الثورة السورية بين حدين، استعمار حديث ونخب معطوبة

منجد الباشا

مجرد إضاءة خاطفة على المشهد السوري الراهن، يتكشف لنا ببساطة كمُ وحجمُ وممارسة الاحتلالات البربرية في أجزاء الوطن السوري المحتل، فالأمريكي والتحالف الأوروبي وقسد في الشمال الشرقي، حيث يقتل أهلنا ويرحلون وتتحرك جحافل عسكرهم المحتلة بأريحية مطلقة، وتستثمر خيرات وثروات هذه المنطقة بكل وقاحة لا رادع ولا وازع لها.

وفي الوسط السوري، يتبختر المحتل الإيراني، يقتل ويهجر ويعذب وينفذ سياسة التشيع على الأهل المتبقين بكل اطمئنان، أيضا لا رادع أو وازع.

وفي الجنوب كذلك يتضافر جهد العصابة الحاكمة مع جهد المحتل الروسي لترويض سكان هذه المنطقة واحتواء أهلها وتركيعهم، تهيئةَ لصيغة تتقدم إلى الكيان الصهيوني في إطار صفقة قادمة لا زال مايسترو الملف السوري يحضر لها.

وهكذا المناطق الساحلية، حيث المحتل الروسي هو الآمر الناهي والذي يعمل على تأسيس كيان يناقض ثقافة الأكثرية السورية ليؤسس لكيان علماني ذيلي على غرار علمانية الأسد وبوتين، وعلى حساب ثقافة وحضارة السكان التاريخيين المتجذرين في هذه البقعة من العالم..

ويبقى الشمال المحرر شكلا….

إلا أنه وللأسف، يقع تحت قبضة مدعي الثورة والتحرير حيث يعاني أهلنا من القمع والبطش والبلطجة والتجويع الشيء الكثير.

وبالمقابل… وأمام هذا الواقع نجد أن نخبنا السياسية والتي كنا نعول عليها في التعويض عما ذهبت إليه المعارضة المصنعة والتي أنيط بها تمثيل الثورة زوراً وبهتاناً.. وإذ بهذه النخب السياسية أيضا تذهب إلى مسار تمييع قضيتنا وثورتنا من خلال سعيها المتواصل لإنشاء تجمعات أو تكتلات واللهاث خلف القرارات الدولية التي يجمع العالم اليوم  أن هذه القرارات لم تعد لتنصر الحق والمظلوم والضعيف، وإنما باتت وسيلة من وسائل التعمية والتضليل للشعوب، ولصناعة القناعات والمواقف التي ستدفعها واهمة إلى حيث يراد لها، بعد أن يكون صناع الحدث ومفجرو الصراعات قد حققوا غاياتهم وأهدافهم.

إن سياسة الانتظار والترقب والترويج للقرارات الدولية واللهاث خلفها والإطراء لها، بل والمداهنة لقوى الاحتلال تحت شتى أنواع المزاعم، إنما يسهم في عملية التضليل التي يقع شعبنا ضحية لها وتدفعه في النهاية إلى القبول بما سيملى عليه مرغما.

فشتان بين أن تتوجه هذه النخب إلى الشعب لتستثمر الوقت معه في مسار من التحشيد والتمكين والتنظيم والتشبيك بين الدوائر والفئات والشرائح الشعبية المختلفة للتهيئة لعملية التحرير لكامل التراب السوري، وبين المضي قدما وفي استماتة لا نظير لها، في سبيل تكريس ذهنية الانتظار والأمل والتبرير لمقولات الصراعات والمصالح الدولية والتأكيد على مسلمة العجز أمام شبق رموز الاستعمار الحديث المتمثل بهذه الدول التي تدنس أرض الوطن.

أخيراً…

سيبقى التاريخ هو المعلم للبشرية في كافة مراحل تطورها، وسيبقى الدرس الأزلي لهذا التاريخ نبراساً لكل أحرار العالم، حيث يقول: ستبقى الحرية هي المطلب الأزلي للإنسان وسيبقى الانتصار لها مهما تغيرت أشكال وأساليب الاستعمار وأدواته.

وعليه، لا مناص من المثابرة على العمل على انتاج نخب بديلة يفرزها شعبنا من بين صفوفه لتنجز له لامحالة مهمة التحرير الوطني كاملة.

وإنها لثورة حتى النصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى