رامي الشاعر يتحدث لتلفزيون سورية|| عن طرق تعطيل النظام للحل السياسي والدور الروسي

حوار: تيم الحاج

أجرى تلفزيون سوريا حواراً مع الدبلوماسي والمحلل السياسي الروسي رامي الشاعر، ناقش فيه عدة نقاط على الساحة السورية، أكد من خلال بعضها أن نظام الأسد أدخل الحل السياسي للأزمة في سوريا في نفق مظلم كما دفن القرار الأممي 2254، إلى جانب حديثه عن حقيقة التناقضات الروسية الإيرانية ومصير ميليشيات الأخيرة، ومستقبل الجيش الوطني، وعن ما إذا كانت هناك استدارة من النظام نحو الصين عوضا عن روسيا، وعن المخاوف لدى برلمانيين روس من زيادة تقديم الدعم للنظام.

والشاعر مقرب من دوائر الخارجية الروسية، وكان أحد قنوات الاتصال بين مكتب بشار الأسد والمسؤولين الروس عام 2013، وهو من الدبلوماسيين الروس الذين يوجهون انتقادات لاذعة لنظام الأسد ولديه العديد من المقالات في هذا السياق.

بعد تجديد بشار الأسد لنفسه ولاية رئاسية جديدة، كيف تقرؤون ذلك من زاوية مستقبل الحل في سوريا، خاصة وأن عمل “اللجنة الدستورية” دخل في نفق مظلم منذ أشهر، ألا ترى موسكو أن تجديد الأسد لنفسه يزيد الأمور تعقيدا؟

أعتقد أن تجديد الرئيس الأسد لولاية رئاسية جديدة هو تجديد استمرار النظام بكامله لولاية أخرى، دون إجراء أي تغييرات جذرية في بنيته وخاصة العسكرية والأمنية، في ظل انهيار اقتصادي كارثي على الشعب السوري.

النظام في دمشق يعي تماما أن أي تنازل ولو بسيط يعني نهايته ومحاسبته لما وصلت إليه الأوضاع في سوريا اليوم، وهو -أي النظام- يتحمل المسؤولية الأولى، وكل العوامل الأخرى من تدخلات خارجية ومؤامرات على سوريا وعقوبات وحصار اقتصادي.

ودور التنظيمات الإرهابية لا يبرر مسؤولية النظام الأولى في تحمله مسؤولية مأساة الشعب السوري.

نعم القيادة في دمشق تستمر إلى اليوم بإدخال مهام وعمل “اللجنة الدستورية” في النفق المظلم وهذا ليس تعنتا من قبل النظام كما تعبر عنه المعارضة السورية بل هدف مقصود وضعته القيادة في دمشق لدفن قرار مجلس الأمن 2254، وهذه التوجهات من قبل دمشق ليست بمنزلة عثرة لزيادة الأمور تعقيدا بل المقصود منها إفشال جهود موسكو وسعيها لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، والسير في خريطة الطريق لتنفيذه حسب ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي عام 2018.

تعيش اليوم سوريا عامة ومناطق النظام على وجه الخصوص أزمات في كل شيء، في الوقت الذي تقول فيه روسيا إنها تقدّم مساعدات للنظام وتوقع معه اتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد، هل تعتقد أن استمرار الظروف على ما هي عليه الآن سيصعب من مهمة روسيا في سوريا، خاصة مع إصرار الغرب على عدم إعطاء الضوء الأخضر لعمليات إعادة اللاجئين والبدء بالإعمار التي تسعى روسيا للحصول عليه؟

 قدمت روسيا مطلع العام الحالي مليارا ونصف مليار دولار للنظام على شكل قرض من دون فوائد وغير محدد زمنيا استرجاعه، القرض جاء على شكل قمح ومحروقات ومواد أخرى من احتياجات يومية لمقومات الحياة الإنسانية، ولا أعرف إذا كانت روسيا ستستطيع تقديم مساعدات أخرى في المستقبل القريب، حيث هناك تساؤلات في مجلس الدوما عند كثير من البرلمانيين الروس على أي أساس نقدم هذه المساعدات والقيادة في دمشق لا تتجاوب مع عملية الانتقال السياسي الذي تسعى إليها روسيا، وعلى أنه من الأفضل في هذه الحالة توجيه هذه الإمكانيات لدعم تطوير مناطق أخرى في روسيا.

وبالمناسبة هناك تضخيم كبير بخصوص التعاقدات الاقتصادية، بل أكثر من ذلك فإلى الآن ليس هناك قرار سياسي في روسيا لعقد مشاريع ضخمة مستقبلية قبل أن تستقر الأمور ويتم التوافق بين السوريين وتنتهي الأزمة، وما جرى إلى الآن هو بعض الاتفاقيات ومعظمها اتفاقيات نوايا مع شركات خاصة روسية، وبحسب علمي معظمها أيضًا مجمدة.

وفي ما يخص اللاجئين والمهجرين، فأريد أن أؤكد أنه من الصعب جدا حل مشكلة اللاجئين والمهجرين من دون أن يرافقها بداية عملية الانتقال السياسي وإنهاء العقوبات الاقتصادية على سوريا، وهذا ما تسعى إليه موسكو في إقناع النظام والدول الأخرى، بأن هذه العملية يجب أن تبدأ وهي تأخذ طابعا إنسانيا فلا يجوز بقاء الملايين من الشعب السوري خارج بلدهم أو بعيدين عن مناطق عيشهم الأصلية وعلى أنه يجب البدء بعملية إعادة بناء البنية التحتية التي دمرت لتأمين أبسط متطلبات الحياة الإنسانية (سكن، مشافي، مدارس، فرص عمل، ماء وكهرباء).

كيف تقرأ موقف روسيا مما اعتبره البعض استدارة من قبل النظام نحو الصين، هل صحيح أن الصين قادرة على أخذ مكان روسيا في سوريا، خاصة وأن الدور الذي تلعبه الصين عسكريا واقتصاديا في سوريا لا يقارن بروسيا؟

هناك تطابق كامل بين موقف وسياسة روسيا والصين بخصوص الأزمة السورية والتعاون واضح لكل العالم من خلال التنسيق في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي فيما يخص سوريا هذا على صعيد الأزمة السورية. أما فيما يخص علاقة الصين مع سوريا فهذا شأن صيني سوري في بناء علاقاتهم الثنائية اقتصاديا وعسكريا، وروسيا لا تعتبر هذا شأنا سياديا لا يجوز لأي طرف التدخل فيه.

هل هناك تناقضات إيرانية روسية في سوريا، وهل ممكن أن يصل الإيرانيون والروس إلى طريق مسدود في سوريا نظرا لزيادة السعي من الطرفين إلى التمكين أكثر  اقتصاديا وعسكريا في سوريا عبر العقود والاتفاقيات مع نظام الأسد؟

لا توجد تناقضات إيرانية روسية، يمكن أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة بخصوص الخروج من الأزمة التي تمر فيها سوريا، وتجري لقاءات ومشاورات مستمرة يتم التنسيق أيضا مع ممثلي النظام لإيجاد قاسم مشترك يرضي الجميع، وإيران هي عضو في مجموعة أستانا وتنسق مع روسيا وتركيا وتجري اجتماعات دورية لهذه المجموعة وبياناتها واضحة ولها الدور الرئيسي في وقف الاقتتال في سوريا والحفاظ على مناطق التهدئة.

أما بخصوص العقود والاتفاقيات الاقتصادية والمساعدات العسكرية بين دمشق وطهران هذا شأن سيادي لا تتدخل فيه روسيا، وبالمناسبة أريد أن أؤكد على أنه هناك علاقات جيدة بين روسيا وإيران والكل يعلم دور روسيا في التوصل إلى اتفاق بخصوص الملف النووي الإيراني وإنهاء العقوبات والحصار من قبل واشنطن والغرب على إيران والذي أيضا انعكس على الحياة اليومية للملايين من الشعب الإيراني.

ما هي حدود التفاهمات بين روسيا وتركيا في سوريا، هل هي آنية مرتبطة بتفاهمات بينية لها علاقة بملفات خارج الحدود السورية، وماذا عن إدلب هل ستقبل روسيا ببقائها خارج سيطرة النظام وفق تصريحاتها؟

وكيف تعتقد أن يكون شكل الحل الذي تريده روسيا في سوريا وفق وجود قوى كردية خاضعة لأميركا وميليشيات إيرانية رافضة للحل وقوات النظام مع الجيش الروسي وغيرها من التناقضات؟

موضوع إدلب هو مؤقت وهناك تنسيق واتفاق كامل بين مجموعة أستانا وكذلك اتفاق بين الرئيس الروسي بوتين والتركي أردوغان والرئيس الإيراني السابق روحاني، وقد كتبت كتابا كاملا من 312 صفحة صدر سنة 2018، سميته “سوتشي 2018 الطريق إلى السلام” فيه كل التفاصيل بكل الاتفاقيات بما في ذلك إدلب وضواحيها.

ليس هناك أي تصريحات روسية تشير لا عن بعيد أو قريب عن بقاء إدلب خارج السيادة السورية بل عكس ذلك كل الاجتماعات سواء على مستوى مجموعة أستانا أو الثنائية بين روسيا وتركيا تؤكد دائما على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وهذا بالطبع ينطبق على شمال شرقي سوريا والقوى الكردية أيضا تعي وتحترم وحدة الأراضي السورية. وأن وضعها مؤقت بهذا الشكل وعلى أنه أولا وآخرا سيتم الاتفاق على كيفية تحقيق مطالبهم الخاصة بحرية حقهم بالحياة والتمتع بممارسة عاداتهم و تقاليدهم وثقافتهم ولغتهم في مناطقهم ضمن الأراضي السورية.

هناك تغلغل إيراني واسع النطاق في المؤسسة العسكرية السورية، يتخوف منه كثير من السوريين، هل تدرك روسيا حجم هذا الخطر وكيف تعتقد أنها ستتخلص منه إذا كانت صحيح تريد إيجاد حل سياسي حقيقي في سوريا يرضي الأطراف المتنازعة؟

بخصوص ميليشيات إيران وغيرها هذا أيضا وضع مؤقت يقرره السوريون في المستقبل، وأتمنى أن يكون قريبا جدا.

كيف ترى مستقبل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا؟

الجيش السوري الحر هو جيش من مجموعة كبيرة من الضباط والمجندين السوريين الذين لهم رؤيتهم وفي كثير من الأحوال كانوا على حق وأكيد بعد التسوية السورية سيكون لهم دور في الجيش السوري الذي سيتم أيضا إعادة النظر بتشكيلته.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى