انتشار فيروس كورونا بسورية اتهامات متبادلة وتسييس ومحاولات لإنهاء العقوبات الدولية

عدنان أحمد

تسعى الأطراف المختلفة ذات الصلة بالحرب السورية إلى تسخير خطر انتشار فيروس كورونا لخدمة أجندتها السياسية، وخاصة النظام السوري وروسيا اللذين يحاولان استغلال الأمر للدفع باتجاه رفع العقوبات الدولية المفروضة على النظام، بحجة أنها تعيق التصدي للوباء، في وقت تحاول المعارضة لفت نظر العالم إلى المخاطر المحتملة للجائحة على حياة السوريين، وخاصة المعتقلين، جراء استهتار النظام، وتستّره على تفشي الوباء في صفوف قواته، والمليشيات الإيرانية.

وقد طوقت قوات النظام و”الحرس الثوري” الإيراني المنطقة المحيطة بمستشفى الهناء في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، أمس الجمعة، بعد اكتشاف حالات إصابة بفيروس كورونا فيها.

وحسب شبكة “عين الفرات” المحلية، فقد تم اكتشاف قرابة 16 حالة إصابة بفيروس كورونا في المنطقة المحيطة بالمستشفى، إذ تُشير المعلومات الأولية إلى أن العدوى انتشرت نتيجة مخالطة الأهالي لعائلة مصابة قادمة من لبنان.

وسبق أن عتّم “الحرس الثوري” الإيراني وأجهزة الأمن التابعة للنظام على انتشار الوباء، بعدما حذّرت الكوادر الطبية بمدينة البوكمال، شرق دير الزور، من مغبة تسريب معلومات عن أعداد المصابين بالفيروس أو الحالات المشتبه في إصابتها، بحسب موقع “عين الفرات”.

وتسيطر المليشيات الإيرانية على مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية، بالرغم من الوجود الرمزي لقوات النظام، ما أتاح لها التنقل بحرية على طرفي الحدود، رغم إعلان النظام عن إغلاق المعبر البري بين البلدين.

وكانت مصادر معارضة قد تحدّثت أكثر من مرة عن وقوع إصابات بفيروس كورونا بين عناصر من المليشيات الإيرانية، التي تنتشر في ريف دير الزور الشرقي، لكن سلطات النظام تتستر على ذلك. وطالبت المعارضة، عبر “الائتلاف الوطني” والحكومة المؤقتة، النظام بالإفراج عن السجناء، والسماح للمنظمات الدولية بالكشف عن حقيقة الواقع الصحي في البلاد، مشيرة إلى الخطر المحدق بمئات آلاف المعقلين في سجون النظام.

واكتفى النظام السوري حتى الآن بالإعلان عن تسجيل 19 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في مناطق سيطرته، فيما لقي شخصان حتفهما نتيجة الإصابة بالفيروس.

وكانت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، قد عزلت، أمس الجمعة، إحدى قرى ريف حلب الشمالي الخاضعة لها، بعد الاشتباه في إصابة جندي مسرّح من قوات النظام بالفيروس وصل إلى القرية.

وقالت شبكة “فرات بوست” المحلية إن “قسد” فرضت حظراً للتجول حتى إشعار آخر على قرية إم حوش بريف مدينة إعزاز مع عزلها عن المناطق الأخرى.

وتشير هذه الحادثة إلى احتمال تفشّي فيروس كورونا بشكل كبير بين عناصر قوات النظام نتيجة احتكاكهم المباشر مع المليشيات الإيرانية، خاصة في محافظات دير الزور وإدلب ودمشق.

ويوم الاثنين الماضي، حجرت هيئة الصحة التابعة لإدارة “قسد” في الحسكة على ركاب طائرة قادمة من مطار دمشق إلى مطار القامشلي.

وكانت “قسد” قد حمّلت النظام السوري المسؤولية عن حدوث أي إصابات بفيروس كورونا بمناطق سيطرتها شمال شرق سورية، إذ لم يعلن عن تسجيل أي إصابة في المنطقة إلى الآن.

وقالت هيئة الصحة التابعة لإدارة “قسد” في بيان لها، الأربعاء، “إننا في هيئة الصحة نحمّل السلطات السورية مسؤولية حدوث أي إصابات في مناطقنا لعدم التزامها بقواعد وإجراءات الوقاية الاستمرار في إرسال المسافرين وإدخالهم إلى مناطقنا”.

من جانبهما، اتهم النظام السوري وروسيا الولايات المتحدة بعدم مراقبة الوضع الوبائي في مخيمي الركبان والهول للنازحين السوريين، شرقي البلاد، ما ينذر بتفشي فيروس كورونا فيهما.

وقال مركزا التنسيق الروسي والسوري لشؤون عودة اللاجئين في بيان مشترك إن المنطقة الخاضعة لسيطرة القوات الأميركية في سورية “لا تشهد أي إجراءات مراقبة على الوضع الوبائي على الإطلاق”، مشيرين إلى أن مخيمي الركبان والهول للنازحين يفتقران إلى الأدوية والأطباء المؤهلين، ولا تعمل فيهما مراكز الرعاية الطبية.

واتهم البيان الولايات المتحدة باستغلال أزمة كورونا العالمية لـ “تشويه سمعة القيادة السورية، وتعزيز حملة إعلامية للتشكيك في قدرتها على التصدي بشكل فعال لانتشار كورونا في البلاد، إضافة إلى تحميل دمشق المسؤولية عن تفاقم الوضع الوبائي، بما في ذلك في مخيمي الركبان والهول”، وجدد الدعوة إلى “الإجلاء السريع” لجميع الراغبين بمغادرة مخيم الركبان إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

يشار إلى أن النظام يُخضع مخيم الركبان لحصار خانق بعد إغلاق المنفذ الواصل إلى الأردن بضغط روسي، وإغلاق طريق الضمير من قبل قوات النظام، إضافة إلى إغلاق جميع المنافذ لإجبار النازحين على الخروج إلى مناطق سيطرة النظام، في حين يعتبر مخيم الهول شرق مدينة الحسكة، من أكبر المخيمات التابعة لـ “الإدارة الذاتية” الكردية، ويقطنه أكثر من 70 ألف شخص بين نازح ولاجئ وعوائل من تنظيم “داعش” الإرهابي من نساء وأطفال.

ويحاول النظام السوري تحميل الجهات التي تشرف على المناطق الخارجة عن سيطرته مسؤولية التفشي المحتمل للوباء في مناطقها، وكذلك للعقوبات الدولية المفروضة عليه، معتبراً أن الإجراءات البدائية التي يتبعها لمواجهة هذا الوباء كافية من جانبه، وسط اتهامات له بعدم الاعتراف بالأعداد الحقيقية للإصابات في مناطق سيطرته، كون تلك الإصابات مصدرها المليشيات الإيرانية في البلاد، والتي لا سلطة له حقيقية عليها.

وجدد مندوب النظام لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، أمس الجمعة، المطالبة برفع العقوبات الدولية المفروضة على النظام، معتبراً أن “استمرار فرض هذه الإجراءات غير القانونية يقوض المبدأ الأساسي الذي تدعو إليه الأمم المتحدة، وهو التضامن والتعاون الجماعي في مواجهة تهديد وباء كورونا”.

وكان ممثلون عن النظام السوري وروسيا والصين وفنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية قد طالبوا برفع العقوبات عن سورية، في رسالة أُرسلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، نهاية الشهر الماضي.

من جانبها، أكّدت وزارة الخزانة الأميركية التزام بواشنطن بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع الدول التي تحتاج إلى دعم طبي وإنساني على خلفية انتشار فيروس كورونا، بما فيها الدول المشمولة بالعقوبات.

وقالت الوزارة، في بيان، اليوم السبت، إن “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية مستمر في الإبقاء على إعفاءات وتفويضات واسعة النطاق من خلال برامج العقوبات الخاصة به”. وخص البيان بالذكر كلّاً من سورية وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية، مؤكداً ضمان عدم عرقلة العقوبات الأميركية لنقل المساعدات الإنسانية إليها.

المصدر: العربي الجديد


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى