تعهدات مصرية بتحريك ملف عودة سورية للجامعة العربية

التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في نيويورك، الجمعة الماضي، للمرة الأولى منذ 10 سنوات، في اجتماع غابت البيانات والتصريحات الرسمية الصادرة عنه لأي إشارة للملفات التي نوقشت فيه، فيما بدا رغبة مشتركة لتوجيه رسائل إلى أطراف مختلفة، بهدف تحريك الموضوع الرئيسي الرابط بينهما والعالق حتى الآن، وهو عودة سورية إلى جامعة الدول العربية.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ”العربي الجديد”، إن اللقاء سبقته اتصالات أجريت بين البلدين على مدار أيام، للتباحث حول أهمية عقده على الأراضي الأميركية، ومدى إمكانية تحقيق تقدم في إقناع الدول العربية باتخاذ خطوة إعادة سورية إلى الجامعة، وكذلك مناقشة الطلبات الروسية في هذا الصدد، والتي نوقشت مع مصر على مدار الشهور الثلاثة الماضية.

وأضافت المصادر أنه تم الاتفاق على إجراء اللقاء في الساعات الأولى من زيارة شكري إلى نيويورك، ليحمل دلالة رمزية إيجابية موجهة بالأساس إلى موسكو، للتأكيد على رغبة القاهرة في تطوير العلاقات بالنظام السوري، وعدم قصرها على التنسيق والتعاون الاستخباراتي والأمني، خاصة في ظل ارتفاع مؤشرات التبادل التجاري بين البلدين، والتنسيق الأخير لمرور الغاز الطبيعي المصري المصدّر إلى لبنان عبر الأراضي السورية.

وأوضحت المصادر أن القاهرة تعهدت لموسكو، ثم دمشق، بالعمل على حل مشكلة العودة للجامعة العربية بأسرع وقت، من خلال التنسيق مع الإمارات ودول أخرى، وطرح بدائل يمكن اعتمادها كحلول وسط قبل العودة بالعضوية الكاملة، مع التأكيد على عدم قدرتها منفردة على حلحلة المسألة، لارتباطها في الأساس بإشكالية العقوبات الأميركية المفروضة على نظام بشار الأسد، وفي المقام التالي ممانعة عدد من الدول العربية المهمة، والداعمة مالياً وسياسيا للجامعة، بشكل بارز حالياً في تحقيق ذلك الآن.

وبحسب المصادر فإنه من ضمن السبل التي ناقشها شكري والمقداد، الاستعانة بوسطاء دوليين وأميركيين محليين لإقناع الإدارة الأميركية الجديدة بضرورة إلغاء أو تعديل قانون “قيصر”، الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2020، ويتضمن فرض عقوبات مشددة على النظام السوري. يشار إلى أن القانون حمل الاسم المستعار لمصور سابق في جيش النظام السوري، خاطر بالفرار العام 2014 من البلاد وبحوزته 55 ألف صورة لأعمال وحشية ارتكبت في سجون النظام.

وتتضمن هذه المحاولات، بحسب المصادر، عرض بعض البدائل التقييدية الأخف على واشنطن، بحجة ضرورة ذلك لضمان المشاركة العربية الفعالة في إعادة إعمار سورية، من خلال الجهات الرسمية أو القطاع الخاص، فضلاً عن إجراء الدبلوماسيين المصريين والإماراتيين اتصالات بالدول العربية الرافضة لاستطلاع شروطها لعودة سورية، وما إذا كان من الممكن تحقيق ذلك قريباً، في ظل تغير الظروف السياسية، نافية في الوقت نفسه ارتباط هذا الملف من وجهة النظر المصرية -سواء بالإيجاب أو السلب- بتطور العلاقات مع تركيا أو إيران.

وإلى جانب هدف استعادة الأسبقية في اتخاذ القرار على المستوى العربي، أشارت المصادر إلى أن عودة النظام السوري إلى الجامعة أمر يهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بشكل شخصي، في إطار سعيه، بالتعاون مع الإمارات، إلى إنهاء آثار الربيع العربي. فبينما تطورت العلاقات الأمنية والاستخباراتية بين القاهرة ودمشق بصورة ملموسة في عهد السيسي، فإنه كان يشير دائماً إلى ضرورة دعم جيش النظام، شأن إصراره على دعم ما يصفها بـ”الجيوش الوطنية في جميع الدول العربية في مواجهة المليشيات”.

أما على مستوى العلاقات مع موسكو، فتبدو الأهداف التي من الممكن تحقيقها بالتقارب غير مضمونة، فلا يمكن توقع رد الفعل الروسي، سواء في ملفات حساسة أو غير ذلك، إذا ارتأت أن القاهرة لا تبذل الجهد المطلوب في هذا السياق، أو لمزيد من الضغط عليها، بما في ذلك قضية سد النهضة، التي تعتبر عقدة خلاف كبيرة بين الجانبين، حتى بعد موافقة موسكو على إصدار البيان الرئاسي عن مجلس الأمن الدولي الذي دعا جميع أطراف القضية لاستئناف المفاوضات.

وسبق لشكري أن تحدث مرتين، نهاية العام الماضي وفي اجتماع وزراء الخارجية العرب في مارس/آذار الماضي، عن ضرورة “عودة سورية لمحيطها العربي”، معتبراً ذلك “أمراً حيوياً لصيانة الأمن القومي العربي”، لكن لم يشهد الملف أي تقدم ملموس. وخلال مؤتمر صحافي جمعه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في أبو ظبي في مارس الماضي، قال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، إن “مسيرة عودة سورية إلى محيطها الإقليمي قد بدأت، وهو أمر لا بد منه، كونه يشكل مصلحة لسورية وللجامعة العربية أيضاً، وأن التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سورية هو قانون قيصر”. وقبل ذلك أقدمت الإمارات على خطوتين إيجابيتين تجاه النظام السوري، بإعادة افتتاحها سفارتها في دمشق في ديسمبر/كانون الأول 2018، ثم أجرى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، اتصالاً معلناً برئيس النظام السوري بشار الأسد، في مارس 2020 لبحث تداعيات انتشار فيروس كورونا، مبدياً استعداده لتقديم الدعم الإنساني للشعب السوري.

المصدر:  العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى