على خطى “التغيير الديمغرافي” بسوريا.. ||    النظام يصادر أكثر من 1500 هكتار بدير الزور

أصدر محافظ دير الزور التابع لحكومة النظام، فاضل نجار، قوائم بأراض زراعية تمت مُصادرتها من قبل النظام في محافظة دير الزور خلال الأيام القليلة الماضية، بذريعة ملكيتها لأشخاص مطلوبين من قبل أجهزة الأمن والمخابرات.

وحصل موقع تلفزيون سوريا على نسخ من القوائم التي حملت أسماء أصحاب الأراضي الزراعية والعقارات المُصادرة، ممّن يقيمون خارج مناطق سيطرة النظام سواء داخل سوريا أو خارجها، بالإضافة إلى مساحة تلك الأراضي والعقارات والأسباب التي تذرّع بها النظام للاستيلاء عليها والتي تتلخّص بأن أصحابها من “المطلوبين أمنياً” بحسب ما ورد في القوائم المسرّبة.

وكان النظام قد أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري، مصادرة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في المحافظة، وخصوصاً الواقعة في جنوب شرقي نهر الفرات والمعروفة بمنطقة (الشامية) بريف دير الزور الشرقي تعود ملكيتها إلى الأهالي المهجّرين والمطلوبين أمنياً لمعارضتهم نظام الأسد.

وفي الـ7 من الشهر الجاري، أعلنت وسائل إعلام موالية أن محافظ دير الزور ناقش مع اللجنة الرئيسية المشكلة لتأجير الأراضي “المتروكة والشاغرة” والمقرر إعلانها للاستثمار الزراعي للموسم 2021/2022، لتنفيذ خطة العمل التنفيذية لاستثمار الأراضي الواردة في جداول اللجان المكانية. وقررت اللجنة إجراء مزايدات الاستثمار لغاية يوم الـ23 من أيلول الجاري.

الأسباب الحقيقية لمصادرة الأراضي

وقال مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا، إن “محافظة دير الزور” شكلت لجنة مختصة لإحصاء الأراضي الزراعية منذ نحو 3 أشهر، مضيفاً أن هدف اللجنة “معرفة أماكن إقامة أصحاب هذه الأراضي، ليتسنى للنظام مصادرة أراضي الأهالي المهجرين والمقيمين خارج مناطق سيطرته”.

وبحسب ما أظهرت القوائم الأخيرة فإن مجموع مساحة الأراضي المُقرّر مصادرتها تجاوز الـ 1500 هكتار، وتعود ملكية معظمها لأهالي بلدة “القورية” التي تُعدّ من أوائل المناطق الثائرة ضد نظام الأسد في محافظة دير الزور ، بالإضافة إلى أراض صغيرة نسبياً تتوزع في بعض القرى المحيطة بالبلدة والتابعة لريف البوكمال جنوب شرقي دير الزور.

يأتي ذلك كله في سياق سعي قوات النظام والميليشيات الإيرانية، منذ سيطرتها على المدينة وأجزاء من ريفها أواخر العام 2017، إلى إجبار ما تبقى من أبناء المحافظة -التي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية بشكل شبه كامل- على الرحيل من منازلهم وأراضيهم تمهيداً لانتقال ملكيتها إلى عناصر تلك الميليشيات وتنفيذ خطة “التغيير الديمغرافي” التي تستهدف شرقي سوريا المتاخم للحدود العراقية.

النظام ينذر أصحاب المنازل المدمّرة بإزالتها

وفي سياق سعي النظام والميليشيات الإيرانية لتطبيق خطة التغيير الديمغرافي عبر الاستيلاء على ممتلكات أبناء المحافظة ودفعهم لمغادرتها، أنذر النظام في أواخر شهر آذار الماضي أصحاب المنازل التي قصفتها قواته في مدينة دير الزور خلال السنوات السابقة، بإزالتها وترحيل أنقاضها، بذريعة أنها “آيلة للسقوط وتهدد السلامة العامة”.

من المسؤول عن بيع العقارات لميليشيات إيران في دير الزور؟

ووجه مجلس مدينة دير الزور التابع لوزارة الإدارة المحلية في حكومة النظام، في الـ27 من آذار، إنذاراً حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة منه، طلبت فيه من أصحاب عقارات واقعة ضمن أحياء المنطقة الرابعة التي تشمل كلاً من: “الجبيلة” و”الرديسات” وشارع “سينما فؤاد”، بالإضافة إلى المنطقة الثالثة “حيّ الشيخ ياسين”؛ بإزالة شققهم وأبنيتهم.

وعلّل المجلس إنذاره بأن الأبنية “آيلة للسقوط وتشكّل خطراً على السلامة العامة”، مشدّداً على أصحابها إزالتها خلال أسبوع واحد اعتباراً من تاريخ صدور الإعلان “تحت طائلة المساءلة القانونية في حال عدم الإزالة”.

