مع ترقب انطلاقة العملية العسكرية التركية في الشمال السوري، تسعى أنقرة لعقد ما يشبه الصفقة مع موسكو، تضمن من خلالها عدم اعتراض الأخيرة على العملية التركية.
وتعتقد أنقرة بحاجة موسكو إليها في هذا التوقيت أكثر من أي وقت مضى، وتحديداً لجهة الملف الأوكراني، و”الحياد الإيجابي” الذي لعبته أنقرة في الصراع بين روسيا والغرب.
وقال مصدر تركي مطلع إن أنقرة تسعى إلى ضمان موافقة موسكو على العملية التي تٌحضر لها في حدودها الجنوبية مع سوريا، لاستكمال إنشاء المناطق الآمنة.
وأضاف المصدر ل”المدن”، أن أنقرة تمتلك أكثر من ورقة تطالب بها موسكو، من أهمها فتح المجال الجوي التركي أمام الطائرات الروسية العسكرية والمدنية المتجهة إلى سوريا، وكذلك تُعوّل أنقرة على حاجة موسكو ل”الفيتو” التركي على توسيع حلف شمال الأطلسي (ناتو) عند حدودها الغربية (فنلندا السويد).
وكان نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف قد كشف في وقت سابق من أيار/مايو، أن موسكو تسعى لإقناع أنقرة بإعادة فتح مجال تركيا الجوي أمام الطائرات الروسية التي تقل عسكريين من وإلى سوريا.
وتشكل “لا مبالاة روسيا” في الملف السوري، بسبب التركيز على الصراع في أوكرانيا، حسب المصدر، فرصة تعتقد أنقرة أن عليها اقتناصها.
وبذلك، يرجح المصدر أن تكون منطقة تل رفعت، هي الوجهة الأكثر احتمالية لانطلاق المعركة، وخصوصاً أن المنطقة شكلت منصة لاستهداف الجيش التركي المنتشر في منطقة “درع الفرات”، وأدت إلى مقتل أكثر من جندي تركي مؤخراً.
وحسب المصدر، تشكل عين العرب (كوباني) حاجة تركية لوصل مناطق عملياتها العسكرية في الشمال السوري ببعضها، غير أن اعتراض الولايات المتحدة على العملية التركية، يُصعّب تنفيذ المهمة، منوهاً إلى أن أحد السيناريوهات المحتملة، هو الاتفاق على أن تكون المدينة محايدة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي أن روسيا حريصة في هذا الوقت تحديداً على إرضاء تركيا، وهي المنشغلة بخسائرها ومعاركها المتعثرة في شرق أوكرانيا.
وأبعد من ذلك، اعتبر المعراوي في حديث ل”المدن”، أن لروسيا مصلحة في شنّ تركيا عملية عسكرية في الشمال السوري، من شأنها إحداث وقيعة بين واشنطن وأنقرة، مضيفاً أن لروسيا مصلحة في معاقبة قسد ودفعها من خلال التهديدات التركية إلى حضن حليفها نظام الأسد.
ولم تُعلن روسيا حتى الآن عن اعتراضها على العملية العسكرية منذ إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 23 أيار، عزم قوات بلاده تنفيذها بهدف استكمال إنشاء المناطق الآمنة بعمق 30 كيلومتراً.
وفي أواخر نيسان/أبريل 2022، أعلنت تركيا أنها أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات المدنية والعسكرية التي تنقل جنوداً من روسيا باتجاه سوريا، وقال وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو إن إغلاق الأجواء أمام الطائرات الروسية جاء بالتشاور بين تركيا وروسيا، مضيفاً أن “تركيا كانت تعطي تصاريح مرور الطائرات الروسية التي تقل جنوداً لمدة ثلاثة أشهر، وأن هذه الطائرات كان لديها إذن حتى نيسان/أبريل 2022”.
المصدر: المدن