أنفق ملك الأردن أكثر من 70 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 100مليون دولار) لإقامة إمبراطورية عقارية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وتظهر وثائق مالية مسربة، أن شبكة من الشركات المملوكة سراً استخدمها الملك عبد الله الثاني بن الحسين لشراء 15 عقاراً، منذ توليه السلطة في عام 1999.
وتشمل القائمة ثلاثة منازل مطلة على المحيط في ماليبو بولاية كاليفورنيا الأمريكية بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني، وممتلكات في لندن وأسكوت في المملكة المتحدة.
وقال محامو الملك عبد الله إنه اشترى العقارات من ماله الخاص، وليس هناك ما يعيب استخدامه لشركات تتخذ من الملاذات الضريبية مقرات لها في شراء هذه العقارات.
ويتلقى الأردن مساعدات دولية كبيرة، وعلى رأس المانحين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتعتبر الحكومة البريطانية واحدة من أكبر الداعمين مالياً للحكم في الأردن، حيث ضاعفت بريطانيا المبالغ التي تقدمها للأردن، لتصل إلى 650 مليون جنيه إسترليني على مدى خمس سنوات منذ عام 2019. وفق بي بي سي
وينظر إلى الملك عبد الله على أنه حليف معتدل للدول الغربية في الشرق الأوسط.
لكنه راكم ثروة عقارية بين عامي 2003 و 2017، رغم أنه كان يتهم بترأس نظام استبدادي في بلد شهد اندلاع احتجاجات في السنوات الأخيرة، وفرض إجراءات تقشفية وزيادات ضريبية.
وشنت السلطات الأردنية في حزيران / يونيو 2020، حملة استهدفت الأموال التي يحولها المواطنون الأردنيون إلى الخارج.
ونُقل عن أحد المعارضين قوله إن الملك عبد الله يبدو وكأنه يحكم الأردن عن طريق “التحكم عن بعد”، وقال موظف حكومي سابق لبرنامج بانوراما إنه يقضي ما بين أربعة إلى ستة أشهر في العام خارج البلاد.
واجه انتقادات بشأن التعامل مع ملف الاقتصاد، إذ أثارت إجراءات التقشف والزيادات الضريبية احتجاجات عام 2018
المعلومات المتعلقة بثروة الملك عبد الله العقارية، جاءت في الوثائق المالية التي تم الحصول عليها حديثاً، والتي يطلق عليها اسم “وثائق باندورا”.
وتورد هذه الوثائق بالتفصيل كيفية عمل الشركات التي تقدم خدمات مالية سرية، والثروات السرية لبعض أكثر الشخصيات نفوذا وقوة على هذا الكوكب.
وتمكن برنامج بانوراما في بي بي سي وصحيفة الغارديان في المملكة المتحدة، وبي بي سي عربي، بالتعاون مع مؤسسات إعلامية أخرى، من الوصول إلى أكثر من 12 مليون ملف من 14 شركة في الجزر العذراء البريطانية، وبليز وبنما وهونغ كونغ وقبرص وسويسرا ودول أخرى.
واشترى الملك عبد الله بين عامي 2012 و 2014، أربع شقق في حي جورج تاون الراقي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وقد تكون عملية شراء هذه الشقق التي بلغت قيمتها 16 مليون دولار، لها علاقة بنجل الملك ولي العهد الأمير حسين، الذي كان يدرس في جامعة جورج تاون في ذلك الوقت.
الإطلالة البديعة
يقع المنزل المكوّن من سبع غرف نوم في منطقة تضم عقارات تبلغ قيمتها عدة ملايين من الدولارات، وتطل على المحيط الهادئ في شبه جزيرة بوينت دوم في ماليبو بكاليفورنيا.
وقد عاش السير أنتوني هوبكنز وجوليا روبرتس وسيمون كول وغوينيث بالترو وباربرا سترايسند في تلك المنطقة.
