هل خاب أمل بايدن في عودة النفط الإيراني إلى الأسواق || ورضوخ دول “أوبك” لضغوطه؟

رندة تقي الدين

قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بسحب مليون برميل نفط يومياً من الاحتياطي الاستراتيجي لمدة ستة أشهر بدءاً من أيار (مايو) خفّض أسعار النفط قبل بدء تنفيذ القرار ووصول هذه الكميات الى الأسواق، وفيه مبررات سياسية عديدة ومختلفة. لقد انخفض سعر برميل البرنت في لندن يوم الجمعة الى 104,39 دولارات وبرميل wti في الولايات المتحدة الى 99,27.

خطوة بايدن استثنائية لأنها أكبر سحب من الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي الذي يحتوي على 550 مليون برميل في حين أن بامكانه استقبال 714 مليون برميل. والاحتياطي الأميركي موجود في كهف تحت الأرض في تكساس ولويزيانا. وسبق لبايدن أن سحب 50 مليون برميل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ثم في آذار (مارس) سحب 30 مليون برميل إضافي بالتنسيق مع دول أعضاء في وكالة الطاقة الدولية التي سحبت أيضا 30 مليون برميل.

ولم تؤثر في حينه هذه الكميات القليلة على الأسواق إذ كان ذلك قبل الحرب الروسية على أوكرانيا. ولكن سحب 180 برميلاً سيكون أثره ملموساً. فخطوة بايدن تعطي الانطباع بأن الرئيس الأميركي لن يوافق  على رفع “الحرس الثوري” الإيراني عن لائحة الإرهاب، وهو الشرط الذي وضعته ايران على الولايات المتحدة للمضي في توقيع اتفاق فيينا حول برنامجها النووي والذي أصبح جاهزاً بكل تفاصيله حسب معلومات “النهار العربي”. ايران تنتظر تنفيذ الجانب الأميركي هذا الشرط. وواضح أن تأخير التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي تم في 2015 يؤخر وصول مليون برميل في اليوم من النفط الإيراني فوراً إلى الأسواق في حال رفعت العقوبات عن ايران ما كان يخفض أسعار النفط والبنزين في الولايات المتحدة. إضافة الى ذلك، رفضت دول “أوبك”، وفي طليعتها السعودية والإمارات، ضغوط إدارة بايدن بزيادة الإنتاج وطرد روسيا من مجموعة “أوبك+”.

هناك نوع من التباعد بين الدولتين الأساسيتين في “أوبك” وبين إدارة بايدن، بالنسبة لليمن وعدم التجاوب مع طلبهما إدراج جماعة الحوثي على لائحة الإرهاب، خصوصاً بعد تعرض المنشآت النفطية السعودية لهجوم جديد، وقضايا أخرى أدت الى نوع من التباعد بين واشنطن والدولتين الحليفتين لها واللتين ترفضان الانفصال عن روسيا، لا في “أوبك+” ولا في مسألة العقوبات على الأثرياء الروس الذين انتقلوا بثرواتهم وموجوداتهم الى دبي. رغم ذلك هناك أوساط أميركية مسؤولة في البيت الأبيض تنصح الرئيس بايدن بضرورة تحسين العلاقة مع السعودية والإمارات ولكن أنتوني بلينكن عدل عن زيارة السعودية نهاية الشهر الماضي. وحتى الآن، لم يتصل بايدن بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بسبب قضية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي.

خطوة بايدن بسحب كميات نفط من المخزون الاستراتيجي تعني أنه لم يعد يعتمد على حلفائه الخليجيين، كما أنه قد لا يكون مستعداً لرفع “الحرس الثوري” عن لائحة الإرهاب. وأسعار البنزين ارتفعت خلال هذا الشهر في الولايات المتحدة إلى رقم قياسي حيث بلغ سعر الغالون 4,17 دولار ما يشكل تهديداً على شعبية بايدن خصوصاً أنها ضعيفة حالياً، وموعد انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) يقترب والتضخم في أميركا يزيد التدهور في شعبية بايدن. ارتفاع أسعار النفط كان لصالح دول “أوبك +” خصوصاً الخليجية منها وروسيا. ولكن العقوبات على روسيا بدأت تخفض مبيعات النفط الروسية. فأشارت صحيفة “النيويورك تايمز” الى ناقلة نفط روسية Beijing Spirit كانت متجهة إلى فيلادلفيا عندما اضطرت إلى تغيير مسارها في وسط البحر بعد قرار الشاري بالعدول عن شراء النفط الروسي.

وقد انخفضت كميات النفط الروسي إلى ألمانيا بعدما رفضت الشرط الروسي بالدفع بالروبل. إلا ان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفرض الروبل كعملة لشراء النفط الروسي لا يغير شيئاً فعلياً بالنسبة للمستوردين لهذا النفط لأن تعاملهم يبقى مع البنك الروسي “غازبروم بنك” الذي لم تفرض عليه عقوبات ويجري دفع ثمن النفط باليورو والدولار إلى حساب في البنك الروسي بالروبل، ما أدى الى صعود قيمة العملة الروسية. الا ان الدول الأوروبية قد تفرض عقوبات جديدة إضافية تستهدف شراء النفط من روسيا حسب حديث مسؤول فرنسي الى “النهار العربي”. وهذا قد يكون سبباً إضافياً لدفع بايدن لسحب هذه الكميات الكبرى من الاحتياطي الاستراتيجي ودول وكالة الطاقة الدولية ستبحث هذا الأسبوع الخطوات التي ستتخذها في هذا الاطار.

المصدر: النهار العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى