الجيش التركي يتأهب..هل اقترب هجوم النظام على إدلب؟

خالد الخطيب

بدأ الجيش التركي بتنفيذ عمليات إعادة انتشار ودعم للخطوط الأمامية في مواجهة قوات النظام في جبهات إدلب، بعد دخول أرتال عسكرية ضخمة إلى منطقة العمليات، قادمة من الأراضي التركية خلال الأيام القليلة الماضية.

وقال مصدر عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير ل”المدن”، إن “الجيش التركي أعاد انتشار جزء من قواته في منطقة العمليات القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، ونشر الجيش المزيد من المعدات العسكرية الدفاعية في قواعده ونقاط تمركزه المتقدمة والتي عمل على زيادة تحصيناتها بشكل كبير”.

وأضاف المصدر أن “الجيش التركي قام بنقل إحدى نقاط تمركزه بالقرب من قرية أبو الزبير في ريف محمبل محيط بلدة اشتبرق غرباً، والتي تتواجد فيها إحدى أهم نقاط التمركز للجيش التركي، وتربط جسر الشغور في ريف ادلب الجنوبي الغربي بمنطقة سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وتطل على مناطق في ريف اللاذقية الشمالي”.

وتتركز معظم القواعد العسكرية التركية في منطقة جبل الزاوية وعلى جانبي الطريق “إم-4” في المنطقة الواقعة بين النيرب شرقاً، وجسر الشغور غرباً في ريف إدلب الجنوبي، بينما لا تتواجد أي نقطة في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي. ومن المتوقع أن ينفذ الجيش التركي عمليات انتشار في المنطقة بعد أن تمكنت هيئة تحرير الشام من طرد تنظيمي “جند الشام” و”جند الله” من المنطقة أواخر تشرين الأول/أكتوبر.

ويرى القائد العسكري في صفوف المعارضة النقيب عبد السلام عبد الرزاق أن “تحركات الجيش التركي وعمليات إعادة الانتشار التي بدأ بتنفيذها في المناطق المهددة جنوباً، تهدف إلى التصدي لأي هجوم قد تشنّه قوات النظام على المنطقة”. ويوضح أن “هناك خشية حقيقة من أن يستغل النظام انشغال الجيش التركي والفصائل في عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية، ليشنّ هجوماً على مناطق جنوبي إدلب”.

ويضيف عبد الرزاق ل”المدن”، أن “تركيا ليست مستعدة لخسارة أي منطقة جديدة لحساب النظام وروسيا في إدلب ومحيطها، وإرسالها هذا العدد الكبير من أرتال التعزيزات العسكرية نحو إدلب مؤخراً، يدلّ على تمسكها بالمنطقة والتعامل مع التهديدات بجدية كبيرة”.

وتأتي عمليات الانتشار التي ينفذها الجيش التركي في الوقت الذي تصاعدت فيه تحركات قوات النظام والمليشيات الموالية لها في جبهات إدلب مع بداية تشرين الثاني/نوفمبر، وتنفيذها هجمات برية على المحاور الشرقية في ريفي حلب وإدلب، كما كثّفت طائرات الاستطلاع من تحليقها في سماء المنطقة وامتد تحليقها إلى أجواء جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية، والتي شهدت جبهاتهما وصول تعزيزات لقوات النظام هي الأولى من نوعها في النصف الثاني من العام 2021.

وشهدت جبهات ريف حلب الغربي بعد منتصف ليل الاثنين/الثلاثاء، اشتباكات عنيفة وقصفاً متبادلاً بين قوات النظام والفصائل المعارضة، بعد أن حاولت مجموعات تتبع للمليشيات الإيرانية التسلل إلى نقاط الفصائل في محور بسرطون غربي حلب ونقاط أخرى غربي مدينة سراقب في الجبهات الشرقية لإدلب، وتبعت محاولات التسلل اشتباكات عنيفة وقصف متبادل استهدف القرة القريبة من خطوط التماس.

وتبدو أوساط المعارضة متخوفة من صفقة روسية-تركية ينتج عنها تنازل تركيا عن مناطق جنوبي إدلب بما فيها الطريق “إم-4” لصالح النظام وروسيا، مقابل السماح لها بشن حملة على منطقتي تل رفعت وعين العرب/كوباني في ريف حلب الخاضعتين لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية. وبدأ السلفيون المناهضون لتحرير الشام الحديث عن الصفقة المفترضة متهمين تحرير الشام بتهيئة الميدان لتطبيقها.

وقال مدير المكتب الإعلامي لحزب التحرير-ولاية سوريا على تلغرام، إن “إرهاصات تسليم الطريق إم-4 إلى النظام واضحة، يعتبر فتح الطريق أحد بنود اتفاق سوتشي التي لم تطبق كاملة بعد، ومؤخراً تم إفراغ جبل التركمان من المستقلين، كما أن القصف اليومي المركز على قرى جبل الزاوية، وتحضيرات تركيا للقيام بعملية، تعني أن هناك حملة عسكرية للنظام على جبل الزاوية كما عهدنا على أصحاب المقايضات”.

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم فصائل الجيش الوطني الرائد يوسف حمود ل”المدن”، إنه “لن يتمّ التنازل عن أي منطقة من إدلب لصالح قوات النظام وحلفائه”. وأضاف “نعاهد أهلنا في جبل الزاوية بأن منطقتهم لن تدخلها قوات النظام، وسنبذل ما بوسعنا للتصدي لأي محاولة تقدم نحو المنطقة، وفصائلنا على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي تطور ميداني مفاجئ”.

ويرى الباحث بالشأن السوري محمد السكري أن هناك خشية تركية من إقدام روسيا على شنّ عملية عسكرية من طرف واحد للسيطرة على جنوب الطريق الدولي “إم-4” في حال اتجهت أنقرة لتنفيذ عملية عسكرية شرق الفرات.

ويضيف السكري ل”المدن”، أن “تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية وتعمل على إعادة الانتشار التي من شأنها أن تقلل من فرص التوغل الروسي في هذه الجغرافية من خلال التحصين الرصين وتدعيم خطوط الدفاع التي تحوّلت إلى خطوط هجوم بسبب كثافة التمركز التركي، ومن ناحية نوعية الأسلحة وطبيعة المعدات التي استقدمتها تركيا إلى هذه المنطقة والتي تُشير إلى أن الرد التركي سيكون قاسياً في حال حدث هذا السيناريو خارج إطار التفاهمات”.

وحول المقايضة المفترضة، جبل الزاوية مقابل تل رفعت وعين العرب/كوباني، قال السكري: “من الواضح أنّ هذه المعلومات المتداولة هي مجرد تكهنات لا تعتمد على معطيات واقعية، فالحالة السورية في الإطار العسكري مستعصية للغاية، وبتقديري الحديث عن التنازل التركي عن أريحا غير دقيق على الأقل وفق الواقع الميداني الحالي”.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى