تزايدت الدعوات إلى حل الائتلاف السوري المعارض بدلاً من إصلاحه، بعد إعلان قيادته مؤخراً عن وجود مخطط للإصلاح. وكان رئيس الائتلاف، سالم المسلط قد كشف عن مخطط لتعديل نظام الائتلاف الداخلي واستبدال بعض الكتل السياسية وإصلاح علاقاته بالمجتمع الدولي، لتطوير أدائه وإعادته الى مكانته في الأوساط الدولية والشعبية.
يأتي ذلك على خلفية زيادة الانتقادات في الشمال السوري لأداء الائتلاف، وتحديداً للوفود المشاركة في مساري «اللجنة الدستورية» و»مباحثات أستانة»، بسبب «صفرية النتائج»، ومجاراة للحل الروسي.
وفي هذا السياق، وصف القيادي السابق في الجيش السوري الحر، العقيد عبد الجبار العكيدي، الخطوات التي يسعى إليها المسلط بـ»غير المجدية»، معتبراً أن حديث المسلط يعد هروباً من استحقاق حقيقي، بحيث لم يعد الائتلاف يحتمل الإصلاحات الترقيعية، طالما أن منشأ الخلل في بنيته. وأضاف العكيدي، في مقال له: «كان يمكن أن تكون هكذا خطوات جدية وذات فائدة لو أعلن الائتلاف عن حل نفسه أو استقال جميع أعضائه، وأعلن عن تشكيل لجنة تحضيرية من الائتلاف نفسه»، وذلك في دعوة صريحة لحل الائتلاف. وتابع العقيد، أن القضية الرئيسية في موضوع إصلاح الائتلاف ليست استبدال أسماء بأسماء، ولا تيارات بأخرى، إنما تتضمن المسألة شقين متكاملين: الأول، تصحيح أزمة التمثيل التي تعتبر أحد مثالب الائتلاف الكبرى، وذلك من خلال تحفيز الطاقات والكوادر السورية للانضمام الى هذه المؤسسة بوصفها مرجعية وطنية للثورة والمعارضة وليست كياناً ذا تمثيل صوري، والثاني توفير آليات ديمقراطية داخل هذه المؤسسة تضع حداً للزبائنية والمحسوبية وحالة الشلل».
لكن، عضو الائتلاف السوري الدكتور زكريا ملاحفجي يرى أن من الواجب الموازنة بين المحافظة على مؤسسات الثورة لأنها من مكتسباتها، وبين إصلاح هذه المؤسسات. ويضيف في حديث لـ«القدس العربي»، «أنا مع إصلاح شامل وجذري للائتلاف، على اعتبار أنه يحظى باعتراف دولي، ونحن في حاجة كقوى ثورية إلى مخاطبة المجتمع الدولي، بالتالي نحن في حاجة إلى مؤسسات سياسية وعسكرية».
ويستدرك ملاحفجي بقوله: «لكن ذلك لا يعني أبداً أن الائتلاف ليس في حاجة لإصلاح، يعيد للمؤسسة فاعليتها»، داعياً إلى نقل مقر الائتلاف إلى الشمال السوري المحرر، بدلاً من مدينة إسطنبول التركية. ويرى أنه يجب على المؤسسات السورية أن تكون على أرض سورية، مما يزيد من فاعليتها، بجانب البدء بخطوات إصلاحية.
وتأسس الائتلاف السوري في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في العاصمة القطرية الدوحة، ونال اعترافاً وترحيباً إقليمياً ودولياً، وتم الاعتراف به كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري. إلا أن الكاتب والمحلل السياسي عمار جلو، يرى في حديثه لـ«القدس العربي» أن الائتلاف الوطني فرط بهذا الاعتراف، بعد الفشل في تحويل هذا المكسب إلى إنجاز سياسي، وسط العجز الداخلي الذي يعانيه، ما أدى لنشوب صراعات داخلية بين الكتل السياسية والتيارات الفكرية المختلفة، ومع الزمن اتسعت الهوّة بين الائتلاف الوطني وحاضنته الشعبية.
ويضيف أن الائتلاف فشل خارجياً في موازنة المصالح الدولية والإقليمية وفهمها في إطار المصلحة الوطنية السورية ما جعل المعارضة، مؤسسة وتيارات، تنخرط في الصراعات الإقليمية على الساحة السورية وتوظّف نفسها أداة من أدوات هذا الصراع الإقليمي بعيداً عن هدفها الثوري والشعبي. وبذلك، يعتقد جلو أن محاولات إصلاح الائتلاف ستكون عقيمة في ظل غياب القرار، معتقداً أن من الضروري البحث عن مقر للائتلاف بعيداً عن الدول المنخرطة في الشأن السوري، مما قد يساعد في عملية استعادة القرار واستقلاليته.
المصدر: «القدس العربي»