عمّق القصف الصاروخي «الإيراني» الذي استهدف مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، الأسبوع الماضي، الأزمة الشيعية ـ الشيعية، بشأن مصير الكتلة البرلمانية الأكبر، وملف تسمية رئيسي الجمهورية والوزراء، وفيما دخل مسؤولون إيرانيون على خط الأزمة السياسية، وحثّهم على «وحدة البيت الشيعي» أفادت تسريبات برفض زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، عرضاً لمقتدى الصدر، بإمكانية الالتحاق معه من دون «الإطار التنسيقي» الشيعي.
ويقول المحلّل السياسي العراقي، الدكتور حيدر البرزنجي، لـ«القدس العربي» إن «المساعي الرامية إلى وحدّة البيت الشيعي بين التيار الصدري والإطار التنسيقي عُلّقت من قبل التيار، بعد أن استحدثت قضية استهداف أربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق) بكون إن الإطار كان متهماً بالضلوع في الحادث قبل أن تتبناه إيران».
وأقرّ البرزنجي بوجود اختلاف في المناهج والأيدولوجيات السياسية بين الطرفين «وهي السبب في عدم توافقهما» لافتاً في الوقت عيّنه إلى إنه «لا يوجد شيء اسمه التحالف الثلاثي (يضمّ التيار الصدري، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة السنّي) بل إن هناك تفاهما وقتيا من الممكن له ان يمضي أو لا يمضي. هناك خلافات داخل البيوت السنّية والكردية».
وأضاف: «حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أعلن انضمامه إلى التحالف الشيعي (الإطار التنسيقي) أو أن يكون جزءاً من الفضاء الوطني» موضّحاً إن «الإطار التنسيقي مسترخي، فيما يبحث التحالف الثلاثي عن جمّع العدد الكافي من النواب (222) لإكمال نصاب جلسة اختيار مرشح الرئاسة، لكن هذا الأمر شبه مستحيل».
ويتناقل نواب عن «الإطار التنسيقي» معلومات تفيد بنيّة التحالف الشيعي تشكيل تحالفٍ جديد يحمل اسم «الثبات الوطني» مقابل معلومات أخرى تتحدث عن إجراء مماثل «للتحالف الثلاثي» في تأليف تحالف «انقاذ وطني» معوّلين على حلفائهم والنواب المستقلين.
في هذا الشأن ينوّه البرزنجي إلى إن «الطريفين يتحدثان عن فضاء وطني، لكن في الوقع إن كتلة الإطار التنسيقي الشيعي هي الكتلة الأكبر، وهذا ما دفع الصدر إلى الاتصال بالمالكي (زعيم ائتلاف دولة القانون)».
وتابع: «الإطار التنسيقي وضع سياقاً عاماً ينصّ على الدخول بكتلة واحدة مع التيار الصدري، وأن يكون له الحق (الإطار) في اختيار رئيس الوزراء، بالتعاون مع التيار».
وينصّ موقف «الإطار التنسيقي» الشيعي أيضاً، حسب البرزنجي، على رفض «ذهاب الأكراد في اختيار رئيس الجمهورية، والسنّة أيضاً في تحديد رئيس البرلمان، فيما يتم اضعاف أحقية المكوّن الشيعي في اختيار الحكومة».
ورأى المحلل السياسي العراقي إن التحالف الثلاثي يمتلك نحو (160 مقعداً) مقابل نحو (140 مقعداً) للإطار التنسيقي الشيعي، «هذا يعني إن كلا التحالفين لا يمكنهما تحقيق أغلبية برلمانية».
وفي 10 آذار/مارس الجاري، أجرى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اتصالاً هاتفياً برئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، «للتباحث حول القضايا المهمة المتعلقة بالوضع العراقي الراهن» حسب بيان لمكتب الصدر.
وعن تفصيلات الاتصال الهاتفي، كشف البرزنجي إن «الاتصال دام 30 ثانية، طرح الصدر على المالكي أن يشترك (الأخير) دون غيره (الإطار) في تحالف سياسي، غير إن المالكي رفض ذلك» حسب البرزنجي.
وعلى إثر الاتصال، ذهب وفد يضم زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، ورئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض، ورئيس كتلة «السند الوطني» أحمد الأسدي، إلى النجف للقاء الصدر، يقول البرزنجي مضيفاً: «لم يفض الاجتماع إلى شيء، وبقيت الأمور على ما هي عليها».
لكن مواقع إخبارية محلية تحدثّت، نقلاً عن تصريحات سياسية، أفادت بأن زعيم التيار الصدري، طرح اسم أبن عمه، السفير العراقي في لندن، جعفر الصدر، لمنصب رئيس الوزراء. وعن تلك الأنباء أشار البرزنجي إلى إن «هناك خلافات داخل البيت الشيعي والسنّي والكردي، وإن جعفر الصدر لا يمتلك المؤهلات التي تجعل منه رئيساً للوزراء. التوافق هو من يحسم المنصب».
يتزامن ذلك مع زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اسماعيل قاآني، وأمين لجنة تعزيز العلاقات الاقتصادية الغيرانية مع العراق وسوريا حسن دانائي فر، إلى العراق، في محاولة لـ«حثّ القوى السياسية الشيعية على والحدة وعدم ضياع حقّ المكوّن» حسب البرزنجي الذي أشار إلى إن «لدى إيران مصلحة أمن قومي مع العراق، فهي تمتلك حدوداً مشتركة معه بأكثر من ألف و400كم، وإن أيّ اختلال سيؤثر عليها».
ومع تفاقم الأزمة السياسية ووصولها إلى طريق «شبه مسدود» اصطف البرزنجي مع الدعوات التي تنادي بـ«حلّ مجلس النواب (البرلمان) والشروع بانتخابات جديدة» لافتاً إلى إن «العراق على مهبّ الريح إذا لم يتم اختيار شخصية قوية تستطيع النهوض بالبلاد من الواقع الذي يعيشه».
وختم بالقول: «سيناريو إعادة الانتخابات قائم، وما بني على باطل فهو باطل» موضّحاً إن «مخرجات العملية الانتخابية المزوّرة لن تُعالج بسهولة».
في مقابل ذلك، أطلق حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، «تطمينات» تُنذر بإمكانية الاتفاق مع غريمه «الديمقراطي الكردستاني» بشأن تحديد «مرشّح واحد» يتفق عليه القطبان السياسيان الكرديان، لمنصب رئيس الجمهورية، من دون تحديد اسم المرشح.
وقال رئيس الحزب، بافل طالباني، خلال لقائه مع وفدٍ من الاتحاد الأوروبي، في مدينة السليمانية، المعقل الأبرز «للاتحاد» إنه «لم يفت الأوان بعد؛ ويمكننا جميعا أن نضع الصراعات السياسية والشخصية جانباً، ونقدم مرشحا واحداً لرئاسة الجمهورية، بروح وطنية لتعزيز كيان إقليم كردستان وحماية المصالح العليا».
وأكد طالباني، أن «الوضع في العراق يحتاج إلى تسوية وتفاهم متبادل من أجل تشكيل حكومة قوية وفعالة توفر السلام والاستقرار للشعب».
في موازاة ذلك، قالت عضو مجلس النواب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، سوزان منصور، إن «موقف الاتحاد الوطني واحد وهو ترشيح الدكتور برهم صالح لولاية جديدة لرئاسة الجمهورية» لافتة إلى أن «ترشيح صالح ليس خياراً حزبياً بل على أساس الفضاء الوطني لأن رئيس الجمهورية يجب ان يكون مستقلاً عن أي حزب ويمثل جميع المكونات».
وأشارت في تصريح للوكالة الرسمية، إلى أن «الاتحاد الوطني لديه تقارب مع جميع التحالفات» مؤكدة أن «منصب رئاسة الجمهورية لا يزال غير محسوم لحد الان» مبينة أن «الانتخابات جاءت مبكرة بعد تظاهرات تشرين على أساس تشكيل حكومة إنقاذ وطني، لذلك على الأحزاب التنازل عن حصتها في سبيل إنقاذ الشعب العراقي».
ومن المقرر أن يعقد مجلس النواب العراقي (البرلمان) السبت المقبل، جلسة لاختيار رئيس الجمهورية.
وتحتاج جلسة اختيار رئيس الجمهورية إلى تصويت ثُلثي أعضاء مجلس النواب (220 نائباً) الأمر الذي يصعبّ على الكتل السياسية تحقيقه.
ويوضّح خبير قانوني عراقي، قراري المحكمة الاتحادية العليا حول الكتلة الأكثر عددا ونصاب انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وقال علي التميمي في بيان صحافي :»بشأن الكتلة الأكثر عدداً تحدث القرار عن إمكانية تقديم هذه الكتلة في أي وقت سواء في الجلسة الأولى أو إلى رئيس البرلمان المنتخب وحتى بعد انتخاب رئيس الجمهورية مادامت لم ترسل من قبل رئيس البرلمان إلى رئيس الجمهورية المنتخب».
وأضاف: «قالت أو سببت المحكمة ذلك بأن الكتلة الأكثر عدداً وفق هذا المفهوم متغيرة وعرضة للانضمام بعد لقاءات الأحزاب والقوائم على أن لا يتقاطع ذلك مع المادة 45 من قانون الانتخابات 9 لسنة 2020».
وبين التميمي، ان «هذا المفهوم الجديد لتفسير المادة 76 من الدستور بشأن الكتلة الأكثر عددا يعد معدلة للتفسير القديم 25 لسنة 2010 وهذا توجه جديد للمحكمة الاتحادية يتسق مع الفقه الدستوري العالمي في التفسير وتجدده وفق الظروف الاقتصادية والقانونية والسياسية وحتى لو كان قرار المحكمة بات فإن هذا البتات لا يعني النهائية».
ومضى يقول: «أما القرار الآخر المترابط مع القرار أعلاه من حيث التطبيق فإنه توجب تعقد جلسة البرلمان ويتحقق نصابها في انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بأغلبية الثلثين 220 نائباً وان يتخذ القرار بوجود هذا العد في الجولة الأولى من التصويت على انتخاب رئيس الجمهورية».
ولفت إلى ان «المحكمة الاتحادية العليا سببت ذلك بأن المادة 70 من الدستور العراقي هي استثناء من الأصل الوارد في المادة 59 من الدستور العراقي التي أوجبت ان يكون الانعقاد بحضور 165 نائباً وان تتخذ القرارات بالأغلبية البسيطة».
وتنصّ المادة (45) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 على (لا يحق لأي نائب أو حزب أو كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الانتقال إلى ائتلاف أو حزب أو كتلة أو قائمة أخرى إلا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة، دون أن يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة أو المنفردة المسجلة قبل اجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم أخرى بعد اجراء الانتخابات).
المصدر: «القدس العربي»