يستهل مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع بزيارة إلى السعودية، من المتوقع أن يلتقي خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة نيوم شمال غربي البلاد، حيث سيناقشان تحديات إقليمية ودولية في طليعتها الحرب في اليمن التي تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى وضع حد لها.
ووفق مسؤولين في الإدارة الأميركية، سيعقد سوليفان وهو أرفع مسؤول أميركي يزور السعودية، منذ تسلم الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم، اجتماعاً مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الذي يلعب دوراً بارزاً في مساعي التنسيق للدفع بحل سياسي للأزمة اليمنية، وفق اجتماعاته المتعددة مع المبعوثين الأميركي والأممي إلى اليمن.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، إميلي هورن، في بيان، أمس الاثنين، إن منسق مجلس الأمن القومي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، سينضمان إلى سوليفان في المباحثات مع الجانب السعودي.
الأزمة اليمنية تتصدر
وتأتي زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي إلى السعودية بعد جولة أجراها ليندركينغ في المنطقة شملت كلاً من الرياض ومسقط، لبحث جهود إنهاء الحرب في اليمن. ونقلت وكالة “أسوشييتد برس” عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله بأن “إنهاء الحرب في اليمن بوصفها أحد أكثر صراعات العالم تعقيداً، ليس ممكناً من دون الانخراط في محادثات مباشرة مع كبار المسؤولين السعوديين”.
إلا أن مهمة سوليفان الذي تتصدر الأزمة اليمنية أجندة زيارته لا تبدو سهلة، في ظل رفض الحوثيين مبادرة السلام التي أعلنت عنها الرياض في مارس (آذار) الماضي، الأمر الذي دفع المبعوث الأميركي إلى اليمن إلى استنكار التعنت الحوثي في أكثر من مناسبة، مندداً برفضهم وقف إطلاق النار، والانخراط في محادثات سياسية.
في سياق متصل، أعرب مسؤولون في البيت الأبيض عن أملهم في أن يسهم تعيين المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، في زيادة الضغط على أطراف الصراع، إلا أن المبعوث الجديد أكد قبل أكثر من أسبوعين على ثقل المهمة، قائلاً إن اليمن “عالق في حرب مجهولة المصير”، ومؤكداً أن “استئناف المفاوضات لإنهاء صراع عمره أكثر من 6 سنوات لن يكون سهلاً”.
تأجيل زيارة أوستن
زيارة سوليفان إلى السعودية تأتي أيضاً بعد تأجيل الرياض زيارة كانت مقررة لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الشهر الجاري، على خلفية “مشكلات تتعلق بالجدول الزمني”، وفق “البنتاغون”، وفي أعقاب سحب واشنطن أنظمة دفاعية متطورة وبطاريات باتريوت من السعودية، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد هجمات متكررة من ميليشيات الحوثي اليمنية.
مع ذلك، انتعش التعاون العسكري بين البلدين الأسبوع الماضي، بعدما أعلنت الخارجية الأميركية عن موافقة واشنطن على عقد تصل قيمته إلى 500 مليون دولار لصيانة أسطول متنوع من مقاتلات تملكها السعودية.
ويعد الاتفاق الدفاعي الأخير الأول والأكبر من نوعه بين البلدين منذ تسلم الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقالت الخارجية الأميركية إن الصفقة المقترحة “ستدعم أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة بالمساعدة في تعزيز أمن دولة صديقة تظل قوة مهمة للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي في الشرق الأوسط”.
الاتفاق النووي
ووفق “أسوشييتد برس”، تأتي زيارة سوليفان في السعودية والإمارات وسط جهود الإدارة الأميركية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الذي أبرمته واشنطن والقوى الأوروبية مع طهران عام 2015، والذي تعارض كل من الرياض وأبو ظبي العودة إليه منذ إلغائه في عهد دونالد ترمب عام 2018.
وعلى الرغم من أن بايدن وفريقه حددا عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق الذي وقعت عليه بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا وإيران، كإحدى أولويات السياسة الخارجية الأميركية، فإن الولايات المتحدة لم تحرز حتى الآن تقدماً كبيراً على رغم انطلاق عدة جولات من المحادثات غير المباشرة.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني الجديد حسين عبد اللهيان، في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة، إن “بلاده ستستأنف المفاوضات النووية في فيينا “قريباً جداً”، لكنه اتهم إدارة بايدن بإرسال رسائل متناقضة، بالقول إنها “تريد إعادة الانضمام إلى الاتفاقية مع فرض عقوبات جديدة على طهران وعدم اتخاذ إجراءات إيجابية”.
وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن نظراءه من دول مجلس التعاون الخليجي، وأكد التزام بلاده بالبناء على الشراكة طويلة الأمد مع دول المجلس، على نحو يعزز الأمن والاستقرار الإقليميين.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن الوزراء المجتمعين ناقشوا “العمل على تحقيق نهج مشترك تجاه حل دائم للنزاع في اليمن، ومتابعة الدبلوماسية لتحقيق عودة متبادلة للامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة”، إضافة إلى “مواجهة سلوك إيران العدواني المستمر في الخليج”.
العلاقات السعودية – الأميركية
شهدت العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد بايدن اختلافاً في وجهات النظر حيال قرارات منها إزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب، لكن التوافق بين البلدين بشأن الأزمة اليمنية سار في وتيرة متصاعدة على وقع قرارات وتصريحات سعودية داعمة للرغبة الأميركية بإنهاء الحرب باعتبارها هدفاً مشتركاً.
ولوحظ التوافق السعودي – الأميركي حيال اليمن في ترحيب الرياض السريع بتعيين مبعوث أميركي إلى اليمن، ودفعها بمبادرة سلام تلتها تصريحات لولي العهد السعودي دعم من خلالها جهود وقف إطلاق النار، بدعوة الحوثي إلى “إحياء نزعته العروبية” و”الجلوس إلى طاولة المفاوضات”، مع التأكيد على رفض الرياض “وجود تنظيم مسلح خارج عن القانون على حدودها”.
وبعدما تزايدت شكوك البعض حول تماسك العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة في أعقاب وقف واشنطن دعمها العسكري لعمليات تحالف دعم الشرعية في اليمن، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة متلفزة، أن بلاده على “توافق مع إدارة بايدن بأكثر من 90 في المئة من المسائل التي تتعلق بالمصالح السعودية – الأميركية”، مشيراً إلى إمكانية “أن يزيد هامش الاختلاف أو يقل مع الإدارة الأميركية”.
المصدر: اندبندنت عربية