تحت عنوان: “لبنان غير قادر على الدفاع عن حدوده البحرية”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن سفينة الحفر في أعماق البحار التي استأجرتها شركة النفط الدولية Energean ميناء سنغافورة في أوائل شهر مايو المنصرم وستصل قريبًا إلى وجهتها، حقل كاريش للغاز الواقع على الحدود بين إسرائيل ولبنان. “هذا الوصول يكرس الفشل الذريع اللبناني في الدفاع عن حدوده البحرية”، يشير خبير الطاقة لوري هاتيان، الذي يقوم يوميًا، على تويتر، بالعد التنازلي للأيام المتبقية لرد فعل السلطات اللبنانية.
وتنقل “لوفيغارو” عن الخبير الدولي ميشيل غزال، مستشار لدى الفريق اللبناني الموفد في أكتوبر عام 2020 لإجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل في معبر الناقورة الحدودي تحت رعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة، تنقل عنه قوله: حالما يبدأ استخراج الغاز (الذي خططت له شركة Energean في غضون ثلاثة أشهر)، سيخسر لبنان الورقة الرابحة ضد إسرائيل”.
وأشارت “لوفيغارو” إلى أن الوفد اللبناني أعلن أنه يطالب بخط حدودي جديد- خط 29- لعبور حقل كاريش. ويوضح الخبير الدولي ميشيل غزال دائما أن هدف الجانب اللبناني كان “الخروج من حرب المواقع التي استمرت لمدة عشر سنوات. ويتطلب ذلك أن يقلب لبنان ميزان القوى، بفضل ادعاء، في القانون الدولي للبحار، من شأنه إجبار الأطراف على تعليق كل استغلال في المنطقة المتنازع عليها (…)”.
الوساطة الأمريكية
وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أنه في حين تم تحديد إمكانات الغاز في حوض بلاد الشام في البحر الأبيض المتوسط منذ أكثر من عشرين عامًا، وأعلنت إسرائيل للتو عن إطلاق مزاد جديد لتراخيص الاستغلال، فإن لبنان غائب تمامًا عن إعادة التشكيل الاستراتيجي الجارية في البحر الأبيض المتوسط بعد الحرب في أوكرانيا. أعادت الرغبة الأوروبية في تقليص اعتمادها على الغاز الروسي الاهتمام بالجيران، لكن لبنان لا يستفيد من ذلك. في هذا الإطار، تنقل الصحيفة عن ديانا قيسي، مستشارة الحوكمة في قطاع الطاقة قولها: “لا توجد شركة مستعدة للاستثمار في مثل هذه الدولة المختلة”.
وتحدثت “لوفيغارو” عن فشل يعزى إلى حد كبير إلى حقيقة أنه حتى الآن، ليس للبنان اتفاق حدودي مع أي من جيرانه الثلاثة. في الغرب، تم إبرام اتفاقية في عام 2007 مع قبرص ولكن لم يتم التصديق عليها. إلى الشمال، تكشف مزاعم كل من سوريا ولبنان عن منطقة متنازع عليها محتملة تبلغ مساحتها 750 كيلومترًا مربعًا. ومع ذلك، لم تبدأ مناقشة حول هذا الموضوع. في الجنوب، كان الخلاف مستمرًا منذ عام 2011، عندما قدمت إسرائيل إلى الأمم المتحدة إحداثيات حدودها، المعروفة باسم الخط 1، التي تتعدى 860 كيلومترًا مربعًا على المساحة التي يطالب بها لبنان، قبل بضعة أشهر من خلال إخطار الأمم المتحدة للإحداثيات الخاصة به. وعهد بالوساطة إلى الدبلوماسي الأمريكي فريدريك هوف الذي اقترح في عام 2012 على الطرفين الاتفاق على خط تساوي الأبعاد الصارم.
ومضت “لوفيغارو” إلى التوضيح أنه أثناء استئناف المحادثات غير المباشرة نهاية عام 2020 في الناقورة، رفضت إسرائيل رفضًا قاطعًا الموقف التفاوضي الجديد للوفد اللبناني الرسمي، والذي يتعلق الآن بالخط 29، وهو توسيع المنطقة المتنازع عليها بمقدار 1430 كيلومترًا مربعًا مقارنة بالخط 23.
وتقترح الولايات المتحدة، التي تدعم الموقف الإسرائيلي فيما يتعلق بالسطر 23، مهمة مساعي حميدة. في فبراير 2022، قدمت واشنطن عرضًا إلى بيروت، والذي، وفقًا لمصادر متطابقة، هو مزيج من خط هوف وخط 23. في أوائل يونيو، ما يزال الرد الرسمي من لبنان منتظرًا. ويستمر الغموض الأكبر فيما يتعلق بموقف السلطات من هذه المسألة الاستراتيجية.
رسالة موجهة إلى الأمم المتحدة في نهاية كانون الثاني/ يناير 2022 تتحدى السيادة الإسرائيلية على كاريش وتؤكد أن لبنان “يحتفظ بإمكانية تعديل المرسوم 6433” ويمتنع عن القيام بذلك في الوقت الحالي “حفاظًا على مسار المفاوضات”. الرسالة أرسلت بناء على تعليمات من رئيس الجمهورية اللبنانية، يؤكد عضو من وفد الناقورة، لكن بعد أيام قليلة، في مقابلة، أكد ميشال عون على أولوية الخط 23. رئيس الأمن العام العماد عباس إبراهيم، صنع المفاجأة بأخذ وجهة نظره المعاكسة. في مقابلة نُشرت في أوائل يونيو / حزيران لدى عودته من زيارة رسمية للولايات المتحدة، حذر إسرائيل من أي تجاوز شمال الخط 29.
يُزعم أن عباس إبراهيم مقرب من حزب الله. وكذلك وزير الأشغال العامة الذي تعلق عليه مسألة الحدود. هذا الأخير، مع ذلك، لم يفعّل عملية تعديل 6433. بينما يترك زعيم حزب الله التهديد بعملية مسلحة على منشآت بحرية إسرائيلية من أجل “حماية” حقوق اللبنانيين. مثل هذا الاحتمال يمكن أن يشعل النار في المنطقة، تقول “لوفيغارو”.
وتتابع “لوفيغارو” أنه أمام كل الخلافات التي تناقلتها الصحافة اللبنانية بشأن الحدود البحرية، يذكّر محلل خبير في الملف بأن “مسألة الغاز لا تنفصل عن القضايا الجيوسياسية. وخلف الهويات المتغيرة للمشهد السياسي المحلي هناك معسكران: حزب الله وأصدقاؤه. حلفاء الولايات المتحدة بشكل عام. لا مصلحة للأول في اتفاق مع إسرائيل بمعزل عن حل إقليمي يشمل إيران. فالأخيرة لا تستطيع تحمل استياء واشنطن التي أولويتها الدفاع عن المصالح الإسرائيلية”.
المصدر:“القدس العربي”