإستراتيجي لدى المسؤول العربي؟!
لقد أقدم النظام العراقي السابق على عقد “إتفاقية الجزائر” في العام 1975م بينه وبين سلطة الإحتلال الفارسي الشاهنشاهي العنصري الذي لم يخفِ أهدافه السياسية، وكان النظام العراقي حينها قد ضحى بالبعد القومي العربي من أجل صيانة وجوده القطري والسلطوي جرّاء ما قام به الشاه على أن دعمه للأكراد بقيادة الملا مصطفى البارزاني قد كلفه 300 مليون دولار، من دون التأمل لخطورة تبعات ذلك الإتفاق على العراق وعلى الأحواز بشكل أخص !!!.
والآن من الناحية التاريخية، لا يمكننا إرجاع عقارب الزمن الى الوراء، ولكن القيادة العراقية حينها كان بإمكانها المماطلة وعدم التوقيع على تلك الإتفاقية المشؤومة، وذلك من خلال زيادة الإهتمام والإلمام بالوضع الداخلي الايراني الشهانشاهي الذي كان يعاني الهشاشة والاضطرابات، فكان على النظام في بغداد حينها العمل على المماطلة على عدم التوقيع على تلك الإتفاقية والتذرع بأعذار معينة لمدة 4 سنوات فقط، إذ حدثت اضطرابات واسعة في عموم ايران في العام 1978م، ثم الإطاحة التامة بذلك النظام الشاهنشاهي في العام 1979م!! وهو ما كان سيبعد شبح العدوان الايراني على العراق، فالمماطلة هو أسلوبٌ دبلوماسيٌ تقوم به الدول لسنوات ولعقود اذا كان توقيعها سيكلفها ثمناً استراتيجياً باهضاً على صعيد أمنها الوطني والقومي، ففي نهاية المطاف دفعت حركتنا الوطنية الأحوازية الأثمان الباهظة والمضاعفة من حضورها السياسي والكفاحي ضد الإحتلال الفارسي العنصري منذ تلك الإتفاقية، وفي ذلك مثالٌ لتبصر المخاطر القومية على المنجزات القطرية، وهو جرس انذار للأشقاء الخليجيين والعرب عموماً أن ينتبهوا لمثل هذه المخاطر الاستراتيجية على أمنهم القطري والقومي.