استأنف تنظيم “داعش” هجماته ضد قوات النظام والمليشيات الموالية لها في البادية السورية بعد توقف المعارك بين الطرفين في الفترة الممتدة من بداية 2022 وحتى منتصف شباط/فبراير، وهي الفترة التي كان فيها التنظيم منشغلاً بهجماته ضد قوات سوريا الديموقراطية (قسد) في سجن غويران في الحسكة ومناطق شمال شرقي سوريا عموماً.
وهاجم التنظيم خلال الأيام القليلة الماضية مواقع عسكرية ونقاط تمركز لقوات النظام في مناطق مختلفة في بوادي حمص وحماة والرقة. وقتل المهاجمون عدداً من ضباط وعناصر قوات النظام واغتنموا كميات من الذخائر والأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وخسرت مجموعاته المهاجمة والمتنقلة في البادية عدداً من عناصرها في الغارات الجوية المكثفة التي نفذتها طائرات النظام والطائرات الروسية خلال ال48 ساعة الماضية.
وقالت مصادر من ريف الرقة ل”المدن”، إن “الفيلق الخامس المدعوم من روسيا خسر عدداً من عناصره في هجوم لعناصر داعش استهدف موقعهم في محيط بلدة معدان في ريف الرقة. وبدأ عناصر التنظيم هجومهم بقذائف محمولة على الكتف وتبعت الاستهداف اشتباكات بين الطرفين وشاركت مروحيات روسية في ملاحقة عناصر التنظيم”.
وأضافت المصادر أن “ريف الرقة الخاضع لسيطرة النظام، شهد وصول تعزيزات عسكرية متنوعة للمليشيات الإيرانية، هي الثانية من نوعها خلال شباط/فبراير، وتمركزت الدفعة الثانية من التعزيزات في محيط قرية خربة هدلة”. ويبدو أن المليشيات الإيرانية تسعى إلى تأمين الطريق الذي يصل المناطق الشرقية بحلب، كما أن للانتشار الجديد أهدافاً أخرى من بينها التوسع في نشر نقاط التمركز في المنطقة التي شهدت عمليات تسوية خلال الشهرين الماضيين، والتي باتت بيئة خصبة لعمليات التجنيد.
ويبدو أن قوات النظام والمليشيات تتوقع تصاعد هجمات التنظيم خلال الفترة القادمة وهو ما دفعها لإرسال المزيد من التعزيزات العسكرية لدعم مواقعها في البادية ونقاط التمركز المخصصة لحماية الطرق الرئيسية، كما شهدت المنطقة زيادة في طلعات طائرات الاستطلاع الروسية بهدف رصد تحركات عناصر التنظيم ومخابئهم في المناطق الوعرة، والعمل على استهدافها جواً لإضعاف التنظيم وتقييد حركة مجموعاته الهجومية.
وقامت قيادة القوات السهلية الروسية في المنطقة الوسطى والتي تتخذ من منطقة معرة النعمان في ريف إدلب مركزاً لها، بإرسال تعزيزات عسكرية نحو البادية السورية، وتضم التعزيزات مجموعات تتبع للفرقة 25 مهام خاصة (قوات النمر سابقاً)، وتشكيلات من الفيلق الخامس كانت تتمركز في ريفي حماة وإدلب، بالإضافة لمليشيا الدفاع الوطني في منطقتي محردة والسقيلبية التي يقودها كل من سيمون الوكيل في محردة، ونابل العبد الله في السقيلبية.
مليشيا نابل والوكيل المسيحية تُعتبر الأفضل تسليحاً بين المليشيات المدعومة من روسيا والتي من المفترض أن تشارك في العمليات ضد التنظيم ابتداءً من بادية حماة وصولاً إلى مناطق أخرى في مثلث بوادي حماة الرقة حلب. وتتداول المواقع الإعلامية الموالية للنظام معلومات حول إمكانية وصول عمليات التمشيط وملاحقة مجموعات التنظيم إلى بادية دير الزور.
توقعات قوات النظام بزيادة نشاط التنظيم في البادية خلال الفترة القادمة تبدو واقعية لأسباب عديدة ، أهمها، زيادة الضغط على خلايا التنظيم في مناطق سيطرة قسد بسبب العمليات الأمنية التي تنفذها الأخيرة بدعم من التحالف الدولي ضد الخلايا والتي بدت بكثافة عالية بعد أحداث سجن غويران، وهو ما سيدفع عناصر التنظيم للانتقال من مناطق قسد الى مناطق سيطرة النظام في البادية مروراً بنهر الفرات الذي يفصل بين المنطقتين، كما أن تشديد الرقابة على الحدود العراقية السورية قبالة المناطق التي تسيطر عليها قسد شمال شرقي سوريا جعل عناصر التنظيم أمام خيار وحيد، هو المخاطرة والتوجه نحو مناطق سيطرة النظام.
وقالت مصادر في ريف حماة ل”المدن”، إن “أهمية مشاركة مليشيا الوكيل والعبد الله المسيحية ضد التنظيم تأتي من ناحية امتلاكها لأسلحة نوعية كانت قد حصلت عليها مؤخراً من القوات الروسية، كالصواريخ المضادة للأفراد والعربات وأجهزة الرصد الليلي، وأجهزة الكشف عن الألغام والمتفجرات بالإضافة لامتلاكها لمركبات عسكرية حديثة بخلاف المليشيات الأخرى المشاركة والتي تعتمد بشكل أكبر على عتاد وآليات جيش النظام”. ومن المتوقع أن يحدث اشتراك مليشيا الوكيل والعبد الله في عمليات ملاحقة خلايا “داعش” في البادية فرقاً كبيراً من ناحية إضعاف التنظيم والتقليل من الخسائر التي تقع عادة بسبب الألغام والمتفجرات والهجمات المفاجئة التي يبرع فيها عناصر التنظيم وبالتحديد خلال ساعات الليل”، بحسب المصادر.
وأضافت المصادر أن “مليشيا الوكيل والعبدالله بات لديها مجموعات مدربة على أنواع متعددة من الأسلحة الروسية بعد أن خضع عدد كبير من عناصرها لدورات مكثفة في معسكراتها الخاصة، وفي كتيبة المجنزرات شمالي حماة والتي حولتها القوات الروسية إلى معسكر تدريب، بالإضافة لمشاركتها في التدريبات التي نفذتها القوات الروسية وبالذخيرة الحية في محيط جبهات إدلب خلال العام 2021، وهو ما أكسب عناصرها خبرة واسعة، وبالأخص في مواجهات المناطق المفتوحة التي تتميز بها البادية”.
المصدر: المدن