تواصل قوات النظام السوري عمليات التفتيش وإجراء التسويات في الريف الغربي لمحافظة درعا، جنوبي البلاد، على أن تنتقل هذه العملية الى مدينة طفس، غداً السبت، بموجب اتفاق تم التوصل إليه، الخميس، بين اللجنة المركزية للتفاوض ووجهاء المنطقة من جهة، وضباط النظام السوري من جهة أخرى، برعاية روسية.
إلى ذلك، تستمر العمليات العسكرية في البادية السورية، حيث أغارت الطائرات الروسية مجدداً على مواقع مفترضة لتنظيم “داعش”، فيما فجر التنظيم، فجر الجمعة، سيارة مفخخة وسط تجمع لقوات النظام.
وذكرت وكالة “سانا” الرسمية أنه بالتوازي مع انتشار وحدات من قوات النظام “وقوى الأمن الداخلي” في بلدة مزيريب بريف درعا الغربي، تم أمس “رفع العلم الوطني فوق مبنى الناحية إيذاناً بعودة ممارسة عملها المعتاد، واستئناف تقديم الخدمات الشرطية، وذلك بعد تسوية أوضاع العشرات من المسلحين والمطلوبين والفارين من الخدمة العسكرية وتسليم السلاح للجيش ضمن إطار اتفاق التسوية”.
ونقلت الوكالة عن “قائد شرطة محافظة” درعا، العميد ضرار مجحم الدندل، قوله إن هذا اليوم “يشكل انتصاراً جديداً يضاف إلى انتصارات الجيش العربي السوري”، وفق قوله، مشيراً إلى إعادة فتح ناحية مزيريب بعد إجراء أعمال التجهيز والتأهيل.
من جهته، ذكر موقع “تجمع أحرار حوران” أن قوات النظام شنت، أمس الخميس، حملة تفتيش لعدد محدود من المنازل في بلدة المزيريب، وتسلمت عدداً من قطع السلاح الفردي تعود لعناصر محليين انضموا للفرقة الرابعة عقب سيطرة النظام على المحافظة عام 2018، وانشقوا عنها قبل نحو شهر، إثر هجوم النظام على أحياء درعا البلد، مشيراً إلى أن المجموعات العسكرية تجمعت عند دوار البلدة، وانسحبت عقب انتهائها من عملية التفتيش.
كما أعادت قوات النظام مدعومة بعدد من الآليات الثقيلة تمركزها على حاجز “الدوار” في منطقة مساكن جلين بريف درعا الغربي، بعد أن فتشت الأبنية والمزارع المحيطة بها.
ويقع الحاجز على مفترق طرق هامة غرب درعا، ويعتبر صلة وصل بين مدينة طفس والقرى في محيطها، مع منطقة حوض اليرموك، وتمركز النظام فيه يعني تقسيم المنطقة إلى عدة أقسام.
وكانت اللجنة المركزية الغربية في درعا واللجنة الأمنية التابعة للنظام توصلتا، أمس، إلى اتفاق تسوية في مدينة طفس على غرار الاتفاقيات الثلاث التي تم تطبيقها، خلال الشهر الحالي، في درعا البلد وبلدتي اليادودة والمزيريب.
وينص الاتفاق بين الجانبين، الذي يبدأ تطبيقه غداً السبت، على إعادة نشر النقاط الأمنية التابعة للنظام قبيل أسر عناصر النظام، الذين كانوا متمركزين بها في 29 يوليو/ تموز الماضي في مدينة طفس، عند بناء البريد والمشفى وثكنة الأغرار شرق المدينة، إضافة الى إعادة تسليم السلاح الخفيف الذي احتجزه مقاتلون محليون بعد هجومهم على النقاط الأمنية آنذاك تضامناً مع درعا البلد، وإجراء قوات النظام عمليات تفتيش شكلية بحضور وجهاء المنطقة والشرطة الروسية.
وتعتبر طفس، الواقعة بالريف الغربي من درعا، خارجة فعلياً عن سيطرة النظام، وتضم مقاتلين سابقين بالمعارضة رفضوا التسوية الروسية في 2018، وإلى جانبهم عشرات المتخلفين عن التجنيد الإجباري بصفوف قوات النظام.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن تسوية أوضاع المطلوبين في محافظة درعا في الجنوب السوري مستمرة، معتبرة أن “الأوضاع في الجنوب السوري باتت مستقرة بفضل العسكريين الروس”.
وفي بيان لها أمس، قالت الوزارة إن “التطبيع السلمي يستمر في محافظة درعا مع الدور الأساسي لروسيا، بعد أن تم ترحيل المسلحين الرافضين للتسوية مع عائلاتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في شمال البلاد”، وفق ما نقلت قناة “روسيا اليوم”.
وأضافت أن “المسلحين يسلمون أسلحتهم ويوقعون على التسوية في مراكز رسمية تم نشرها لهذا الغرض تحديداً، ويستعيدون حقوقهم المدنية، ويحصلون على فرصة ممارسة العمل السلمي”، وفق تعبيرها.
وفي وقت سابق، أعلن مركز المصالحة الروسي في حميميم عن تسوية أوضاع 211 شخصاً وتسليم 59 قطعة سلاح، مشيراً إلى أن “جميع المسلحين يتمتعون بحق العفو الذي منحته لهم حكومة نظام الأسد، باستثناء مرتكبي الجرائم الخطيرة”.
ووفق البيان، فإن الشرطة العسكرية الروسية وقوات النظام تسيران دوريات في شوارع درعا، إضافة إلى نشر حواجز تفتيش على الطرق، مضيفاً أن “استقرار الأوضاع سمح لحكومة النظام بالمباشرة في إعادة إعمار البنية التحتية في درعا”.
ويرى مراقبون أن النظام يسعى لإحكام قبضته الأمنية مجدداً على محافظة درعا، بدءاً من المناطق التي حملت السلاح ضد النظام وانتهاءً بالسيطرة الكاملة على المحافظة بوصاية روسية، مع إعطاء وعود بالإفراج عن المعتقلين، وعودة الخدمات، وإلغاء الملاحقات الأمنية بحق المعارضين، على غرار وعود 2018 التي ظلت حبراً على ورق.
من جهة أخرى، تعرض الشاب ناصر العمارين لمحاولة اغتيال في مدينة نوى بريف درعا الغربي، وذلك عن طريق استهدافه بالرصاص من قبل مجهولين بالقرب من منزله وسط المدينة، ونقل على إثرها إلى المشفى الوطني فيها.
وذكرت شبكات محلية أن العمارين كان قياديا في “فرقة أحرار نوى” التابعة لـ”الجيش الحر”، قبيل سيطرة النظام على المحافظة في يوليو/ تموز 2018، ومن ثم انضم لجهاز الأمن العسكري التابع للنظام.
إلى ذلك، أصيبت سيدة وثلاثة من أطفالها جراء انفجار مجهول في بلدة تسيل في الريف الغربي من محافظة درعا، حيث كانت الأم تُشعل النار للطبخ بجانب منزلها. وذكر موقع “درعا 24” أن الأم والأطفال الثلاثة إصاباتهم غير بالغة، ومعظمها في الأطراف، وتمت معالجتها في العيادات الطبية في البلدة.
معارك في البادية
وفي وسط البلاد، شنت الطائرات الحربية الروسية غارات جديدة على البادية السورية. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارات استهدفت، منذ ساعات الصباح الأولى، مناطق يرجح أن عناصر تنظيم “داعش” يتحصنون فيها ببادية الرصافة ضمن محافظة الرقة، ومثلث حلب-حماة-الرقة، إضافة لبادية حمص الشرقية، حيث يتم استهداف مغاور وكهوف وخطوط خلفية في محاولة لإعاقة نشاط التنظيم والحد من خطورته ونشاطه الكبير في المنطقة.
إلى ذلك، فجّر تنظيم “داعش”، فجر الجمعة، سيارة مفخخة وسط تجمع لقوات النظام في البادية السورية، بين مدينتي تدمر والسخنة. وذكرت شبكة “فرات بوست” المحلية أن سيارة مفخخة يقودها عنصر تابع لتنظيم “داعش” انفجرت في رتلٍ عسكري لقوات النظام بين مدينتي تدمر والسخنة بريف حمص، بالتزامن مع هجوم شنه عناصر تنظيم على مواقع النظام في المنطقة، دون ذكر معلومات عن حصيلة التفجير.
وهاجم التنظيم، الثلاثاء الماضي، مواقع المليشيات الإيرانية في حقل “الضبيات” النفطي جنوب مدينة السخنة بريف حمص الشرقي، ما تسبب بمقتل 8 عناصر من مليشيا “فاطميون”، وإصابة 12 آخرين.
وفي شرق البلاد، ذكر الناشط أبو عمر البوكمالي، لـ”العربي الجديد”، أن قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية بدأت، اعتباراً من الليلة الماضية، حملة اعتقالات ضمن مناطق سيطرتها في دير الزور وريفها تستهدف المتخلفين عن الخدمة العسكرية والمقاتلين الموالين للنظام من مليشيات الدفاع الوطني والقاطرجي ولواء القدس، ممن انتهت صلاحية بطاقاتهم الأمنية ولم يتم التجديد لهم، وأوضح أنه نتج عن الحملة اعتقال العشرات حتى الآن.
المصدر: العربي الجديد