قال مسؤول عراقي أمني بارز في العاصمة بغداد، الأحد، لـ”العربي الجديد”، إن بلاده تقود حراكاً واسعاً تجاه عدد من الدول الغربية والآسيوية لمطالبتها بتسلّم معتقليها من أعضاء تنظيم “داعش”، الموجودين في سجون “قوات سورية الديموقراطية” (قسد)، وكذلك مواطنيها الموجودين في مخيم الهول السوري، معتبراً أن وجود المخيم والسجون التي يقبع فيها الآلاف من مسلحي التنظيم يمثل خطراً كبيراً على الأمن القومي العراقي.
وقال مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، أمس السبت، إن هناك أكثر من 12 ألف إرهابي لدى “قوات سورية الديمقراطية”، وإن هناك محاولات لـ”داعش” لكسر هذه السجون، مضيفاً خلال كلمة له في مؤتمر لمركز الرافدين للدراسات أن “وجود مخيم الهول شرقي سورية يمثل تهديداً حقيقياً”، كاشفاً عن وجود 30 ألف عراقي في مخيم الهول، منهم نحو 20 ألفاً دون سنّ الرشد.
وأكد الأعرجي أن هناك قراراً من الحكومة العراقية لاستقبال المزيد من العوائل العراقية التي تقطن في مخيم الهول بالأشهر القادمة، مشدداً على أن بلاده تعتبر “مناطق شرق سورية تهديداً للأمن القومي العراقي”.
ووفقاً لمسؤول عراقي رفيع في وزارة الداخلية، فإن العراق بدأ حراكاً واسعاً تجاه نحو 10 دول أوروبية وآسيوية تمتلك أكبر عدد من الرعايا المعتقلين في سجون تابعة لقوات (قسد)، بهدف نقلهم إلى دولهم ومحاكمتهم هناك، لوجود خطورة من فرارهم من تلك السجون.
وأضاف المسؤول في حديث لـ”العربي الجديد”، أن العراق اطلع على وضع السجون والتحصينات التي تقوم بها قوات (قسد) خلال الأسابيع الماضية، مشيراً إلى أن التحصينات غير كافية، وتفتقر إلى الأمن العالي، بما يمكن أن يسمح لتنظيم “داعش” بمحاولة الهجوم وكسر السجون مرة أخرى، وهو ما سيدفع العناصر الإرهابية الفارة إلى اتخاذ الأراضي العراقية مقصداً لها، وفقاً لقوله.
وبيّن المسؤول أن هناك دولاً قليلة متجاوبة مع العراق ومتفهمة لمخاوفه، إلا أنه أكد أن هناك دولاً أخرى، مثل فرنسا وبريطانيا، ما زالت تحاول إقناع العراق بتسلّم مواطنيه ومحاكمتهم وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب النافذ لديه، مشيراً إلى أن القانون العراقي لا يجيز محاكمة أو تسلّم مطلوبين موجودين في دول أخرى، ما لم يكونوا من العراقيين أو متورطين بجرائم داخل العراق.
وتابع: “بعض الدول ما زالت ترفض حتى استقبال أطفال وزوجات مسلحي التنظيم من مواطنيها، فيما يقوم العراق بعملية نقل تدريجية لتلك الأسر وإخضاعهم لبرامج تأهيل مكثفة في معسكرات لجوء خاصة جنوبي الموصل وتحت إشراف الأمم المتحدة”.
وفي وقت سابق رحبت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) جينين بلاسخارت، بقرار العراق استئناف العودة الطوعية من مخيم الهول السوري، مؤكدة في تقرير لها أنه أُعيد حوالى 450 عائلة، أو ما يقرب من 1,800 فرد منذ مايو/أيار 2021.
وأعربت بلاسخارت عن تقدير الأمم المتحدة “نية العراق ليس فقط الاستمرار، ولكن أيضاً تسريع عمليات الإعادة إلى الوطن”.
ووصفت مخيم الهول بأنه “قنبلة موقوتة إذا انفجرت، فإنها لن تؤثر بالمنطقة فحسب، بل ستؤثر أيضاً بما هو أبعد من ذلك بكثير”، داعية إلى ضرورة جعل هذه المسألة ضمن الأولويات.
وخصص مخيم الجدعة الذي يقع نحو 60 كيلومتراً جنوب الموصل في محافظة نينوى شمالي العراق لاستقبال الأسر القادمة من مخيم الهول السوري، إذ يضم المخيم المئات من الخيام لهذه الأسر، فيما تشرف عليه وزارة الهجرة وقيادة أمنية خاصة، ويمنع على أفراده الخروج منه في وقت يخضعون لبرامج تأهيل نفسي واجتماعي واسعة.
من جانبه، قال الخبير بالشأن الأمني العراقي أحمد الحمداني لـ”العربي الجديد”، إن العراق ينظر إلى مناطق شرق سورية بقلق كبير، لكونها تمثل مصدر تهديد أمني كبير لها، مشيراً إلى أن نجاح عبور 5 مسلحين من تلك المناطق إلى العراق يعني استنزاف أرواح الكثيرين في حال تنفيذ عمليات إرهابية.
ويضيف الحمداني أن العراق يحقق نجاحاً في مسألة إعادة نازحي مخيم الهول. وتابع: “صُنّف النازحون في مخيم الهول وفقاً لمعايير ودرجات أمنية بعد إجراء مسوحات كثيرة تقرر على إثرها إعادة المئات من الأسر، مع الأخذ بالاعتبار أن الأشخاص غير البالغين منهم هم ضحايا وليسوا مجرمين وهم أغلبية سكان المخيم، بمعنى أنهم وجدوا أنفسهم في هذا المكان بناءً على قرار اتخذه ذووهم”.
ويتابع الحمداني: “لكن الخطر الأكبر مقاتلو التنظيم لدى سجون (قسد)، حيث يتكدسون بشكل كبير، وهم يتحولون إلى أكثر خطورة، ومن الممكن أن أي انعكاس سياسي أو أمني في سورية يسمح بإطلاق سراح عدد أو جزء منهم وتكون كارثة أمنية على العراق لقرب تلك السجون من حدوده”.
وكشف عن وجود مماطلة من بعض الدول الأوروبية في تسلّم رعاياها مع محاولة إغراء العراق ببعض المنح لتجنب إعادتهم الى دولهم، وهو ما يرفضه العراق حالياً.
المصدر: العربي الجديد