وطلب من أصحاب العقارات الذين لا توجد لديهم إمكانية إزالة أبنيتهم، إبلاغ مجلس مدينة دير الزور “وتقديم تصاريح خطّية مع ثبوتيات الملكية لإزالتها”، حيث سيزيل مجلس المدينة الأبنية في كل الحالات، بمجرد انتهاء فترة الأسبوع.

وكانت الأحياء المذكورة، قد تعرضت لأقسى أنواع القصف على مدى السنوات الـ6 التي سبقت سيطرة قوات النظام على المدينة، في تشرين الثاني 2017.

ويشار إلى أن معظم أهالي وأصحاب العقارات المشمولة بقرار الإزالة إما قد نزحوا باتجاه الشمال السوري الواقع تحت سيطرة المعارضة أو هُجّروا خارج البلاد خلال تلك السنوات، ما سيساعد النظام في عملية إزالة تلك العقارات ومحو أثرها وتسهيل سيطرة الميليشيات الإيرانية عليها.

دير الزور وأسوأ أزمة غذائية بعد عشر سنوات

مصادر خاصة أكّدت لموقع تلفزيون سوريا أن قوات النظام صادرت في عدد من قرى ريف دير الزور ، منذ منتصف شهر آب الماضي وصولاً إلى اليوم، عشرات الأراضي الزراعية (منها أراض مزروعة)، ما يهدد محاصيلها بالتلف بسبب عدم سقايتها وبالتالي تفاقم الأزمة الغذائية في المنطقة.

وأوضحت المصادر أن قوات النظام منعت الفلاحين من الدخول إلى هذه الأراضي أو سقايتها تحت طائلة المحاسبة والاعتقال وطالبت القائمين على هذه الأراضي والفلاحين الذين يعملون بها بضرورة مراجعة صاحب الأرض حصرياً لفرع الأمن العسكري أو المفارز التابعة له في ريف المدينة.

وكانت الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية قد أصدرت تقريراً قالت فيه إن نحو 20 مليون شخص واجهوا أزمات غذائية العام الفائت، وذلك بسبب الصراعات المسلحة وجائحة فيروس كورونا، بالإضافة إلى تقلبات الطقس، حيث جاءت سوريا ضمن الدول الـ 10 الأكثر تضرراً بالأزمة.

تغيير ديمغرافي بغطاء الإصلاح وإعادة الإعمار في سوريا

الأسلوب المتبع للاستيلاء على أملاك المهجرين السوريين ليس بجديد على نظام الأسد، فقد سبق أن سن الأخير قوانين ومراسيم مشابهة مثل القانون رقم 10 وغيره، ويرى ناشطون أن ما يجري هو خطّة منهجيّة تبدأ باستخدام الهجمات العشوائية وحجة “محاربة الإرهاب” لتهجير السكان الأصليين، ثم يعمد إلى تمكين مختلف الفروع الأمنية والميليشيات الموالية التي تمارس كل أنواع الاضطهاد والبطش بمن تبقّى من أصحاب الأرض في تلك المناطق، بالإضافة إلى منع المهجرين من العودة إليها بأمان، ثم يصدر القوانين والمراسيم التي تجرد السكان الأصليين من ممتلكاتهم وتمنحها لرجال الأعمال الموالين للنظام أو لعناصره.

وكان النظام قد أعلن إقامة مشروعين سكنيين، وتجاريين كبيرين في العاصمة دمشق هما ماروتا سيتي وباسيليا سيتي، القائم على مصادرة أملاك المهجرين سواء كانوا نازحين أو لاجئين، ويستهدف خصوصاً المناطق المتاخمة للعاصمة، والتي شهدت كبرى المظاهرات ضد النظام مع بداية الثورة السورية.

ورغم العقوبات الدولية المفروضة على هذه المشاريع، يمضي النظام في محاولاته إنجاز بعض المشاريع العمرانية المثيرة للشكوك، وفق مراقبين، كونها جزءاً من عمليات تغيير ديمغرافي في البلاد، حيث يسعى النظام إلى تبديل معالم المناطق المشاركة في الثورة السورية بحجة التطوير العقاري ومعالجة السكن العشوائي، والذي يمثل معظم المساكن في محيط العاصمة دمشق.

وتسيطر قوات النظام والميليشيات الإيرانية على مئات المنازل والأراضي الزراعية في مدينة دير الزور وريفها منذ سيطرتها على المدينة قبل نحو 4 سنوات، حيث تتحكم هذه الميليشيات بإدارة المنطقة والذي ساعدها على الاستيلاء على منازل المدنيين فيها واتخذت منها مقارَّ لها أو سكناً لعناصرها.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى