لا حلول لأزمة درعا البلد… والنظام السوري يهدد بـ”الكيّ”

  أمين العاصي

يتواصل التصعيد العسكري في محافظة درعا، جنوبي سورية، في ظلّ فشل المفاوضات بين وفد يمثل الأهالي، وآخر من جانب النظام برعاية روسية، في التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة في أحياء درعا البلد، إذ يلوّح النظام بتدخّل عسكري في حال عدم رضوخ هذه الأحياء لإرادته. ويتزامن التصعيد في درعا مع مواصلة قوات النظام قصفها في محافظة إدلب، لتحصد أرواح مدنيين جلّهم أطفال، في المحافظة الواقعة شمال غربي سورية.

وقال المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران”، أبو محمود الحوراني، إن عدداً من عناصر قوات النظام قُتلوا، بينهم ضابط، كما أصيب آخرون، إثر استهداف مقاتلين معارضين سيّارة عسكرية كانت تقلّهم على الطريق الواصل بين بلدتي نافعة والشبرق، غربي درعا، موضحاً أن القتلى والمصابين يتبعون لـ”الواء 112” في قوات النظام. ولفت الحوراني، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن شبّاناً في ريف درعا الغربي، استولوا أمس الخميس، على السيارة المسؤولة عن توزيع مادة الخبز على معظم النقاط العسكرية والحواجز التابعة للنظام، غربي درعا. ويأتي هذا الحادث مع دخول الحصار الذي تفرضه قوات النظام على أحياء منطقة درعا البلد، يومه الـ57، والذي تمنع معه الأجهزة الأمنية وصول الطحين والمياه إلى الأحياء المحاصرة. كما استهدف مسلحون مجهولون بالرصاص، فجر أمس، حاجزاً للاستخبارات الجوية التابعة للنظام، جنوبي مدينة داعل في ريف درعا الأوسط.

 

 

الفيدرالية في سورية حلّ أم خيانة؟

من جهتها، قصفت قوات النظام بقذائف المدفعية الثقيلة بلدة تسيل، غربي درعا، فيما كشفت وكالة “نبأ” المحلية عن مشاركة مسلحين عراقيين إلى جانب الفرقة الرابعة التابعة للنظام، والتي يقودها ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام بشار الأسد)، في هجومها على درعا، أحدهم تُوفي أخيراً في درعا بظروف غامضة. وأوضحت أن الفرقة الرابعة باتت تستقطب مقاتلين أجانب ضمن صفوفها، وتتعاقد مع مليشيات مدعومة بشكل مباشر من إيران.

ولا تلوح في الأفق بوادر حلّ سياسي للأزمة التي خلقها النظام في أحياء درعا البلد، إذ أكدت مصادر مطلعة على سير التفاوض، لـ”العربي الجديد”، أن الوفد المفاوض عن الأهالي لا يزال يرفض تسليم السلاح الخفيف وتهجير أي مواطن من أحياء درعا البلد، كما يرفض دخول مليشيات تابعة لإيران إلى المنطقة، وكذلك الفرقة الرابعة.
وكانت قد عُقدت أول من أمس الأربعاء جلسة مفاوضات في الملعب البلدي في مدينة درعا، بين وفدي الأهالي والنظام، لم تفضِ إلى نتيجة، في ظلّ تمسك النظام بشروطه التي تعني استسلاماً كاملاً يرفضه الأهالي، على الرغم من الحصار المحكم. من جهتها، نقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، عن مصادر وصفتها بـ”وثيقة الاطلاع”، قولها إن اللجان المركزية في درعا التي تتولى عملية التفاوض عن الأهالي “تعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن “خريطة الطريق” لتسوية الوضع في المحافظة، وذلك عبر رفضها تسليم السلاح الخفيف الموجود في مناطق انتشار المسلحين، وترحيل رافضي التسوية وتسليم مطلوبين”. وقالت المصادر إن “اجتماعات تحصل، ولكن لا يوجد أي شيء، والوضع على حاله، ولم يتم إحراز أي نتائج”. وأضافت: “في بداية أي مفاوضات، كلّ طرف يتمسك بموقفه وهذا شيء طبيعي، ولكن خلال أيام قليلة، ربما تكون هناك مستجدات جيدة”. وأوضحت المصادر، أن ممثل اللجان المركزية “يصرّ على رفض تسليم السلاح الخفيف وإجراء عملية تفتيش على السلاح، ويتمسك بعدم تسليم مطلوبين، ويشترط نشر عناصر (من قوات النظام) من قطعات عسكرية محددة، إضافة إلى رفض ترحيل رافضي التسوية”. وبيّنت المصادر أن موقف اللجنة الأمنية (تابعة للنظام) في المحافظة “واضح، ويتمثل بأن هناك فرصة مدتها 15 يوماً للتوصل إلى اتفاق، وإذا لم يحصل اتفاق، فإن آخر الدواء الكيّ”، وفق صحيفة “الوطن”.

في موازاة ذلك، لا يزال آلاف المدنيين في درعا البلد يكابدون تحت وطأة حصار خانق تفرضه قوات النظام، وصفته مصادر محلية بأنه “الأشد منذ عام 2011″. وأوضحت المصادر لـ”العربي الجديد” أنه “منذ نحو شهرين، لا تستطيع عشرات العائلات المتبقية في الأحياء، تأمين أبسط مستلزماتهم الأساسية، فالحصار هذه المرّة من جميع محاور المدينة”. وأكدت أن “الفرقة الرابعة ومليشيات إيرانية تحاصر أحياء درعا البلد من الجنوب والغرب، وتقطع الطريق إلى الريف الغربي، بينما تقطع قوات من الفرقة التاسعة الطريق إلى الريف الشرقي، في وقت أُغلقت جميع الطرق باتجاه مركز المدينة، بما فيها معبر السرايا الذي نزح عبره الآلاف قبل نحو أسبوعين”. وبيّنت المصادر أنه “لا تزال هناك نحو 250 عائلة في الأحياء المحاصرة (درعا البلد – طريق السد – المخيم) لم تجد سبيلاً للخروج من المنطقة، بسبب عدم توفر مكان آمن لها مع إغلاق الطرق المؤدية إلى الريف”. وأوضحت أنه “في حي المخيم الذي يقطنه لاجئون فلسطينيون ونازحون سوريون من الجولان المحتل، تعيش نحو 100 عائلة تحت وطأة الحصار ونيران القناصة ومدافع الهاون. الكهرباء مقطوعة والمياه غير صالحة للشرب”.

في الأثناء، لا يزال الشمال الغربي من سورية عرضة لقصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام والمليشيات المساندة لها، والتي تستهدف الأحياء السكنية والمدنيين في ريف إدلب الجنوبي، والذي تحول إلى خطّ تماس بين هذه القوات وفصائل المعارضة. وذكر الدفاع المدني السوري، أمس الخميس، أن ثلاثة أطفال وأمهم وطفلا آخر، قُتلوا، وأصيب طفل وشاب، في مجزرة ارتكبتها قوات النظام وروسيا صباح أمس بقصف مدفعي بالقذائف الموجهة بالليزر، في قرية بلشون بجبل الزاوية جنوبي إدلب. وأضاف الدفاع المدني على صفحته في موقع “فيسبوك”، أن فرقه انتشلت الضحايا من تحت الأنقاض بعد عمل استمر ثلاث ساعات في ظل صعوبة كبيرة بالحركة، بسبب رصد المنطقة بطيران الاستطلاع.

من جهته، ذكر الناشط محمد المصطفى، لـ”العربي الجديد”، أن القصف تم بواسطة صواريخ موجهة بالليزر “كراسنبول”، ما تسبب أيضاً في دمار كبير للممتلكات، مشيراً إلى أن القصف مصدره قوات النظام المتمركزة في محيط مدينة كفرنبل. كما طاول قصف مماثل لقوات النظام محوري الرويحة وبينين في ريف إدلب الجنوبي، من دون ورود أنباء عن وقوع إصابات بين المدنيين.
وفي شرق البلاد، شنّ مسلحون مجهولون يُعتقد أنهم من خلايا تنظيم “داعش” هجوماً على نقطة متقدمة لمليشيا “حزب الله” العراقي قرب قرية أنباج الواقعة على تخوم البادية السورية، على طريق الرقة -سلمية. وأكدت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أن الهجوم الذي وقع فجر أمس، أسفر عن مقتل عنصرين من المليشيا وأسر أربعة آخرين، مشيرة إلى أن المليشيا المذكورة استقدمت تعزيزات لتمشيط المنطقة بحثاً عن المهاجمين.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى