جرح أوكرانيا ذكّر العالم بجرح سورية

د_ زكريا ملاحفجي

منذ مايزيد عن شهر استيقظ العالم على جرح دموي جديد من نفس الجهة المعتدية، والتي تتطلع لنفوذ وتمدد وفرض مشروعها على أشلاء الأبرياء وحطام المباني، وبوتيرة متصاعدة غير مهتمة بالعالم وتنديده، وهذا ذكّر العالم من جديد أن هناك جرحاً غائراً في سورية منذ إحدى عشرة سنة، ومع التدخل الروسي منذ سبع سنوات عجاف يابسة قاحلة، مليئة بالإجرام والقتل والاعتداء والتهجير، وأُضيف إليها وبشكل عفوي تعاطف مظلومي الأمس من السوريين مع مظلومي اليوم من الأوكرانيين، فالقاتل واحد والمعتدي واحد، وبدأت تقفز إلى أذهان العالم اعتداءات الروس على المدن السورية لاسيما مدينة حلب وذكرت وكالة الأنباء الأوكرانية أن هناك كارثتان إنسانيتان في القرن الحادي والعشرين، وهما تدمير مدينتين حضاريتين وهما حلب وماريوبول  وتشبيه قصف مدينة ماريوبول الأوكرانية بقصف مدينة حلب، وأن كلتا المدينتين تعرضتا لحرب إبادة وتدمير علماً أنهما من المدن الحضارية التاريخية القديمة، وماتزال الحرب تتصاعد باستمرار وأصبح التهديد بالنووي التكتيكي خياراً جنونياً مطروحاً لدى بوتين، وفُتحت أزمة إنسانية كبيرة وأزمة لاجئين حيث اقترب عددهم من أربعة ملايين لاجئ، كما بلغ قبل عدد النازحين واللاجئين السوريين ثلاثة عشر مليون لاجئ ونازح سوري، بسبب حماقة وإجرام اثنين الأسد وبوتين، وشعر العالم أنه لابد من وضع حد لهذا الإجرام الذي تُرك منذ سنين ولابد من إيقاف هذا الاجرام، وبدأ العالم سعيه الحثيث لإبطال فعالية استعمال النفط والغاز كسلاح للتهديد تستعمله الدول النفطية لاسيما الروس اليوم، واعتماد الكثير من الدول على النفط والغاز الروسي فحصلت تطورات  كثيرة دولية للاستغناء عن النفط والغاز الروسي، فتحاول الدعاية الروسية إقناع الشعب الروسي الذي بات يشعر بعزلة دولية عقب المواقف الدولية من الروس، ولوّحت ببيع النفط بالروبل الروسي ووعدت الشعب بأن النفط والغاز سلاح وأن المواقف الدولية ستتغير بسبب اعتماد الاتحاد الأوربي على الغاز الروسي، ولكن يبدو أن هذه الاستراتيجية مثل العديد من الاستراتيجيات الأخرى ، قد انهارت أيضًا.

 فالورقة الرابحة الأخيرة لروسيا – الطاقة – يتم تجاهلها من قبل المجتمع الدولي وإبطال استعمالها كسلاح! والآن تتحول الدول بشكل كبير لإبرام عقود مع موردين آخرين. لاسيما بعد استعداد المملكة العربية السعودية لرفع الصادرات وكذلك دول أخرى ومازالت تتحفظ الجزائر والإمارات ودول أخرى، وسيُسمح لإيران بتصدير النفط من جديد وإبرام عقود معها وهذا سيسحبها من التحالف مع الروسي والطرف الوحيد المتضرر في هذا الموقف هو روسيا.

 واليوم ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا ترفض النفط والغاز الروسي، والولايات المتحدة ستكون العام القادم مصدرة للنفط، وقد قررت شركة يونيبر الألمانية وقف تمويل المزيد من بناء خط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم 2.

ولن تجدد بلغاريا عقدها مع غازبروم لتوريد الغاز المقرر لتلقي الطاقة من موردين بديلين مثل قطر والجزائر.

في غضون ذلك، أعلنت بولندا بدء سياسة “إزالة الروس” من المواضيع الاقتصادية

 وتتوالى المواجهة غير التقليدية للروس سواء في المجالات العسكرية، الأمنية، السيبرانية، الاقتصادية، الإعلامية، وغيرها.

وبدأ الملف السوري يتحرك من جديد رغم بعض المحاولات التي كانت تُبذل لإعادة التطبيع، لكن الأسد ربط نفسه ببوتين مع أربع دول أمام 190 دولة.!

وهذا فتح بارقة أمل للسوريين من المهجرين والنازحين، حيث جرى تثبيت الجغرافيا عسكرياً بعد تهجيرهم لكن هذا اليوم قد يشهد تغيراً جديداً بظل التغير الدولي السريع وسورية هي إحدى الجبهات المفتوحة أصلاً مع الروس، ولعلّ هذا العام يكون عام الخلاص من إجرام المجرمين والقتلة ووضع حد لكل ذلك. فترك سورية تُنهش جرأ المعتدي على مرة أخرى وفي مكان آخر.

المصدر: اشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى