منذ انطلاق الثورة السورية ثورة الحرية والكرامة، أواسط آذار/ مارس 2011، استشعر نظام الملالي في إيران بالخطر الحقيقي، وبات نظام بشار الأسد التابع للسياسات الإيرانيىة في المنطقة مهددًا بالزوال، نتيجة الهبة الجماهيرية الكبرى والسلمية في سورية التي زلزلت أركان نظام الفاشيست في دمشق. وهو ما دعا الإيرانيين وحرسهم الثوري للتدخل مباشرة لإنجاز المهمة التي طالما تهيؤوا لها منذ أن أعلن آية الله الخميني تصدير ثورته، والتي كانت متكأً لتنفيذ سياسات إيرانية فارسية تساهم في تحقيق الحلم الامبراطوري الكبير الذي عمل الإيرانيون من أجله في مواجهة الفتح الإسلامي لبلاد فارس، فكان التشيع الصفوي الفارسي وسيلة للركوب على القيم الدينية وصولًا إلى إنجاز الحلم الامبراطوري والأطماع الإيرانية في المنطقة برمتها، في ظل غفلة من قبل النظام العربي الرسمي الذي لم يشأ أن يستيقظ إلا مؤخرًا لمواجهة التمدد الإيراني الخطير حيث بات يهدد الجميع بلا استثناء.
عندما هبت الثورة في درعا كانت نصيحة كبار الشخصيات الإيرانية لبشار الأسد بالإنقضاض على الثورة في مهدها واستخدام كل أنواع العنف والحل العسكري لإجهاض هذا الحراك الثوري. وما كان من نظام العصابة الأمنية الأسدية إلا أن انحاز إلى الرأي الإيراني وللكثير من قادة الأمن لديه، استنادًا إلى تجربة سابقة في الثمانينات استطاع حينها (نظام الأسد الأب) أن يدمر مدينة بكاملها هي حماة، كي يبقى كنظام استبدادي شمولي لعشرات السنين بعدها.
لم يكتف نظام الملالي الإيراني بنصيحة الأسد بخيار الحل الأمني بل بادر إلى إرسال خبراء أمنيون وعسكريون مما يسمى بالحرس الثوري الإيراني/ الباسيج ومن ثم الإسراع في إرسال ميليشياته الطائفية من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان، فكانت التشكيلات الميليشياوية الكثيرة حتى فاقت بعددها السبعين، بقادة المجرم الأكبر قاسم سليماني قائد فيلق القدس الجناح العسكري الخارجي للحرس الثوري الإيراني، والذي أتى بتشكيلاته وميليشياته مثل:
ميليشيا “أبو الفضل العباس” التي يقودها “أبو هاجر العراقي”، وتتخذ من السيدة زينب مقراً لها.
يتفرع عن أبو الفضل العباس كلّ من “لواء ذو الفقار” بقيادة حيدر الجبوري ولقبه “أبو شهد”. وكتيبة “قمر بني هاشم” و”لواء اللطف”. وأيضاً “لواء المعصوم”. بعد “أبو الفضل العباس” تأتي ميليشيا “كتائب الإمام علي” التابعة للحشد الشعبي في العراق. وتعتبر (النجباء) ثاني أقوى ميليشيا عراقية موجودة في سورية، وتحظى باهتمام ورعاية ودعم الحرس الثوري الإيراني. ويصل عدد أفرادها لنحو 10 آلاف مسلح. ثم كتائب “سيد الشهداء” و”حركة الأبدال”.
وتقسم الميليشيات الطائفية في سورية، بحسب منشأ عناصرها، إلى أربعة فرق هي: العراقية واللبنانية والميليشيات الأجنبية (الإيرانية والأفغانية وغيرهما) ورابعاً الميليشيات المحلية (السورية).
بالإضافة إلى الميليشيات التالية: “حزب الله العراقي”-عصائب أهل الحق العراقية- لواء “أسد الله الغالب”-ويقوده أبو فاطمة الموسوي- “-“قوات التدخل السريع” أو “أفواج كفيل زينب” ويقودها أحمد الحجي الساعدي- لواء “الإمام الحسين”، ويتزعمه “أبو كرار أمجد البهادلي”.- لواء “حيدر الكرار”، – “لواء اليوم الموعود ” ويضم مسلحين من جنسيات متعددة أيضاً، كلواء “الإمام الحسين”، ومن بينهم سوريون من إدلب ومعرة مصرين والفوعة وكفريا. و”فيلق الوعد الصادق”. ألوية “الحمد” و”الحسن المجتبى” و”عمار بن ياسر”.
ثم تأتي قوات “الشهيد محمد باقر الصدر” وتنتشر في أحياء مدينة دمشق برفقة قوات حفظ النظام التابعة للأسد، – “سرايا طلائع الخراساني” وهم مزيج من مسلحين عراقيين وإيرانيين مهمتهم حماية مطار دمشق الدولي- “لواء بقية الله”، عراقيون وأفغان .
ثم ميليشيات حزب الله اللبناني ويتواجدون في غالبية مناطق سيطرة النظام، وخصوصاً في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية السورية من ريف حمص وصولاً إلى الغوطة الغربية في ريف دمشق. ويتبع لهم لواء “السيدة رقية” و”القوة 313″ “سرايا التوحيد” اللبنانية التابعة للنائب اللبناني السابق “وئام وهاب”. وهناك ميليشيات من بلدان أخرى، مثل ميليشيا “فاطميون” وعناصرها من الشيعة الأفغان اللاجئين في إيران، قاتلوا في درعا وتدمر وحلب. وكذلك ميليشيا “زينبيون” ومقاتلوها من باكستان، وهم أقل أهمية وعدداً من “فاطميون”. كما تتواجد بعض الميليشيات المحلية التي تتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني منها:
– “الغالبون” – سرايا المقاومة الإسلامية في سورية” وهم من منطقة الساحل، “كتيبة الزهراء” من أبناء قرية الزهرا، “كتيبة شهيد المحراب” من أبناء مدينة نبّل، – “كتيبة العباس” في الفوعة، – “كتائب الفوعة” . – “الإمام الرضا” وهي ميليشيات من علويين سوريين ولبنانيين تنتشر في ريف حمص الشرقي. – “فوج الإمام الحجة” ويتألف من 600 مسلح شيعي من سورية ولبنان في حلب.
أما “لواء الباقر”، من أفراد عشيرة برّي الحلبية الذين شيعتهم إيران، ثم “لواء الإمام زين العابدين” من أبناء بلدة “الجفرة” الشيعية في ريف دير الزور، كما توجد ميليشيا تحت مسمى “حشد الجزيرة والفرات” من عشائر محافظة الحسكة. وفي اللاذقية وحماة، توجد ميليشيا “لواء المختار الثقفي” من شيعة المحافظتين. – ميليشيات “لبيك يا سلمان”، “جيش التوحيد”، و”لواء الجبل”، و”قوات الفهد”، و”لبوات الجبل”، وأكبر كتائبها “كتائب حماة الديار”. ميليشيا “صقور الصحراء” يدعمها رجلا الأعمال محمد وأيمن جابر، وتعتبر من أكثر التنظيمات قرباً إلى إيران في سورية، “فوج مغاوير البحر” وهو أيضاً من علويي حمص واللاذقية. – “قوات درع القلمون” و”قوات درع الأمن العسكري”. وتقدّر أعداد كل هذه الميليشيت مجتمعة بأكثر من 100 ألف مسلح، باعتراف قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري.
ويبقى السؤال وأمام كل هذا الحشد الكبير والمتعدد للمليشيات الطائفية الإيرانية أو التي تتبع إيران لماذ تصر إيران على كل هذا الولوج في الواقع السوري؟ ومالذي يجعلها تنفق المليارات لدعم النظام السوري ومنع وقوعه؟ وهل يمكن أن يكون كل ذلك من أجل عيون نظام بشار الأسد فقط؟ في الإجابة على ذلك تتمظهر الكثير من المسائل التي لابد من وعيها وإدراكها لمعرفة ماهية الدخول الإيراني الإحتلالي في الجغرافيا السورية وإنفاق الكثير على كل هذه المليشيات، حيث يتبن أن ذلك جرى من أجل بعض المحددات التي نذكر منها:
_ إنفاذًا للمشروع الإيراني الفارسي الطائفي الذي كان ومايزال يؤشر إلى تحرك الإيرانيين خارج حدودهم، والدخول في معترك حروب كثيرة في سورية واليمن والعراق ولبنان.
_ عدم ثقة الإيرانيين بقدرات وامكانيات نظام الممانعة المفترض في دمشق، ووعيهم ومعرفتهم بمدى هلاميته ورفض الشارع السوري له.
_ التحرك الإيراني المباشر عبر أدوات أكثر إخلاصًا للمشروع الإيراني، وأكثر عصبية، وأكثر تنفيذًا للأوامر استنادًا إلى البعد العصبي الطائفي الأمتن حسب الرؤيا الإيرانية.
_ الإثبات لبعض الدول العربية والخليجية منها أن إيران جادة في التحرك وضخ الأموال والسلاح خارج حدودها وصولًا إلى الهيمنة الكلية على المنطقة برمتها، وإعادة مجد فارس، الذي ساد ثم باد في زمن ما.
_ اقتناص الفرصة في ظل غياب أي مشروع عربي قوي ومتماسك ومناهض للتمدد الإيراني وأطماع إيران.
-استغلال الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، الذي وقعه الرئيس الأميركي أوباما، ثم جرى تجميده مع ترامب، ليعاد اليوم الإشتغال عليه وإعادة تفعيله، حيث بات قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى تفاهمات جديدة فيه.
كل ذلك وسواه ساهم في زيادة تحشيد وضخ كل هذا الكم من الميليسشيات الطائفية الايرانية لتكون رأس حربة، وأدات للفعل العسكري، ليس في مواجهة إسرائيل بالطبع، بل في مواجهة العرب وتركيعهم إن أمكن ذلك، أمام نهوض المشروع الإيراني، وسط صمت مطبق بل وتواطؤ واضح المعالم، من الدول الغربية وخاصة الإدارات الأميركية المتعاقبة. وهو مايجعل الوجود المليشياوي الإيراني في سورية خطرًا أكيدًا ليس على السوريين فحسب، بل على العرب كافة وعلى الدول الإقليمية عمومًا، التي تستشعر الخطر الإيراني دون أن تحرك ساكنًا حتى الآن.
المصدر: وكالة ثقة للأنباء