الأبنودي…. نموذج من نماذج  الوطنية المصرية الحقة||يكفي أن تكون مصرياً، حتى يكون هذا موقفك  

سجن الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى عام 1966، بسبب معارضته العلنية لنظام عبد الناصر واقترابه من مجموعات شيوعية ، وأودع فى سجن انفرادى بالقلعة لمدة 6 أشهر، حتى أُطلق سراحه استجابةً للفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر، إذ كان شرطه الوحيد للحضور إلى مصر هو الإفراج عن سجينى الرأى والفكر.

قبل أيام قليلة من ثورة 25 يناير عام 2011 كتب الشاعر الكبير قصيدة لرثاء جمال عبد الناصر وهى من أجمل ما كتب شاعرنا العظيم، وتبريرا لتلك المفارقة، معارضة عبد الناصر خلال حكمه ورثاءه بعد وفاته، قال “الأبنودى” فى لقاء تلفزيونى عام 2014 :” ساعتها مكنتش ناضج، وكنت جاى من الأرياف والصعيد، وعاوز أدوس على الزراير يتصلح حال مصر فى ثانية، بس أنا طلعت غلط وعبد الناصر كان على حق، أنا وقفت ضد زعيم ميتوقفش ضده، وده العمى السياسى”.

                          قصيدة يعيش جمال عبد الناصر

                                               للشاعر  عبد الرحمن الأبنودي

يعيش جمال عبد الناصر

يعيش بصوته وأحلامه.. فى قلوب شعوب عبد الناصر

مش ناصرى ولا كنت ف يوم

بالذات فى زمنه وف حينه

لكن العفن وفساد القوم

نسّانى حتى زنازينه.. فى سجون عبد الناصر

إزاى ينسّينا الحاضر..

طعم الأصالة اللى فى صوته؟

يعيش جمال عبد الناصر

يعيش جمال حتى ف موتُه.. ما هو مات وعاش عبد الناصر!!

اسمه جمال وجميل فعلاً

ياما شفنا شجعان خوّافه

عظيم.. وكان إنسان طبعاً

المجد مش شغل صحافة.. علشان ده عاش عبد الناصر

أعداؤه كرهوه ودى نعمة

مِن كرهُه أعداؤه صادق

فى قلبه كان حاضن أمَّه

ضمير وهمَّة ومبادئ.. ساكنين فى صوت عبد الناصر

ملامحنا.. رجعت بعد غياب

دلوقت بس اللى فهمناه

لا كان حرامى ولا كداب

ولا نهبها مع اللى معاه.. أنا باحكى عن عبد الناصر

عشنا الحياة ويّاه كالحلم

فلا فساد ولا رهن بلاد

يومها انتشينا ثقافة وعلم

وف زمنه ماعشناش آحاد.. كنا جموع فى زمن ناصر

كان الأمل فى خُضرِتُه بِكْر

مافيش لصوص للقوت والمال

ومصر أبطال ورجال فكر

ومثقفين ستات ورجِال.. جيوش جمال عبد الناصر

كان الهلال فى قلبه صليب

ولا شفنا حزازات فى بلادنا

ولا شُفنا ديب بيطارد ديب

ولا جرَس خاصم مادنة.. وَحَّدْنا صُوت عبد الناصر

دفعنا تمن الحريّة

بدمّ مش بدينار ودولار

يوم وقفته فى «المنشيّة»

خلّى الرصاص يهرب من عار أعداء جمال عبد الناصر

رغم الحصار كنا أحرار

وفى الهزيمة الشعب ماجعْش

كان اسمها «بلد الثوار»

وقرار زعيمها مابيرجعْش.. قرار جمال عبد الناصر

خلَّى بلادُه.. أعزّ بلاد

ليها احترام فى الكون مخصوص

لا شفنا وسط رجالُه فساد

ولا خطط سمسرة ولصوص.. كان الجميع عبد الناصر

لولاه ماكنتوا اتعلمتوا

ولا بقيتوا «دراكولا»

ياللى انتو زعما وإنجازكو

دخّلتوا مصر الكوكاكولا.. وبتشتموا ف عبد الناصر

عمره ما جاع فى زمانه فقير

أو مالتقاش دوا للعِلّة

دلوقت لعبةْ «اخطف طير»

والأمة فى خِدْمةْ شِلَّة.. تكره جمال عبد الناصر

يتّريقوا على طوابيرُه

علشان فراخ الجمعية

شوفوا غيره دلوقت وخيرُه

حتى الرغيف بقى أمنيّة.. يرحم جمال عبد الناصر!!

فيه ناس بتنهب وتسوِّف

لا يهمّها من عاش أو مات

ورضا العدو عنّا يخِوِّف

معناه أكيد إننا قَفَوات.. من يوم ما مات عبد الناصر!!

الأرض رجْعت للإقطاع

وقالوا: «رجعت لصْحابها»

وصاحبَك الفلاح تانى ضاع

ضاعْت العقود واللى كتبها.. وخط إيد عبد الناصر!

أنا أذكُرك من غير ذكرى

والناس بتفتكرك بخشوع

الأمس واليوم ده وبكره

يبكوك بعظمة مش بدموع.. يكفَى نقول: «عبد الناصر»

دلوقت رجعوا الفقرا خلاص

سكنوا جحورهم من تانى

رحل معاك زمن الإخلاص

وِجِهْ زمن غير إنسانى.. ماهوش زمن عبد الناصر!!

صحينا على زمن الألغاز

يحكمنا فيه «أهل الأعمال»

وللعدو.. صدّرنا الغاز

بفرحة وبكل استهبال.. نكاية فى عبد الناصر!

بنمدها بغاز الأجيال

تحويشةِ الزمن القادم

إتوحَّشوا فْ جمع الأموال

ورجعْنا سادة وخوادم .. ضد اتجاه عبد الناصر

يا جمال.. نجيب زيك من فين

يا نار.. يا ثورة.. يا ندهِةْ ناى..

البوسطجى.. إللى اسمه «حسين»

– أبوك – منين جابك؟ وإزاى.. عمل جمال عبد الناصر؟!

لو حاكتبك.. ما تساع أقلام

ولا كلام غالى وأوراق

الأمر وما فيه.. أنا مشتاق

فقُلتْ امسِّى عليك وأنام.. نومةْ جمال عبدالناصر!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى