علقت صحيفة “أوبزيرفر” على التحالف الأمريكي- الأسترالي- البريطاني “أوكاس” لمواجهة التأثير الصيني في منطقة الباسيفك، محذرة من أن تدهور العلاقات الأنكلو- فرنسية ستؤدي إلى عزلة بريطانية أوسع بعد خروجها من الإتحاد الأوروبي.
وقالت إن قرار فرنسا استدعاء سفيريها في كل من واشنطن وكانبيرا يعكس الغضب العميق من عدم شملها في التحالف الدفاعي “أوكاس” وقرار استراليا إلغاء صفقة بـ 48 مليار جنيه استرليني لبناء غواصات. ولم تتخذ باريس قرارا مشابها ضد بريطانيا، لكن الخلاف يعلم مرحلة متدنية في العلاقات الأنكلو- فرنسية المهترئة. وهذا واحد من عدة تحديات ستواجه وزيرة الخارجية الجديدة ليز تراس والتي حلت محل دومينيك راب في التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الوزراء بوريس جونسون، فهل هي على قدر المهمة؟
وتجيب الصحيفة أن سجل تراس كوزيرة للتجارة الدولية مؤيدة للبريكسيت يخلو من إنجازات. ويؤكد ترفيعها لمنصب وزارة الخارجية مثل بقية التعيينات الجديدة أن جونسون يفضل الأصدقاء على الكفاءة.
وقالت إن الخلاف بشأن تحالف “أوكاس” يعبر عن مشاكل رئيسية تواجه “بريطانيا العالمية” وهو مشروع دافعت عنه تراس، واحدة منها هي تبعية بريطانيا الكاملة للولايات المتحدة في وقت بات فيه الرئيس جوزيف بايدن يعبر عن ميول فردية. وقد جرت بريطانيا وراء كارثة الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان والتي كلفت راب وظيفته وأجبرت بريطانيا على متابعة سياسة لا تدعمها.
ووعد بايدن في الصيف الماضي القادة الأوروبيين أن أمريكا في مرحلة ما بعد دونالد ترامب “عادت” فيما يتعلق بالتعاون الثنائي بين الدول على جانبي الأطلسي. ولكن ليست بهذه الطريقة التي باتت تنظر فيها باريس وبروكسل وبرلين للصدع الكبير بشأن البنية والسياسة الأمنية في منطقة الإندو- باسيفيك. وشجبت الصين التحالف لكنها ستفرح بالتشتت في العلاقات بين الحلفاء الغربيين. وربما وجدت تراس المتشددة آذانا صاغية في بعض الدوائر عند مرافقتها لجونسون إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع، وبخاصة مواقفها الصقورية من إيران وروسيا وضرورة التعامل بشدة مع الصين.
لكن اعتماد الحكومة المفرط على الولايات المتحدة التي لا يمكن الثقة بها قد يكون قاتلا لبريطانيا. ولن تخدم تراس بريطانيا ومصالحها الحيوية لو فشلت في الإبقاء على توافق المصالح الأمنية والدفاعية البريطانية- الأوروبية. وترى الصحيفة أن الخلافات البريطانية- الأوروبية التي أثرت على العلاقات وآخرها تحالف “أوكاس” الذي اعتبرته باريس “طعنة في الظهر” لا يعني نهاية التعاون، فرغم التوتر في العلاقات بشأن المهاجرين وحقوق الصيد، فمن الواجب على لندن بناء جبهة مشتركة في عدد من المجالات. وهو ما كرره رئيس الوزراء الهولندي مارك روت في الأسبوع الماضي مخاطبا جونسون. وبدعم من فرنسا وألمانيا أعاد روت تقديم اقتراحه لزيادة التعاون الأمني مع الإتحاد الأوروبي. ولتسهيل الطريق، قررت بروكسل تخفيف لهجتها من الجمارك على الحدود مع أيرلندا. ويجب أن يكون هذا تحذيرا لتراس بعد تصريحات زعيمة الغالبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي التي ربطت اتفاقية التجارة الأمريكية- البريطانية بالبريكسيت وتأثيره على السلام في أيرلندا.
ولدى فرنسا وبريطانيا أكبر الجيوش الأوروبية وبقدرات عسكرية ليست لدى ألمانيا. ولهذا من الواجب بناء أجندة مشتركة بين البلدين لمتابعة قضايا تتراوح من التغيرات المناخية التي ستكون امتحانا لتراس بالإضافة لمخاوف عودة الإرهاب الإسلامي. ومن المهم عدم ترك شكوك فرنسا بكونها ضحية “المجال الإنكليزي” تتفاقم. وتعلق الصحيفة أن غضب إيمانويل ماكرون ليس بسبب خسارته صفقة كبيرة، رغم الضرر الذي ستحدثه ولكن بسبب الإهانة الدبلوماسية والوطنية التي جاءت قبل سبعة أشهر من معركة انتخابية صعبة ضد اليمين المتطرف الصاعد، فهل تريد تراس وجونسون التعامل مع رئيسة معادية للأجانب مثل مارين لوبين؟ وتزيد التطورات الأخيرة من الضغط داخل الإتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد ميركيل والبحث عن استقلالية يدعو إليها ماكرون. وحثت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسلا فون ديرلين الدول الأعضاء في الأسبوع الماضي لتطوير قوة عسكرية مستقلة. ومهما كانت النية فقوة كهذه ستؤثر على الناتو، أول وآخر خطا للدفاع عن بريطانيا.
المصدر: ” القدس العربي”