تزداد تخوفات الناس المدنيين في محافظة إدلب وسط حالة ترقب واحتمالية كبيرة لعدوان جديد على المحافظة في محاولة من النظام السوري وداعميه لقضم مساحات جديدة من إدلب الباقية خارج سيطرة النظام السوري، والكثير من المراقبين يرون أن تخوف الناس القاطنين في إدلب هو في محله، وخاصة وهم يرقبون حالة تصاعد الخلافات بين الدولة التركية الداعمة للشعب السوري والمتواجدة في معظم إدلب، وبين والإتحاد الروسي في أكثر من مكان أو جغرافيا من أكرانيا والقرم إلى ليبيا وأذربيجان، وكذلك شمال شرق سورية.
العدوان الجديد المحتمل فيما لو حصل ،لا قدر الله، سيؤدي إلى خسارات شعبية سورية كبيرة وكثيرة ومتنوعة، منها تهجير ملايينًا جديدة إلى الشمال السوري بالقرب من الحدود التركية، حيث لا مكان يؤيهم من قصف النظام المجرم. هذا النظام السوري الذي لايهمه تنفيذ المجازر، والمزيد من القتل والتهجير، ومعه دولة الإحتلال الروسي وإيران، وأمام صمت العالم وخاصة الأميركان، يمكن كل ذلك أن يكون بمثابة الضوء الأخضر لبدء العدوان.
صحيفة إشراق طرحت هذا السؤال على بعض المهتميتن وقالت: كيف تنظرون إلى احتمالية عدوان أسدي/ روسي جديد على إدلب في المنظور القريب ؟
الكاتب والطبيب اللبناني عبد الناصر سكرية قال لإشراق” لا يمكن فهم ما يجري في إدلب بمعزل عما يجري في سورية. وما يجري في سورية جزء مما يجري للمنطقة العربية كلها والمشرق العربي تحديدًا حيث العالم الغربي برمته منشغل بضمان أمن الكيان الصهيوني وضمان تفوقه وسيادته. في هذا السياق فإن اختيار محافظة إدلب لتكون مركزًا لتجميع أعداد كبيرة من السوريين المهجرين من كافة أنحاء سورية لا سيما الغوطة ومحيط دمشق والمخيمات ودرعا وحمص وسواها؛ لم يكن عبثيًا ولم يكن مصادفة أيضًا. فمنذ السنين الأولى للثورة السورية تم اختيار إدلب لتكون مستقرًا للمهجرين غير المرغوب فيهم في مناطق سورية معينة جرت فيها عمليات تهجير تبعتها عمليات ممنهجة للتغيير السكاني والديمغرافي. ونظرًا لكون إدلب قريبة من تركيا وعلى صلة مباشرة بأمن الدولة التركية، فإنها اختيرت دوليًا لتكون شوكة في خاصرة تركيا حين الحاجة تستنزفها أو تهدد أمنها من جهة وحين يتطلب الأمر تسوية دولية على حساب سورية، ربما تكون جائزة ترضية لتركيا لتحييدها عن التأثير الإستراتيجي الفعال في كل المسألة السورية.” ثم أضاف ” إن الغرب الإستعماري لا يريد لتركيا أن تكون قوية وبالتالي لا يريد لها الإستقرار. من هنا دعمه للكيانات الكردية الإنفصالية. أما روسيا فدورها منبثق من الرؤية الغربية ذاتها لتركيا وللمنطقة. ولهذه الأسباب فإن إبقاء محافظة إدلب متوترة وغير مستقرة هو مطلب غربي – أميركي وروسي أيضًا. لم يعد للنظام السوري استراتيجية واضحة لا بخصوص إدلب ولا لغيرها. حيث لم يعد أكثر من واجهة للنفوذ والإحتلال الأجنبي متعدد القسمات لسورية. يتفقون جميعًا على استنزاف كل القوة الشعبية الوطنية في إدلب وعبر إبقاء الميليشيات المأجورة فيها صاحبة سلطة وسيادة ونفوذ. تتولى اغتيال الشرفاء وتحييد الأكثرية الناشطة بالتخويف وتحويلها إلى أكثرية صامتة مستنزفة بالهم المعيشي اليومي.
لهذا كله لا أرى إمكانية اقتحام قوات النظام لإدلب في المدى القريب. هم جميعًا يريدونها خاصرة نازفة للشعب السوري من جهة ولتركية من جهة ثانية. وعلى تركيا أن تكون أكثر فعالية في المساعدة على بلورة كيان وطني سوري يعبر بصدق عن تطلعات الشعب السوري ليكون سيد الموقف في إدلب ثم في سواها فترتاح تركيا من جوانب عدة بوجوده. ولن ترتاح تركيا طالما بقيت الميليشيات الإسلامية المتطرفة حرة طليقة ولا سيما في إدلب.”.
من جهته قال الكاتب السوري بسام شلبي لصحيفة إشراق:” أعتقد أن النظام ومن ورائه روسيا خصوصًا وإيران ماض في خطته ومخططه لاستعادة السيطرة على كامل الجغرافيا السورية بحدود ما قبل الثورة السورية ولديه الضوء الأصفر من القوى الدولية والاقليمية المؤثرة باستثناء تركيا التي أصبحت خياراتها محدودة بعد سلسلة الإتفاقيات من سوتشي إلى أستانة وكم كبير من الضغوطات السياسية والاقتصادية قد تجعلها تقبل بالأمر الواقع مع ترتيبات خاصة أمنية وعسكرية في المناطق الحدودية بضمانات روسية وإقليمية”. ثم تابع يقول” إن هذا المخطط غير العقلاني يقتضي بالضرورة استخدام القوة العسكرية المفرطة من قبل النظام ضد المناطق المحررة الخارجة عن سيطرته حتى لو أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا من المدنيين العزل المتواجدين في هذه المناطق وإلى مزيد من الدمار في البنية التحية والموارد الإقتصادية التي لا تعني شيئًا له مقابل إعادة فرض سيطرته بأي ثمن.” ثم قال ” إن الوضع الإقليمي والدولي بتوازناته الحالية لا يشكل أي رادع له وضعف الإتفاقات التي انجرت لها المعارضات والقوى الإقليمية الداعمة والثغرات الكبيرة فيها سوف تتيح له ذلك والإنقسامات العرضية والشاقولية بين القوى والكتل المتواجدة في هذه المناطق وانعدام الدعم العسكري وضعف الدعم السياسي لا يمكنها من تشكيل رادع يوقف هذا المخطط الدموي المدمر على المدى القريب والمتوسط، ما لم يحصل تغيير في توازنات القوى الإقليمية والدولية”.
الكاتب والناشط السوري أحمد طه أكد لصحيفىة إشراق قائلا : ” كما تعودنا من هذا النظام وداعميه فهو يلجأ لسياسة الخطوة ثم الإنتظار لمراقبة ردات الفعل الدرلية والإقليمية ثم تصبح أمرًا واقعًا وحقيقة على الأرض ثم الإنتقال إلى الخطوة التي تليها، حصل هذا مرارًا وتكرارًا، وهذه السياسة لم تبدأ باستخدام الكيماوي ولم تنته في درعا بتطوراتها الأخيرة، لذلك يبدو للأسف أن ملف إدلب ذاهب في نفس الإتجاه الذي ذهبت إليه مناطق خفض التصعيد ، التي كانت كذبة كبرى ومخططة ضمن النسق الذي ذكرته سابقًا”.
المصدر: إشراق