قالت مجلة “ناشيونال انترست” الأميركية إن السياسة الأميركية الجديدة التي تنظر إلى احتمال إعادة سوريا إلى الساحة الإقليمية “لا تهدف إلى مكافأة رئيس النظام بشار الأسد على سلوكه الهمجي والوحشي خلال العقد الماضي”، ولكن الهدف هو “إجراء عملية فرز للفائزين والخاسرين في الشرق الأوسط ومنع تعاظم قوة إيران في سوريا”.
وأضافت المجلة في تقرير الأحد، أنه “من الضروري أن تقيّم الادارة الاميركية برئاسة جو بايدن استراتيجيتها الخاصة في سوريا والتأكد من أن السياسة الأميركية تعمل بالفعل على تعزيز المصالح الأميركية في الشرق الأوسط”، متابعةً أنه في حال تبين العكس “يجب مراجعة السياسة الاميركية على الفور وتوفير خروج مشرّف للقوت الأميركية من سوريا”.
وقالت إن سياسة بايدن تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف في سوريا هي: تخفيف المعاناة الإنسانية وحلّ مصير الأكراد وهزيمة داعش الأبدية، مشيرةً إلى أنه “إذا التزمت الإدارة الاميركية الحالية بسياسة سابقاتها المتمثلة في تغيير النظام من خلال معاقبة وعزل سوريا، فلن تنجح أبداً في تحقيق أهدافها أو حل الصراع السوري، أو حتى مغادرة قواتها سوريا”.
وأضافت أن السياسة الاميركية التي قد تنجح في سوريا تتمثل في أمرين أساسيين هما: تجنّب العمليات العسكرية الكبيرة ووضع خطة مع أهداف واضحة وقابلة للتحقيق. وأردفت أنه “مثل أفغانستان، لا يمكن جعل سوريا البلد الذي يريده الأميركيون، وبالتالي يجب على السياسة الأميركية التخلي عن السعي وراء أهداف غامضة غير قابلة للتحقيق”.
وذكّرت المجلة بأن إدارة أوباما تفاوضت مع طهران للتوصل الى اتفاق نووي، وإدارة ترامب سعت إلى انفراج دبلوماسي مع بيونغ يانغ وحركة طالبان، وأيضاً على إدارة بايدن إعادة العلاقات مع النظام.
وأردفت المجلة أن “إسرائيل والأكراد وتركيا أيضاً يعتبرون أن الحل الأفضل لسوريا هو بقاء الأسد في السلطة”، وأوضحت أنه “نظراً إلى تضخم قوة إيران ووكلائها في سوريا، تفضل إسرائيل العودة إلى الوضع ما قبل الحرب السورية عام 2011 عندما كان الأسد وليس الحرس الثوري الإيراني، يدير الاشتباكات في مرتفعات الجولان ويسيطر على السلطة”.
أما الأكراد في سوريا فهم يرون “نظام الأسد حصناً ضرورياً وموثوقاً ضد التطرف السني والعدوان التركي”. وأضافت المجلة أنه “على الرغم من شراكتهم الحالية مع الولايات المتحدة فإن الأكراد يدركون أن واشنطن تميل دائماً إلى الاعتدال في إدارة الأمور السياسية”.
وتستفيد تركيا أيضاً من بقاء الأسد بسبب المخاوف من “الانفصالية الكردية” وتدفق اللاجئين الجُدد إلى تركيا، لكنها طالبت الولايات المتحدة بمساعدتها في وقف جرائم الاسد عقب تصعيد النظام وروسيا في ادلب، وهو التصعيد الذي وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في موقف الضعيف والخاسر، بحسب المجلة، التي أضافت أن “تركيا لديها خيارات قليلة لوقف التمرد الكردي” وهي “عالقة الآن في الدفاع عن منطقة آمنة تضم خمسة ملايين نازح سوري”.
وذكرت “ناشيونال انترست” أنه “في المفاوضات المستقبلية مع النظام وروسيا يعدّ الوجود العسكري التركي والمساعدات العسكرية الأميركية للأكراد سببين للضغط نحو تعزيز خياريْ خفض التصعيد والتوصل إلى نتائج سياسية مستدامة”.
وقالت إن “الإصرار على عزل سوريا مهمة حمقاء”، موضحةً أن أولويات سياسة إدارة بايدن في الشرق الأوسط تتمثل أولاً في التوصل الى اتفاق نووي ايراني مقابل تخفيف العقوبات الإميركية. وبالتالي من المقرر أن تجني إيران مكاسب اقتصادية تزيد عن 90 مليار دولار نتيجة الاتفاق، مضيفةً أنه “من السذاجة الاعتقاد بأن المكاسب المالية لن تتسرب إلى جيوب الأسد”.
في المقابل، أضافت المجلة أن “الأسد يدرك أن بلاده أصبحت ملعباً لطموحات إيران التوسعية وأن أمن بلاده يعتمد على الميليشيات المدعومة من إيران التي تتفوق على قوات نظامه في القوة القتالية”، كما يدرك الأسد “مخططات إيران المتمثلة بهندسة سوريا ديموغرافياً”، وتابعت المجلة: “مع اقتراب الحرب السورية من نهايتها ربما يتحرك النظام ضد طهران، وبالتالي إن توفير بديل للنظام عدا عن إيران هو في مصلحة الولايات المتحدة”.
وقالت المجلة إنه “في حال أُجبرت الولايات المتحدة على الاختيار بين دولة سورية ضعيفة من جهة، تستغلها إيران التي تهدد بشن حرب على إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة في الخليج، وبين دولة سورية مزدهرة تختار موازنة مصالح اللاعبين الإقليميين والتي يمكن للاجئين السوريين العودة إليها، إن الخيار يجب أن يكون سهلاً”، مضيفةً أن “آل الأسد أثبتوا أنهم موجودون في السلطة ليبقوا”.
المصدر: المدن