وتم شراء العقار بمبلغ 33.5 مليون دولار في عام 2014 من قبل شركة Nabisco Holdings SA، وهي شركة تتخذ من الجزر العذراء البريطانية مقراً لها. وكان مبلغ الشراء رقماً قياسياً في المنطقة في ذلك الوقت.
واشترت شركتان مختلفتان تتخذان أيضاً من الجزر البريطانية مقراً لهما، المنزلين الواقعين على جانبي العقار في عامي 2015 و 2017، وتجري عمليات التعديل على العقارات الثلاثة لجعلها عقاراً ضخماً واحداً.
وتكشف “وثائق باندورا” أن الشركات الثلاث هي من بين الشركات التي يمثلها مكتب محاماة في بنما، وجميعها مملوكة سراً لملك الأردن.
وقال مدون مجهول يكتب عن مبيعات بيوت المشاهير في كاليفورنيا في ذلك الوقت: “لقد مر أحدهم بجحيم من المتاعب للحفاظ على سرية ما قام به هنا. عموماً لا يحب الأثرياء الكشف عن هويتهم. لكن هذا المستوى من التعتيم المتعمد يتجاوز عمليا أي شيء شهدناه على الإطلاق”.
“أنت تعرف من”
تمكن ملك الأردن من الحفاظ على سرية ملكيته للعقارات، لأنه استخدم شركات تتخذ من الملاذات الضريبية مقرات للقيام بعمليات الشراء.
وحرص الأشخاص الذين أنشأوا الشركات للملك على عدم تحديد هوية المالك، وأشاروا إليه في وثيقة داخلية واحدة باسم “أنت تعرف من”.
وقد تواجه الجهود الدولية لتحسين الشفافية المالية بعض الصعوبات، حسب بعض التقديرات.
فقد أصدرت الجزر العذراء البريطانية قانوناً في عام 2017، يُلزم مالكي جميع الشركات في الجزيرة بالتسجيل في سجل داخلي تحتفظ به الحكومة.
لكن إحدى الوثائق تظهر أنه بعد ثمانية أشهر من دخول “قانون نظام البحث الآمن عن المالك المستفيد” حيز التنفيذ، لم يقدم عدد من شركات الجزر العذراء البريطانية التي لها علاقة بالملك عبد الله بن الحسين، المعلومات المطلوبة إلى السلطات.
كما لا يبدو أن الملك قد تم إدراجه في قائمة الأشخاص المكشوفين سياسياً، باعتباره شخصا يحتل منصبا عاما بارزا، وهو شرط تخضع له الشركات المالية بموجب قواعد مكافحة الفساد.
وتشير أنيل شلين، محللة شؤون الشرق الأوسط، إلى أن هذه التسريبات يمكن أن يكون لها تأثير في الأردن.
وقالت لبرنامج بانوراما: “من الصعب جدا جدا على الأردني العادي الحصول على الحد الأدنى من السكن والأسرة والوظيفة الجيدة”. وأضافت: “مواجهة الأردنيين بخبر قيام الملك بتحويل الأموال إلى الخارج طوال هذا الوقت سيبدو سيئاً فعلاً”.
وقال محامو الملك عبد الله، إن المعلومات المتعلقة بممتلكاته ليست دقيقة أو حديثة. وقالوا إن جميع ممتلكاته في الخارج تم شراؤها بثروته الشخصية، والتي يستخدمها أيضاً لتمويل مشاريع تعود بالنفع على المواطنين الأردنيين.
وأضافوا أنه لم تُستخدم شركات تتخذ من الملاذات الضريبية مقرات لها لإخفاء ثروة الملك، وأنه من الشائع امتلاك الشخصيات الهامة والشركات الكبيرة أصولاً، والاحتفاظ بها من خلال هذه الشركات لأسباب تتعلق بالخصوصية والأمن.
وقالوا إن إدارة هذه الشركات “تجري من قبل مختصين لضمان التشغيل السلس للعمليات اليومية، والامتثال لجميع الالتزامات القانونية والمالية الخاصة بالمنطقة التي تخضع هذه الشركات لولايتها القضائية”.
المصدر: سوشال