سورية الذبيحة… الى أين .؟

منجد الباشا

كانت قرارات الإصلاح الأخيرة في الائتلاف السوري (المعارض)، وكذلك حالة الانشقاق الذي عبر عنه بعض الذين تم إخراجهم من صفوفه، والانتخاب الساخر للمدعو بدر جاموس رئيساً لهيئة التفاوض المرفوضة شعبياً وثورياً بمثابة إسدال ورقة التوت الأخيرة لما كان يكاد يستر عورات هذه الأجسام التي سماها البعض منا وكذلك الإعلام الإقليمي والدولي بالأجسام المعارضة.

بينما هي لم تكن في يوم من الأيام بالنسبة لي سوى أداة من أدوات الثورة المضادة التي تمكنت من ثورتنا ودفعتها إلى السياق الذي تعيشه اليوم على مدى أحد عشر عاما، والذي انجلت فيه أكثر من أي مرحلة انقضت صورة سورية الذبيحة حيث يرتسم على جسدها معالم التدمير والتهجير والتجويع.

وتتبلور عليه مرتكزات الكيانات الكانتونية وتتموضع فيها معالم نفوذ القوى المحتلة أو الغازية شرقا، وغربا، وجنوبا، وشمالا.

اللافت والمؤلم في آن أنه بالرغم من العري الفاضح الذي ظهرت عليه هذه الأدوات في المشهد السياسي السوري، لم نلحظ ردة فعل ترقى إلى مستوى هذا الانفضاح من قبل القوى الثورية أو النخبوية السائدة التي تعج بها الساحة السياسية والثورية فتظهر هذا العري وتتناقله وتوسع انتشاره، ومن ثم تبني على مقتضاه وتعلن برامجها الثورية التي ما فتئت تقدمها ليل نهار حيث باتت بموجبها تحمل سمات البديل الجاهز لهذه الأدوات والتي يمكن أن يعتمد عليها الخارج لتساعده في تنفيذ حل سياسي للقضية السورية كما هو دارج في أدبيات هذه القوى المشار إليها.

أما بالنسبة لنا كثوريين وبالرغم مما ينتابنا من ألم ومكابدة، فإن بوصلتنا الثورية التي لازالت حاضرة في وجداننا تؤكد لنا باستمرار أن ثورتنا العظيمة لازالت في اتقاد ولازالت ترنو إلى سورية الذبيحة.

وتذكر بحتمية الحاجة الى إنتاج نخب بديلة تقطع مع هذه النخب المعجونة في وعيها بمفاهيم الواقعية السياسية وأمراضها وتناقضاتها وتعلن لثوارها أن كنس الاحتلال وتداعياته وأن افشال المخطط الاستعماري الذي ينفذ في سورية بإتقان ودقة لا نظير لها، لا يمكن التصدي له أوتجاوزه إلا بمتابعة النهج الثوري وتأمين مستلزماته على قاعدة العمل والقرار الحر السيد المستقل، والتحشيد الدائم لأبناء الثورة وجماهيرها وإنتاج قيادة للثورة تدير شؤون الحراك المدني الثوري وتنظمه وتخطط له وتعمل على تفعيل دور المقاومة الشعبية حيث أثبت تاريخ الشعوب كيف كان لها الدور الرائد في تحرير الأوطان وتحقيق سيادتها وحريتها.

وإننا على يقين أن شعبنا الذي أطلق ثورته العظيمة وأثبت للعالم أجمع أنه كان على مستوى من الوعي والممارسة تؤهله لأن يسهم في وسم منطلقات لثورة عالمية في سجل تاريخنا المعاصر، تعيد انتاج نظام دولي جديد، الأمر الذي تدار اليوم ارهاصاته على الأرض الأوكرانية.

وهو ما دعا القوى الدولية المهيمنة والفاعلة إلى العمل على احتواء ثورتنا وتحييدها مما أوصلها إلى ماهي عليه اليوم، لكن التاريخ قدم لنا دائما دروساً يمكن الركون إليها، حيث أثبت أن قدر الشعوب دائما أن تنتصر في معاركها مع جلاديها ومستغليها ومضطهديها.

وهذا ما نمني به أنفسنا ويجعلنا نعلن أن معارك ثورتنا مع أعدائها لم تنته بعد. وأن الحرب سجال.. ولابد أن ننتصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى